ملتقى مغاربي يبحث التشبيك مع “أريج” للإفادة من خبرتها التراكمية في نشر صحافة الاستقصاء الممنهجة في تلك الدول

2011/07/18
التاريخ : 18/07/2011

الرباط – عبر مشاركون في الملتقي المغاربي الأول حول صحافة الاستقصاء عن رغبتهم في تدعيم التعاون المهني مع شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج) للاستفادة من خبرتها “الغنية والتراكمية” في مجال نشر هذا الضرب المتخصص على أسس منهجية في هذه المنطقة، التي تموج بالتغييرات وسط نجاحات في رفع القيود عن الإعلام. وشكل الملتقى الذي اختتم أعماله في الرباط يوم الأحد 17 تموز لجنة تنسيقية مؤقتة برئاسة ماريا مكريم، رئيسة الجمعية المغربية لصحافة التحقيق (أمجي) وعضوية زملاء من المغرب، تونس وموريتانيا، وذلك بهدف وضع خطة عمل نحو نشر صحافة الاستقصاء في المغرب العربي مستفيدين من زخم رياح التغيير والإصلاح التي تهب على المنطقة منذ إزاحة نظام زين العادين بن علي. وأكد صحافيون شاركوا في الملتقى رغبتهم في حضور المؤتمر السنوي الرابع للصحافيين الاستقصائيين العرب، المقرر أن تعقده أريج في عمّان بين 2 و4 ديسمبر 2011. وقال المعطي منجب، عضو مجلس إدارة أمجي، إن اللجنة ستحضّر الأرضية لأعمال الملتقى الثاني لصحافيي الاستقصاء في المغرب العربي. كما ستحدد الهيكل التنظيمي لهذه المجموعة بما فيها احتمالات بقائها كلجنة تنسيقية أو تسجيلها كجمعية أو إدخالها تحت مظلة شبكة “أريج”، التي تأسست في عمّان قبل خمس سنوات وتنشط حاليا في تسع دول عربية بما فيها تونس. وأكد منجب أن صحافيي المغرب العربي “يتطلعون للتعاون مع “أريج” بكل زخم للاستفادة من تجربتها الرائدة عربيا ومن خبرتها التراكمية” في تعزيز ثقافة الاستقصاء غير التقليدي المبني على مفاتيح مباشرة لكشف المستور بهدف تفعيل مبدأ المراقبة والمحاسبة لمصلحة المجتمعات المحلية. وأنجزت “أريج” أكثر من 120 تحقيقا استقصائيا، غالبيتها أحدثت تغييرات إيجابية في مجتمعات الأردن، سورية، لبنان، مصر، العراق، فلسطين، البحرين، اليمن وتونس. نظّم ملتقى الرباط كلاَ من جمعية (أمجي) بالتعاون مع مركز أبن رشد للدراسات والتواصل ومؤسسة دعم الإعلام الدولي (أي. أم.أس) في كوبنهاغن. النقاشات التي تواصلت على مدى يومين، تمحورت حول دراسة السياق والأسباب الموضوعية لتفعيل العمل الاستقصائي في غرف التحرير المغاربية (تونس، المغرب ولاحقا على الأرجح الجزائر وليبيا وموريتانيا) وقالت مكريم إن “رياح الإصلاح السياسي، الاقتصادي والمجتمعي التي ضربت المنطقة توفر فرصة جديدة لتعزيز هذا النمط من العمل الصحافي في المغرب العربي، الذي ما يزال يعاني خللا ذاتيا وموضوعيا بشكل يؤثر مباشرة في مروديه وأداء التحقيقات الاستقصائية كأحد “سرايا او اعمدة السلطة الرابعة”. واعتبرت أن هذه المبادرة المغاربية الأولى تعقب سلسلة من الملتقيات الوطنية وورشات التأهيل (التكوين) وعدة أنشطة، وتضع نصب عينها ضرورة توطين هذا النمط الإعلامي وتسليحه بالميكانيزمات والأسس النظرية الضرورية وتدعيمها بتقنيات مراقبة الجودة واحترام أخلاقيات المهنة. ويسعى هذا الملتقى لفتح نقاش موسع