خبراء : التعديلات على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات طفيفة ولا ترقى للمعايير الدولية

2012/09/9
التاريخ : 09/09/2012

مرصد الإعلام الأردني- بعد مرور 5 سنوات على إقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات ، والإشكالات التي رافقت تطبيقاته أدخلت الحكومة بعض التعديلات على القانون الصادر عام 2007 . وهي من وجهة نظر خبراء مختصين كانت تعديلات طفيفة  ولا تعالج الخلل الجوهري  الذي يعاني منها القانون في نصوص مواده  ، كما أعتبر الخبراء  أن التعديلات الجديدة لا ترقىللمعايير الدولية المعتمدة لمثل هذا القانون.

وتأتي أهمية التعديلات  بالنظر  إلى أن الأردن يأتي  في ذيل قائمة الدول العالمية فيما يتعلق بضمان حق الحصول على المعلومات ويحتل المرتبة  86 من أصل 89 دولة لديها هذا القانون عالمياً. يذكرأن الأردن كان الدولة العربية الأولى التي تقر مثل هذا التشريع تلاها تونس  ومؤخراً  اليمن .

الخبير الإعلامي يحيى شقير ومع ترحيبه بالتعديلات الحكومية على القانون ، إلا أنه وصفها بأنها طفيفة وغير كافية مع إنها تشكل خطوة للأمام وقال ” ليس من شـأن هذه التعديلات أن تعطي دفعة للأمام فيما يتعلق بضمان حق الحصول على المعلومات .

 ويشير إلى أن القانون في مواده الرئيسية بقي كما هو حيث لم يغيّر ثقافة السرية الشائعة لدى المؤسسات الحكومية. فما زالت نصف الوزارات لا تعرف بوجود هذا القانون كما أن حوالي 40% من الصحافيين لا يعرفون أنه موجود،  موضحا ان مجلس المعلومات  تلقى بضع شكاوى لا تزيد على أصابع اليد الواحدة، واحدة فقط من صحافي. ويبدو أن عدم اللجوء لتقديم شكاوى لمجلس المعومات سببه أن قرارات المجلس غير ملزمة للجهات التي ترفض تقديم المعلومات لطالبيها.

تابع بالقول : يؤخذ على قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن أنه يجعل اولوية التطبيق للتشريعات النافذة وليس لقانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن، سواء صدرت هذه التشريعات في وقت سابق أو لاحق على إقرار قانون ضمان حق الحصول على المعلومات في الأردن.  قانون حماية أسرار ووثائق الدولة رقم 50 سنة 1971 يعد أكبر معيق لتطبيق قانون ضمان حق الحصول على المعلومات.

 وأشار أن التعديل الجوهري  على القانون كان في المادة التي تسمح لكل مقيم في الأردن  بطلب الحصول على معلومات  معتبراً أن هذا الأمر ايجابياً لإن  هذا الحق يجب ان يكون متاحاً للكافة. 

 ويتابع بالقول لا أحد يريد تعديل القانون لمجرد إرضاء المانحين بل أن تعديل القانون حتى يتوافق مع المعايير الدولية هو مصلحة وطنية لتمكين المواطنين العاديين وليس الصحافيين فقط من الحصول على المعلومات لأن المعلومات تتيح لهم اتخاذ القرار الأفضل والمشاركة ليس فقط في الانتخابات وصناعة القرار إنما في مختلف المجالات ومنها على سبيل المثال لا الحصر مكافحة الفساد والمحاسبة وتنظيم المباعدة بين الأحمال وترشيد استهلاك الماء والكهرباء .

قراءة في التعديلات :

يقول الباحث في شؤون قانون ضمان حق الحصول على المعلومات وليد حسني  أن الحكومة إستجابت  لتعديل قانون ضمان حق الحصول على المعلومات وكأنها تلامس شكل القانون وليس مضمونه ’ موضحا بالقول بغض  النظر عن الإيجابية المتعلقة بالسماح لغير الأردني بالتقدم لطلب الحصول على المعلومة إلا هذه الفسحة القانونية بقيت مقيدة للأردني ولغير الأردني بعد أن تم ربطها بوجود سبب مشروع أو مصلحة مشروعة .ويضيف أن التعديل الحكومي لم يتطرق إلى تعريف ماهية المصلحة المشروعة ومن هو صاحب السلطة بتحديدها ؟وبدت وكأنها سلطة تقديرية للموظف المسؤول ليحدد بنفسه ما إذاكان لطالب المعلومات مصلحةً للحصول عليها أم لا؟ويشير حسني أنه كان من المفترض في مشروع التعديل الحكومي أن يتوقف على الأقل عند السماح للأردني ولغير الأردني للحصول على المعلومات دون ربطها وتقديرها بالسبب المشروع .

