الطائرة المسيرة
المفهوم: الصوت والبيئة المحيطة.
ملأ صوت الطائرات المسيّرة (الدرون) أرجاء المعرض، ليخلق بيئة مقلقة تعكس التهديد المستمر الذي يعيشه الصحفيون في غزة تحت المراقبة المستمرة.
وسط التحديات المتصاعدة التي تواجه حرية الصحافة، سلط ملتقى أريج السنوي السابع عشر الضوء على صمود الصحفيين من خلال معرض فني مبتكر بعنوان "UNPRESS"، وهو استكشاف قوي للصحافة في غزة. من خلال دمج الصحافة الاستقصائية بالقالب الفني؛ قدّم المعرض للحضور تجربة مختلفة تسلط الضوء على قمع الحقيقة وتحتفي بشجاعة الصحفيين الفلسطينيين.
نُظّم ملتقى أريج السنوي السابع عشر في الفترة من 6 إلى 8 ديسمبر 2024 بعمّان، حيث جمع أكثر من 750 مشاركاً وجاهياً ونحو ألفين و300 مشارك افتراضياً. تحت شعار "صحافة بلا قيود"؛ ركّز الملتقى على التهديدات المتزايدة التي تواجه حرية الصحافة، كما ناقش سبل حماية الصحافة المستقلة.
الرقابة والقمع بعد الحروب والصراعات الإقليمية.
الرقابة الخوارزمية، والتحكم في المحتوى عبر الذكاء الاصطناعي، وقيود المنصات الرقمية.
تأثير التغير المناخي وعدم المساواة في حرية الصحافة.
استراتيجيات مواجهة العنف، والتحرش، وتهديدات الأمن الرقمي.
أكد الملتقى قوة الصحافة الاستقصائية في مواجهة الفساد، وتعزيز الشفافية،
ومساءلة أصحاب السلطة. كما سلّط الضوء على أهمية التحقق من المعلومات
والسلامة الرقمية للحفاظ على مصداقية وسائل الإعلام.
للعام الثاني على التوالي، دمجت أريج الفن بالصحافة لعرض التحقيقات الاستقصائية من خلال معرض متعدد الحواس. تم تنظيم المعرض بالتعاون مع المهندس المعماري الأردني يزن ست أبوها وبدعم من السفارة النرويجية، ليعكس التحديات العميقة التي تواجه الصحفيين في غزة
يزن ست أبوها هو مهندس معماري أردني معروف برسوماته التفاعلية وتركيباته الفنية الفريدة التي تتبع نهجاً تبسيطياً للتفاعل مع أنثروبولوجيا اللغة والتاريخ المجسد. وغالبًا ما يستكشف في أعماله المساحات المهمشة ودورات التفكيك وإحياء السرديات المنسية.
استوحى معرض UNPRESS إلهامه من سلسلة تحقيقات "مشروع غزة"، التي توثق قمع الصحافة في فلسطين. ولتحويل هذه التحقيقات إلى تعبيرات فنية قوية، عمل المهندس يزن ست أبوها عن كثب مع الصحفيين القائمين على المشروع، حيث قرأ التحقيقات بدقة وانخرط في نقاشات معمّقة حول كيفية تجسيد قصصهم فنياً.
من خلال مزيج من التركيبات التفاعلية، والمؤثرات الصوتية المعبرة، والأعمال الفنية متعددة الوسائط، كشف المعرض عن المحاولات المنهجية لإسكات الصحفيين، وفي الوقت نفسه، أبرز صمودهم في وجه القمع والمخاطر التي يواجهونها أثناء نقل الحقيقة.
نظّمت أريج خلال الملتقى جولتين إرشاديتين، قدّم خلالهما يزن ست أبوها رؤيته حول عمليته الإبداعية، وأوضح كيف تم إعادة تصور تحقيقات "مشروع غزة" في شكل تركيبات فنية، بحيث تحكي كل قطعة قصة تجمع بين الشجاعة والقمع، مسلطًا الضوء على التحديات التي يواجهها الصحفيون في غزة من خلال لغة الفن والتجربة الحسية.
