هيرش: الصحافيون العرب يمرون بأوضاع عسيرة لكنها تشكل "فرصة ذهبية"

2014/12/9
التاريخ : 09/12/2014

 

 الصباح – اعتبر أيقونة الاستقصاء العالمي سيمور هيرش أن الصحافيين العرب يعيشون أوقات عسيرة وسط الاضطرابات والقلاقل، لكنّه رأى فيها أيضا “عصرا ذهبيا” لبناء صحافة حقيقية. 

” مع أن بلدانكم تمر بوقت عسير ورهيب إلا أنكم تعيشون أيضا في العصر الذهبي للصحافة – لأول مرة- فلديكم الآن في ذات الوقت حرب عالمية ثانية وحرب باردة وحرب فيتنام”.

وشدّد هيرش – الحائز جوائز عالمية على كشفه مجازر ووقائع تعذيب خصوصا في فيتنام والعراق- على أن هدف الصحافي هو البحث عن حقائق مضادة للسرد الرسمي للحكومات لأن جميعها “فاسدة وبدون صدقية”. ورأى أيضا أن 70 % من رؤساء التحرير في بلاده “جبناء يتماهون مع السلطة لأن المال” يهيمن على هذه الصناعة.

وفي حوار مع المشاركين في ملتقى أريج السابع، نصح هيرش الصحافيين الشباب ب”كتابة قصتهم في المقام الأول بصرف النظر عن موافقة رؤساء التحرير  على نشرها”. ورأى أن أهمية التحقيق الاستقصائي لا تكمن في ثقل الوسيلة الإعلامية التي تنشرها “بل المهم أن تنشر وتنتج الرواية المضادة وبهذا تصنع التغيير”.

وبعد أن استذكر صعوبة نشر تحقيقاته في وسائل الإعلام التي كان يعمل فيها بسبب جرأتها وبعدها عن الخط الرسمي، حثّ الصحافي الأمريكي زملاءه العرب على البحث عن مخارج لنشر أخبارهم، من بينها مواقع التواصل الاجتماعي.

ونصح الصحافيين الشباب بالنبش في قضايا الفساد المحلي وتهميش الفقراء، معتبرا أن الأوضاع متشابهة في العالم؛ “رجال السلطة يستغلونها لجمع المال ليصبحوا أغنياء بينما يتزايد الفقراء في بلادهم”.

وأشاد بالمشاركين في ملتقى أريج، معتبرا أن  انتاجاتهم “مدهشة كما أن وجود الصحافيات بينكم جزء من التغييرات المذهلة في الشرق الأوسط”.

وأضاف: “لا أفكر بشيء أفضل لمهنة الصحافي من وضعكم حاليا، فأنتم تقفون من أجل الحرية، والمطلوب منكم فقط إعلام الناس بما يجري”.

ودعاهم إلى استقاء المعلومات التي تنشرها الحكومات والشركات الكبرى من خلال “مراقبة من يستقيل أو يتقاعد مبكرا من الحكومة أو الجيش أو شركة ما، فربما تكون وراءه قصة فساد يمكن أن يكشفها لك”.

وأشار هيرش إلى العديد من الأحداث الواجب كشفها في المنطقة في إطار التغييرات في المشهد الإقليمي والحرب على “داعش”، بما في ذلك التحالفات الجديدة قيد التبلور.

وتساءل أمام المشاركين: “إيران تضرب داعش، الطيران السوري يتحرك في المنطقة، أمريكا وحلفاؤها يقصفون. الكل يقول إنه لا يوجد تنسيق ولكن لا أحد يحرك مقاتلاته إذا لم يعرف أن الجو آمن. إيران تساعد طالباني وبرزاني (المتناقضين) في الوقت ذاته”؟ وأردف قائلا: “هناك تغيير كبير يجري في المنطقة وهذا مزعج للسنّة”، في إشارة إلى حلفاء أمريكا التقليديين، لا سيما السعودية المناهضة لإيران.

وبعد أن اعتبر أن الرئيس السوري بشار الأسد سيجتاز الأزمة الحالية، نصح هيرش “المعارضة بالتفاوض على تشكيل حكومة سورية معتدلة”. وأكد أن “العديد من ضباط الجيش الحر عقدوا صفقات مع النظام ولم يعد هناك جيش حر. لن يذهب بشار ولن تقتلوه، لذا حاولوا الحصول على حكومة معتدلة”.

وبناء على لقاءاته مع مسؤولين أمريكيين، توقع هيرش تبلور “لعبة جديدة في المنطقة تدخل فيها إيران كلاعب قوي، لأن قصة المفاعل النووي الإيراني انتهت”.

