في ثاني أيام مؤتمر "أريج" للصحافة الاستقصائية العربية بالقاهرة.. سيباستيان يحث الصحافيين العرب على الدفاع عن حرية التعبير وممارسة النقد الذاتي

2012/11/24
التاريخ : 24/11/2012

القاهرة – حث الصحافي البريطاني المخضرم تيم سيباستيان السبت زملاء مهنته في العالم العربي على ممارسة النقد الذاتي والدفاع عن حرية التعبير كأدوات مهمة من أجل التحقيق في ممارسات أصحاب النفوذ، كما حذّر من انحسار دائرة التسامح وتقبل الآخر أمام انتشار عقلية العصابة واحتكار الحقيقة.

في ثاني أيام مؤتمر “أريج” للصحافيين الاستقصائيين العرب المنعقد في القاهرة قال سباستيان: “حرية التعبير، حرية النقد وحرية الإغضاب هي قطعا الحماية الوحيدة التي نتكئ عليها. يجب أن ندافع عنها”.

المحاور الشهير، مدير الحوارات العربية الجديدة ومناظرات الدوحة سابقا ومؤسس برنامج “هارد توك” (الكلام القاسي) على بي بي سي دعا أيضا زملاءه إلى عدم الاعتقاد بأن التحقيق في أفعال المتنفذين سيكسبهم المزيد من الأصدقاء. “على العكس، سوف تكونون عرضة للاتهامات والهجوم”.

“التسامح اليوم يلفظ أنفاسه الأخيرة، هذا التسامح مع الأفكار والآراء التي لا تروق لنا”، قال سيباستيان.

وعرج الصحافي على حادثتين حصلتا مؤخرا مع بي بي سي، إذ امتنعت الشبكة عن نشر تقرير عن اتهامات بالتحرش الجنسي بأطفال ضد المذيع الشهير جيمي سافيل، الذي توفي العام الماضي عن 84 عاما. وفي الحادثة الأخرى نشرت الشبكة تقريرا تضمن اتهامات غير صحيحة بحق وزير بريطاني.

وتحدث عن صعوبة كسب ثقة الجمهور في معركة التحقيق في المتنفذين، إذ يمكن لخطأ واحد أن ينسف سمعة تم بناؤها خلال سنوات من العمل الصحافي المتزن والمحترف. “كيف يمكن لنا أن نبن جسور الثقة (…) عندما يكون الشيء الوحيد الذي يتذكره الناس هو أكبر خطأين ارتكبناهما؟” تساءل سيباستيان.

وفي السياق ذاته، نوهت رنا الصباغ، المديرة التنفيذية لشبكة “أريج”، إلى أهمية أن يعترف الصحافيون المحترفون بأخطائهم وأن يقوموا بتصويبها. “كم منا كصحافيين يعترف بالأخطاء التي يرتكبها أثناء عمله؟” سألت الصباغ جمع الحاضرين.

في نفس الجلسة النقاشية، نصحت الصباغ الصحافية الأردنية حنان خندقجي بمعاودة فتح تحقيق كانت أجرته حول انتهاكات بحق أطفال معاقين بدور رعاية خاصة بالأردن. إذ قالت خندقجي للحاضرين إنها ما زالت تستقبل شكاوى حول إساءة معاملة الأطفال بالرغم من محاكمة القضاء الأردني لـ17 شخصا متورطين في القضية.

جمانة غنيمات، رئيسة تحرير صحيفة “الغد” الأردنية، التي نشرت مع راديو البلد وبي بي سي تحقيق خندقجي، قالت إنها لم تتوقع ردة الفعل التي جاءت من قبل الحكومة الأردنية، بل كانت تنتظر أن تهمل السلطات نتائج التحقيق كما يحصل مع الكثير من الملفات التي تفتحها الصحافة.

وكان المشاركون قد استهلوا ثاني أيام مؤتمرهم بطاولة مستديرة جمعت أساتذة صحافة في جامعات عربية ناقشوا مع مسؤولي شبكة “أريج” سبل تطوير أساليب تدريس الصحافة الاستقصائية في كلياتهم. شبكة “أريج” عرضت تدريب عدد من الطلاب ومساعدتهم في تنفيذ تحقيقات استقصائية مع زملاء في ميدان العمل الصحافي.