في قضايا حرية التعبير بشمال إفريقيا، بخاصة بعد “ظهور مفاهيم جديدة لواقع الصحافة التونسية في خضم الحراك المغاربي والعربي الأخير”. فهذا التغيير العاصف يطرح لدى مختلف الصحفيين واقعا جديدا عير مسبوق يتطلب التعاطي معه بإيجابياته وسلبياته ومحاولة فهمه في سياق الظروف المجتمعية الحديثة لتي تستدعي انخراطا قويا للصحافة عامة والتحقيق بشكل خاص”، على ما أضافت. يشار إلى أن (أمجي)، التي تأسست عام 2009، تضم أكثر من 150 صحفيا من مختلف المحافظات المغربية خضعوا لدورات تأهيل (تكوينية) قبل انخراطهم في هذه المهمة الصعبة والتخصصية. وستتكئ المنظمة أيضا على أكثر من 40 إعلاميا تونسيا دربتهم شبكة “أريج” خلال الأشهر الأربعة الماضية لرفد الحركة الاستقصائية المغاربية. المديرة التنفيذية لشبكة أريج رنا الصباغ استعرضت الفرص والتحديات التي تواجه مبادرات نشر التحقيق الاستقصائي في المشرق العربي بناء على تجربة الشبكة، الأولى على مستوى الإقليم التي أدخلت مفهوم الصحافة الاستقصائية للعالم العربي. وأوضحت الصباغ أن ملامح العقلية العرفية السائدة ونقص المهارات الفنية لدى الصحافيين، والتابوهات السياسية والقانونية والمجتمعية ما انفكت تقف عائقا أمام تطوير هذا النمط الإعلامي القائم على توثيق المعلومات وسرد القصة كما هي وليس كما يراد من الصحافيين أن يرووها. وقالت إن الشبكة قطعت مع ذلك شوطا كبيرا في تحقيق أهدافها في منطقة ما تزال غالبية حكوماتها تقيد الحريات الإعلامية، إذ أشرفت على إنجار أزيد من 120 تحقيقا في العمق تناولت قضايا مجتمعية كشفت المتسببين، بقصد أو بدون قصد، وساهمت في تشجيع الحكومات على تعديل قوانين وتعليمات لمعالجة الثغرات وتحقيق العدالة. أجواء الثورات العربية كشفت ضرورة قيام السلطة الرابعة بدورها الرقابي في كشف الفساد وتحقيق العدالة المجتمعية لكي تكون حلقة الوصل بين الرأي العام والحكومات من جهة وتعزيز الممارسات والسلوكات الإيجابية بعيدا عن التخندق والتهويل والتشهير. في تونس، حيث كان النظام السابق يصنف بين الأنظمة العربية الأشد عداء للحريات الإعلامية، سنّت الحكومة المؤقته قانونا جديدا يضمن حق الحصول على المعلومات ضمن منظومة قوانين تعزز الحريّات الإعلامية. لكنها ربطته باستثناءات ما أثار انزعاج منظمة “الفصل 19” المعنية بالشفافية وحرية التعبير. وتعكف المغرب على سن تشريع تقدمي بعد الانتهاء من الاستفتاء الشعبي على تعديلات دستورية قبل أيام، نصت في احد بنودها على حق الصحفي في الوصول إلى المعلومات وحرية التعبير، على ما أضفت الصباغ. وخلصت إلى القول إن “أريج” تلقت عدة طلبات من صحافيين دربّتهم في تونس ومصر بعد الثورة بهدف الحصول على أول تدريب للتحقيق في قضايا فساد وتهريب أموال ارتبطت برموز الحكومات السابقة. وبناء على ذلك، عقدت أول دورة لتعقب المال والفساد السياسي باستخدام تقنيات رقمية وبنوك معلومات مقيدة والاستفادة من خبرات منظمات دولية تنشط في هذا المجال لإنجاز تحقيقات عابرة للحدود. وتوقعت الانتهاء من عدّة تحقيقات حول الفساد المنظم لعرضها ضمن فعاليات مؤتمر عمّان القادم.

أخبار ذات صله