لم يكن المعرض مجرد مساحة عرض، بل تجربة حسية متكاملة تفاعل معها
الزوار عبر السمع واللمس والرؤية. على سبيل المثال، تمكن الحضور من:
ارتداء سترات واقية من الرصاص – رمز للحماية والضعف في آنٍ واحد.
الاستماع إلى صوت الطائرات المسيّرة، الذي دوّى في أرجاء المعرض،
معبّراً عن التهديد المستمر بالمراقبة الجوية في سماء غزة.
هذه المقاربة التفاعلية جعلت الزوار لا يكتفون بمشاهدة قصص غزة، بل
يشعرون بها ويعيشونها.
من خلال التجارب الحسية، نقل كل عمل فني في المعرض جانباً من النضال من
أجل حرية الصحافة، ما يجسّد المخاطر وحالة الصمود التي يواجهها الصحفيون
في غزة.
ملأ صوت الطائرات المسيّرة (الدرون) أرجاء المعرض، ليخلق بيئة مقلقة تعكس التهديد المستمر الذي يعيشه الصحفيون في غزة تحت المراقبة المستمرة.
عُلقت سترات واقية من الرصاص في السقف وتُركت بعضها على الأرض، لكن بدلاً من أن تحمل كلمة PRESS، كانت عليها رموز QR، في إشارة إلى الاستهداف الرقمي للصحفيين عبر الذكاء الاصطناعي والحروب الدقيقة.
جسّد هذا العمل استهداف برج حجي، مسلطاً الضوء على التداخل بين الواقع، والحقيقة، والتلاعب بالسرديات. من خلال استخدام مواد مختلطة وزوايا متغيرة، أبرز العمل الفني تعقيد الرواية، ما شجع الحضور على إعادة التفكير في كيفية تشكيل الحقائق والتأثير فيها.
جسّدت لوحة أكريليك فائقة الواقعية اللحظة التي استهدفت فيها القوات الإسرائيلية معدات الصحفيين عميد وربيع، في مشهد يجمع بين المأساة والدقة. عكست اللوحة الاستهداف المتعمد للصحفيين وأدواتهم، مسلطةً الضوء على الهشاشة المتزايدة لحرية الصحافة في مناطق الصراع.
جدران قماشية مليئة بثقوب الرصاص تعرض مشاهد غزة قبل وبعد الدمار. عن قرب، تحولت الجدران إلى نصب تذكاري يخلد المدينة وسكانها وتضحيات شهداء الصحفيين.
تم تقديم طبق الخبيزة الفلسطيني التقليدي للحضور، ليخلق رابطاً حسياً يدمج الحضور في ثقافة غزة وتراثها.
ارتدى الزوار دبابيس الصحافة (شارات صحفية) (Press Pins) تكريماً لشجاعة الصحفيين في غزة. كما تعهدوا بعدم نزعها حتى يُحاسب المسؤولون عن استهداف الصحفيين.
لم يكن معرض UNPRESS مجرد عرض فني؛ بل كان صرخة قوية من أجل حرية الصحافة
وصمود الإنسان. من خلال الإبداع والسرد القصصي، نجحت أريج في تحويل
الصحافة الاستقصائية إلى تجربة إنسانية مؤثرة، تربط بين الحقائق
والمشاعر، وتحث الحضور على التفاعل واتخاذ موقف لنصرة حرية الصحافة
وتكريم تضحيات الصحفيين الفلسطينيين.
عبر دمج الفن بالصحافة، جسّد المعرض قصص الصحفيين الذين يخاطرون بحياتهم
لكشف الحقيقة، مقدماً تجربة لا تُنسى تخلد حكايات غزة وتجعلها حية في
ذاكرة كل من زار المعرض.