براءة منقوصة- منار حافظ

2016/08/24
التاريخ : 24/08/2016

إحساس الموقوف بالظلم على ضياع أيامه ووظيفته في الحبس إضافة لتأثر حياته الاجتماعية رغم حصوله على حكم بالبراءة، كان دافعاً لبدء العمل على تحقيق يسلط الضوء على قضايا عديدة لمسنا بعضها خلال عملنا في المجال الصحافي.

كان لشبكة أريج للتحقيقات الاستقصائية ومشرف التحقيق الأستاذ يحيى الشقير دور أساسي في دعم مسار تحقيق (براءة منقوصة). اخترت أن أبحث في قضايا الموقوفين قضائياً الحاصلين على حكم بالبراءة، محاولة الابتعاد عن أي قضايا قد تثير جدلاً على الصعيد الاجتماعي، رغم إيماني الكامل بأحكام القضاء التي قضت بتبرئتهم أو عدم مسؤوليتهم عن الجرائم التي اتهموا بارتكابها.

لم أبحث في تحقيقي عن حالات أوقفت لمدة أطول من مدة الحكم، ساعية لأن أثبت أحقية أكثر المتضررين من التوقيف بالتعويض. للحصول على النتائج المرجوة من التحقيق بدأنا بطرح أسئلتنا على المختصين من محامين وقضاة والمراكز الحقوقية المختصة والمسؤولين في الحكومة، إضافة للاستعانة بالمواقع القانونية التي تملك قاعدة بيانات خاصة حول المحكومين مثل (قسطاس).

واجهتني عدة صعوبات تمثلت في عدم إيمان بعض المعنيين بأهمية قضية التحقيق، لكن تعاون مسؤولين ومحامين وقضاة معنا منحنا دافعاً أكبر للاستمرار، خاصة بعد مقابلة متضررين من التوقيف.

من الصعوبات التي واجهتني كذلك تردد متضررين في فتح ملفات الذاكرة مجدداً إما خوفاً من المجتمع أو لعدم الرغبة بالتطرق لخوض غمار المحاكم مرة أخرى، خاصة في ظل عدم وجود نص تشريعي في القانون الأردني ينص على تعويضهم. استندت في بحثي إلى تجارب دول عربية وأجنبية نصت قوانينها أو دساتيرها على تعويض المتضررين من التوقيف مثل السعودية ومصر والجزائر وفرنسا، كما استعنت باستبيان غير علمي أجريته مع 20 محامياً.

لجأت لدراسة أجراها مركز العدل للمساعدة القانونية عام 2012 حول أعداد الموقوفين الحاصلين على حكم بالبراءة، خاصة في ظل غياب معلومة رسمية حول أعدادهم.

ساعدتني إحصائيات المركز الوطني لحقوق الإنسان في الحصول على أرقام دقيقة حول أعداد الموقوفين قضائياً من عام (2011- 2015). الأردن وقع على اتفاقيات دولية تلزم بتعويض المتضررين من التوقيف مثل (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية)، لكن توصلنا بعد الرجوع للجهات المعنية وكذلك المتضررين إلى ضرورة أن يكون هناك نص تشريعي في القانون الأردني يلزم بتعويض المتضررين.

كانت ردود الأفعال الأولية بعد نشر التحقيق في موقع حبر الإلكتروني بتاريخ (21-8-2016) مستجيبة لأهمية التحقيق، سواء على صعيد الصحافيين والمختصين أو على صعيد القراء.

لفتني أن ما كنت أجد فيه صعوبة قبل نشر التحقيق بدا أيسر بعد نشره، حيث بدأ المتضررون من التوقيف بالحديث عن قضاياهم وتناقل التحقيق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما أكد مختصون على أهمية إيجاد تشريع يجيز التعويض للمتضررين.

في ظل اقتراب موعد الانتخابات النيابية وطرح الحكومة لمسودات لتعديل قوانين مثل قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون العقوبات، نطمح لأن يسعى النواب للنص على تعويض ضحايا التوقيف في التشريع المحلي.