وبعد أن تحدث عن تعرضه لتهديدات عقب نشر قصصه ومثوله أمام القضاء سبع مرات بسبب كتاباته، أكد هيرش أن الصحافيين العرب يواجهون أكبر مخاطر في التاريخ؛ “الاستهداف المباشر قتلا”. وهذا يجعل مناطق واسعة وخاصة تلك التي تحت سيطرة “داعش خارج نطاق التغطية لنعرف منها ما يجري حقيقة على الأرض”.

“لن أحثكم على كتابة قصة قد تقتلكم. هذه مهمة قاسية لا نواجهها في الغرب. شجاعة منكم أن تفعلوا ما تفعلونه”، حسبما قال، لافتا إلى أن: “مجرد حضور الشباب ملتقى أريج لتحسين عملهم رغم المخاطر لأمر مثير للإعجاب والاحترام في الغرب”.

وردا على سؤال عن فائدة كتابة قصة لا تجد طريقها للنشر، أجاب هيرش: “لا يمكن للصحافي أن يتراجع عن الكتابة رغم أن عليه أن يحذر، وعليه نشر المعلومات التي لديه أملا بحدوث تغيير”.

وحول تحقيقه عام 2012 عن  استخدام السلاح الكيماوي في سورية، قال هيرش إن ذلك التحقيق كان “سردا مضادا للرواية الرسمية التي تبناها البيت الأبيض عن وجود خط أحمر ستتصرف أمريكا إذا تجاوزه النظام السوري”.

وشهد اليوم الثالث والأخير من ملتقى أريج 10 ورشات تدريب وجلسات حوارية.

المدرب إيهاب زلاقي (مصر) شرح مفهوم الانفوجرافكس (الأشكال البصرية)، فيما عرضت أستاذة التحقيقات والتغطية الدولية في جامعة نيوورك/ ألباني د. روزماري آرماو أهم وسائل الحصول على المعلومات من المصادر وكيفية التعامل معها. ونصحت الصحافيين بتأسيس “بنك خاص من المصادر”، منبهة إلى أن “مصدرا واحدا غير مسمى لا يكفي في القصة الصحفية”. وقدمت بريجيت ألفر مديرة journalismfund.eu فكرة مكثفة للمشاركين حول مبدأ عمل مؤسسات الإتحاد الأوربي وآليات توزيع السلطات فيه.

وطرحت ألفر إمكانية تعاون صحافيين من الإتحاد الاوروبي مع صحافيين عرب – من خلال أريج- لدعم تحقيقات عابرة للحدود بهدف تعقب مآلات المشاريع والمنح الأوروبية في الدول العربية.

الخبيران درو سوليفان محرر مشروع تغطية الفساد والجريمة المنظمة، وفرانك سميث المدير التنفيذي لمؤسسة أمن الصحافي العالمي استعرضا كيفيةً مواجهة المخاطر التي تواجه الصحافيين أثناء تتبع الجماعات المتطرفة وعصابات الجريمة المنظمة.

وشرح صانع الأفلام الدنماركي ميكي مستاراتي تجربته في العمل الاستقصائي التلفزيوني والإذاعي، وكيفية تحويل القصة الاستقصائية الى وثائق خاطفة. وتحدث عن صيغة ابتكرها في الانترنت للأفلام الوثائقية مشيراً إلى أهمية تقطيع الفلم إلى ثلاثة أجزاء وتوزيعه لشاشات صغيرة.

وشارك الصحافي المتقصي اللامع مارك هنتر الأريجيين طريقته في التوثيق والترتيب المنهجي للمواد التي ستنتج في النهاية مخططا للقصة.

وأعطى عضو مجلس إدارة “أريج” نيلز هانسن (السويد) الصحافيين نصائح حول إدارة فرق التحقيقات الاستقصائية ونماذج من تجاربه.

وفي جلسات متوازية، استمع المشاركون إلى تجارب معدي تحقيقات استقصائية بإشراف أريج في سورية، لبنان، فلسطين، مصر، تونس، اليمن، الأردن والعراق (بالتعاون مع شبكة نيريج).

ويختتم الملتقى أعماله مساء اليوم الأحد بالإعلان عن جوائز أريج 2014.

منذ نشأتها أواخر 2005، دربت أريج 1530 صحافيا ومحررا وأستاذ إعلام وطالبا. وساهمت في تأسيس وحدات استقصاء في عدة وسائط إعلام في الأردن، فلسطين، مصر، لبنان واليمن، كما أشرفت على نشر/ بث قرابة 300 تحقيق استقصائي. وتستخدم عدة كليات إعلام مساق “أريج” المبني على منهجيتها الميدانية في تدريس ثلاث ساعات معتمدة لطلبة البكالوريوس.

أخبار ذات صله