الجامعات العربية تدفع تكلفة الفساد

2013/10/13
التاريخ : 13/10/2013

أصدرت منظمة الشفافية الدولية مؤخرا تقريرا بعنوان “تقرير عن الفساد في العالم: التعليم”، وهو التقرير الأول للمنظمة الذي يبحث الفساد في مجال التعليم. إلا أن التقرير بالكاد يغطي هذه المسألة في الجامعات العربية.

بالطبع لا يعود السبب في ذلك لغياب الفساد عن العالم العربي. في الواقع، نحن نعلم أن الفساد في جامعات المنطقة يؤثر على القبول، التصنيف والإدارة. يتوجب على الجامعات العربية الاعتراف بالتكاليف الخفية للفساد- والذي غالبا ما ينطوي على منح أصحاب العلاقات الأفضل، والذين لديهم مالا أكثر أو يحملون أسم عائلة متميز منفذا إلى الجامعات والدرجات العليا. إن الفساد يقوض الشرعية والكفاءة التي تدعي الجامعات توفرها.

يعاني القبول للجامعة تحديدا من الفساد. في العديد من البلدان، يستخدم الطلاب علاقات عائلاتهم للفوز بالمقاعد الشحيحة في برامج جامعية محددة. في إحدى المرات، وخلال انتظاري للقاء في وزارة التربية والتعليم الأردنية، كان هنالك 10 رجال في البهو أيضا يحاولون الحصول على دقيقة أو اثنتين مع الوزير لبحث وضع أفراد الأسرة.

الغش في امتحانات التخرج هو أيضا جزء من سلسلة الفساد. على الرغم من أن مسؤولية الغش غالبا ما تقع على الطلاب والعائلات، إلا أن تحقيقا صحافيا بقلم الصحافي مصعب الشوابكة، نشر على موقع شبكة أريج للصحافة الاستقصائية، حول الغش في الثانوية العامة الأردنية (التوجيهي)، أكد أن العديد من المسؤولين عن التعليم يغضون الطرف عن الغش.  إن حلقات الغش هذه تسمح لبعض الطلاب بالوصول إلى جامعة بصورة غير عادلة، وتخلق التوتر، حيث يجتمع الطلاب ذوي المؤهلات المنخفضة جنبا إلى جنب مع أقرانهم الذين تم قبولهم بدون غش.

وتعتبر وضع الدرجات مجالا آخر للفساد. خلال عملي الميداني في سوريا، شكى معظم الطلاب من معاملة غير عادلة بشكل فاضح من جانب الأساتذة. اشتكى البعض أن بعض الأساتذة يفرقون في التعامل بين الطلاب والطالبات، بحيث يمكن للطالبات الجميلات اجتياز الامتحانات في حين يفشل جميع الطلاب في تحقيق ذلك بغض النظر عن أدائهم الفعلي. وأخبرني طلاب آخرون أن بعض الأساتذة  يفضلون في بعض الأحيان رسوب جميع الطلاب. عندما لا يربط الطلاب بين الاجتهاد والحصول على درجات جيدة يفقدون الحافز على دراسة موادهم.

لكن يمكن للأساتذة أن يتعرضوا أيضا لضغوط. ففي السعودية، يتعرض العديد من أعضاء هيئة التدريس، بما في ذلك أعضاء هيئة التدريس الأجانب، إلى ضغوط لتمرير الطلاب الذين فشلوا بشكل واضح. في الواقع، لقد سمعت من الأساتذة أنهم يهددون بخسارة وظائفهم إذا ما اعترضوا على تمرير الطلاب ذوي العلاقات.

وتؤدي خصخصة التعليم العالي إلى تفاقم هذا الاتجاه. إذ قال لي أساتذة في بعض الجامعات الخاصة في الأردن إنه على الرغم من رغبتهم بإعطاء بعض الطلاب علامات متدنية، إلا أن ضغوط الإدارة تدفعهم لتمرير نسبة معينة من الطلاب. بعد كل شيء، يبدو وكأنه من المنطقي أن هؤلاء الطلاب هم الذين يدفعون للدراسة، وتحتاج الجامعة للرسوم الدراسية!

عندما يتمكن الطلاب من النجاح من دون تعلم، فإن قيمة درجاتهم تصبح بلا معنى. وستجد الجامعات صعوبة في جذب الأساتذة الذين يهتمون بالتدريس الجيد والذين يرغبون في فرض معايير صارمة على الطلاب.

كما أن إدارة الجامعة هي أيضا عرضة للفساد. ففي الأردن، تم السماح لطلاب جامعة مؤتة الذين فصلوا من الجامعة بسبب التحريض على العنف عام 2011 بالعودة في العام اللاحق  بسبب الصلات مع مديري الجامعات، كما ذكرت في تقريري المنشور في صدى.

لاحقا تسبب الطلاب في شجار آخر عام 2012 أدى إلى وفاة أحدهم. ففي الأردن، يتفشى العنف داخل الحرم الجامعي وغالبا ما تعتبر المشكلة خارج نطاق السيطرة. إلا أن العديد من الجامعات قادرة على تخليص نفسها تماما من هذه المشكلة في حال وجود سياسات إدارية صارمة.  ليس من المبالغة القول بأن العنف داخل الحرم الجامعي في الأردن، والذي يتسبب بأضرار مكلفة للغاية على الجامعات، هو في جزء كبير منه مرتبط بفساد القبول والممارسات الإدارية.

تعتبر الجامعات من كبار أرباب العمل في المنطقة ويستشري الفساد في ممارسات التوظيف في بعض الدول. إذ تشكل الضغوط السياسية لتعيين الموظفين تكلفة حقيقية للغاية على الجامعات. وفي الوقت الذي تخفض فيه ميزانيات الجامعات في الأردن، فإن اختيار الموظفين يشكل في كثير من الأحيان ضغطا على الجامعات لتعيين الموظفين كنوع من المحسوبية السياسية. وقال لي عميد سابق في جامعة الحسين بن طلال في معان إن لدى الجامعة، الواقعة في الصحراء، 800 بستاني على جدول الرواتب. في بلدان أخرى، سمعت أنه يجري التعاقد مع أساتذة من دون مؤهلات مناسبة بسبب صلاتهم وليس خبراتهم.

أخبار ذات صله