ويؤيد الخبير الإعلامي عمر الدعجة ما ذهب إليه حسني بالقول أن حق الحصول على المعلومات هو حق مكتسب لأي شخص وهو من الحقوق التي تكفلها المعايير الدولية ,وعلى الرغم من صدور قانون ضمان حق الحصول على المعلومات رقم (47) لسنة 2007 متضمناً نص ( حق لكل اردني في الحصول على المعلومات التي يطلبها وفقاً لأحكام هذا القانون اذا كانت له مصلحة مشروعة أو سبب مشروع ) فقد قام المشرع بالتقييد للوصول الى المعلومات وذلك بشرطي الجنسية وابداء المصلحة المشروعة أوالسبب المشروع ’ وبموجب التعديلات الجديدة فقد اتاح لغير الأردنين بالحصول على المعلومات لكنه كان يميل بذلك الى الحظر أكثر منه إلى الإباحة ’ وأبقى شرط السبب المشروع والمصلحة المشروعة مقترنة بذلك . ويضيف الدعجة أنه يجب أن يكون للأجنبي الحق في حصوله على المعلومة ’ حيث يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار ان لهذا القانون أهمية اقتصادية من ناحيتين : الأولى دعم اقتصاد السوق , والثانية جذب الإستثمار الأجنبي وتشجيعه , كما أنه مرتبط بكم المعلومات المتوفرة في البيئة المستثمرة , وشفافية المعلومات التي تقدمها الحكومات للمستثمرين ’ فإذا حرمت هذه الفئة من حق الحصول على المعلومات حرم الاستثمار الأجنبي .  ويتابع بالقول أنه  كان على المشرع أن يأخذ بعين الإعتبار وأن يوسع نطاق المعلومات بما يسمى ( النطاق الشخصي لحق الحصول على المعلومات ) ويكون لكل شخص طبيعي أو معنوي (اعتباري) حق الحصول على المعلومات, بحيث الشخص الطبيعي هو المواطن الأردني والأجنبي, والشخص المعنوي المقصود بها الأشخاص الوطنين والاقليمين والدوليين,  والشركات , وبهذا التعديل يضمن للجميع الحق في الحصول على المعلومات . 

تعريفات غابت : 

ولم تتطرق التعديلات الحكومية لتعريف ما هية المعلومات وهي مادة من المواد المثيرة للجدل في القانون يقول حسني ’ ألغيت كلمة البيانات الشفوية من التعريف إلا أن هذا التعريف نفسه بقي تحت سلطة القانون المؤقت وهو قانون حماية وثائق اسرار الدولة بالرغم من ضم المعلومات المخزنة إلكترونياً إلى التعريف ’ وأبقى التعديلات على مايتعلق بالمعلومات التي لايجوز الإفصاح عنها أو مايعرف بالإستثناءات بالقانون الواردة في المادة (13) من القانون الحالي . ويرى الدعجة إن تعديل المادة ( 3) جاء يدور في حلقة مفرغة ’ ولم يراع المشرع استقلالية تشكيل المجلس وقد تبين انه تابعاً للسلطة التنفيذية من الناحيتين العضوية والوظيفية . 

مجلس المعلومات والإستقلالية :

التعديلات الحكومية وسعت عضوية مجلس المعلومات لتضم نقيبا المحامين والصحافيين الأردنين ، إلا أن المجلس  الذي يرأسه وزير الثقافة ضم في عضويته هيئات أخرى مثل وزارة الداخلية والأوقاف والقوات المسلحة ومدير المطبوعات والنشر ، يقول الدعجة إن ضمان استقلالية هذه الهيئات عن السلطة التنفيذية من خلال تشارك السلطات الثلاث في هذه المهمة ’ بحيث لا تستقل إحداها بسلطة التعيين ’ مع مراعاة القواعد المهنية والإستقلالية والكفاءة في الأشخاص الذين يتم تعينهم كأعضاء في الهيئة .والمقصود بذلك أن يكون مستقل في مواجهة السلطة التنفيذية تحديداً , ويجب ان يكون الاستقلال من ناحيتين , الأولى : الناحية العضوية والثانية : الناحية الوظيفية.فالناحية العضوية تكمن في استقلالية الأعضاء عن السلطة التنفيذية حيث تكون هذه الإدارة ذات هيئة رقابية مستقلة ويمكن أن نتوصل بها من خلال : أولاً اختلاف صفاتهم ومراكزهم وان تشمل ( السلطة التشريعية والقضائية , ومؤسسات المجتمع المدني والحكومة , والنقابات ) بحيث يكون أعضاء المجلس مستقلين ويستطيعون مواجهة السلطة التنفيذية ’ ثانياً : تعدد واختلاف الجهات المقترحة للأعضاء , فجميعهم ينتمون للسلطة التنفيذية , وأضاف أنه لايوجد استقلالية وظيفية في المجلس بحيث ان رئاسة الوزراء تقوم برقابة فعلية على مجلس المعلومات , فما الغاية من أن يرفع التقرير لرئاسة الوزراء وهي فعلياً تراقب المجلس ؟؟وبموجب التعديل الجديد أنه ( سيتم رفع تقرير عن أعمال حق الحصول على المعلومات لكل من رئيس الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب وذلك لضمان المزيد من الشفافية.) فمجلس الأمة بشقيه ( النواب والأعيان ) هو الأولى في مراقبة هذه الأمور لأنه يعتبر جهة رقابة على المؤسسات وهو الممثل الحقيقي لإرادة الشعب وهو له مصلحة في شفافية المؤسسات الحكومية ’ 