 من السويد، جاء بور-غوران بودين ودانييل أوهمان ليعرضا مقاطع من تحقيقهما الذي كشف مخططات وكالة البحث السويدية لمساعدة المملكة العربية السعودية على بناء مصنع سري ومتقدم للسلاح والصواريخ المضادة للدبابات تحت اسم”سموم”، في مخالفة صريحة للقانون السويدي الذي يحظر مساعدة دول لم يعرف عنها احترامها لحقوق الانسان في الحصول على السلاح.

وقال الصحافيان إن التحقيق اعتمد بشكل أساسي على وثائق حصلا عليها من مصادر سرية امتنعا عن الكشف عن طبيعتها.

أما مواطنهما فردريك لورين، فروى كيف كشف في تحقيق عن استثمارات شركة اتصالات “تيليا سورنا” في دول شمولية بالرغم من إمكانية توظيفها من قبل السلطات هناك للتجسس على أفراد في المعارضة.

وقد أثارالفيلم ضجة لدى الرأي العام ووسائل الإعلام السويدية حول السبب الذي يدفع شركة اتصالات سويدية تستفيد من أموال دافعي الضرائب للاستثمار في دول يحكمها فرد تنتهي كل السلطات في يديه، بما يتيح له الضغط على الشركة لاختراق خصوصية بعض المشتركين المناوئين لنظامه.

الصحافي السويدي توم هاينمان شرح تحقيقا أجراه حول عدم جدوى القروض الصغيرة التي روج لها على نطاق واسع وحصل رائدها البنغالي محمد يونس على جائزة نوبل.

يصف هاينمان قصته بالبسيطة جدا، إذ اعتمدت بشكل أساسي على الزيارات الميدانية لعديد دول طبقت فيها هذه الفكرة، ليرصد واقع الحال بعد سنوات على إطلاقها، وفيما إذا كانت نسب الفقر قد تقلصت فعلا، أو تحسنت ظروف أؤلئك الفقراء ممن حصلوا على تلك القروض.

وجد الصحافي أن معظم من حصلوا على القروض الصغيرة في دول نامية مثل بنغلاديش-البلد الذي انطلقت منه الفكرة- وقعوا تحت عبء الفوائد المرتفعة التي تفرضها الجهات المقرضة، والتي تتراوح بين 30% و200%.

في الوقت عينه، استمرت الجلسات التقنية وورش العمل التدريبية. فشرح الخبير الصحفي السويدي نيلس هانسون كيفية مراجعة التحقيق الاستقصائي قبل النشر لضمان عدم الوقوع في أخطاء قانونية وكذلك حماية المصادر.

مدربا التحقيق باستخدام الكمبيوتر (كار) رعد نشيوات ومحمد عميرة قدما نصائح حول كيفية “التستر والتواري” في فضاء الإنترنت بحيث يحافظ الاستقصائيون على سرية عملهم، بينما شرح أستاذ الصحافة الاستقصائية مارك هنتر أفضل طرق سرد القصص بطريقة إنسانية شيقة.

وفي ورشة أخرى، تحدثت الصحافية المصرية عبير السعدي عن سبل التخطيط الجيد لحماية أمن وسلامة الصحافيين الاستقصائيين خلال وقبل فترة التحقيق.

يختتم مؤتمر “أريج” أعماله في العاصمة المصرية الأحد بحفل توزيع جوائز الشبكة لأفضل التحقيقات الاستقصائية خلال العام الفائت.

منذ نشأتها عام 2005، دربت شبكة “أريج” (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية) نحو 30 مشرفا، والعديد من أساتذة الإعلام في جامعات عربية، إضافة إلى 300 صحفي ميداني، وأشرفت على إنجاز أكثر من 150 تحقيقا استقصائيا في مختلف وسائل الإعلام.

أخبار ذات صله