يقول  حسني إن التعديل الحاصل على الجهة التي سيتم رفع تقرير مجلس المعلومات إليها لكل من رئاسة الوزراء ومجلسي الأعيان والنواب , فأنه لم يقدم جديداً.ويضيف  أن التساؤل المشروع هنا  ما هي الفائدة من ضم مجلسي الأعيان والنواب لرفع التقرير إليها والأصل أن يتم النص صراحةً على إتاحة التقرير للجميع ونشره على الموقع الإلكتروني وتعميمه على الإعلام لخلاف ما يتم حالياً من التعامل معه باعتباره وثيقة سرية محمية لا يجوز إطلاع الرأي العام الأردني على مضامينها , بالرغم من أنه لم يرد بالقانون ما ينص على اعتبار هذا التقرير من الوثائق السرية المحمية . 

علامة استفهام على مدة الـ15 يوم :

ومن التعديلات التي تضمنها المشروع ايضاً تقصير مدة الإجابة على الطلب الى 15 يوما بدلا من ثلاثون يوما يشير الدعجة إن تحديد مدة رفض الطلب أو الإجابة عليه ب 15 يوماً من تاريخه معقولة جداً ’ لكن  المشرع الأردني لم يتناول ” أحكام المعالجة المعجلة للطلبات” والتي تظهر في مقدموها مصلحة ملحة للإستعجال , وذلك عكس الاتجاهات التقدمية التي تمنح مقدمي الطلبات الحق في مثل هذه المعالجة إذا توافرت مصلحة الاستعجال ’ كما في القانون الإمريكي فالأشخاص الذين يثبت انهم عاملين في مجال نشر المعلومات ( الصحافيين ) ويظهر ان المعلومات التي يريدها لإطلاع الجمهور في هذه الحالة يستطيع الحصول على المعلومات بطلب المعالجة المستعجلة , وأيضاً أي شخص تقدم بطلب يوجد فيه خطورة على حياته أو على غيره إذا لم يحصل على هذه المعلومة بسرعة ممكنة في هذه الحالة يتم معالجة الطلب بصورة مستعجلة .  ووفق الدعجة  أغفل المشرع السقف الزمني المحدد لمعالجة الطلب وتقديمه للمعلومة ، لذلك ليس هناك قيد زمني على الإدارة لتقديم المعلومة المطلوبة وكل مافي الأمر أنها ملزمة بإجابة الطلب ورفضه خلال هذه الفترة الزمنية المحددة ’ حيث هذا الفراغ سوف يمنح الإدارات سقفاً زمنياً غير محدد لتقديم المعلومة المطلوبة حيث يمكن لبعض الإدارات تقديمها خلال يومين . 

ويوضح  حسني أن الحكومة تجاهلت تماماً إلزام كل من يتلقى دعماً مالياً من الموازنة العامة للدولة من أحكام القانون بالرغم من الحاجة الماسة والأساسية لتكون تلك الجهات التي تلقت الدعم المالي الحكومي خاضعة لأحكام هذا القانون بما في ذلك الأحزاب والجمعيات والأندية وحتى بعض مؤسسات المجتمع المدني التي تتلقى دعماً داخلياً ومحلياً وربما أجنبياً . ويضيف إلى أن الحكومة تجاهلت تماماً فرض عقوبات على كل من يخفي المعلومات عن طالبيها أو أن يقدم معلومات ثبت عدم صحتها كما لم تفرض عقوبات على كل من يقوم باتلاف المعلومات التي بحوزته. 

مقترحات مرصد الإعلام الأردني لتعديل القانون : 

 طرح مرصد الإعلام الأردني بمركز القدس للدراسات السياسية مقترحات لتعديل القانون ، وقد توافق نواب وقضاة وصحافيون وقانونيون على هذه التعديلات خلال عرضها في ورشة عمل عقدت في اذار / مارس الماضي في البحر الميت ، وذلك ضمن سلسلة مقترحات طرحها المرصد لتعديل 13 تشريع من التشريعلات الناظمة لعمل الصحافة والإعلام في الأردن 

 أبرز هذه المقترحات :

تعديل المادة 4 التي أكدت على أن من مهام مجلس المعلومات ضمان تامين وتسهيل وتوسيع حق الحصول على المعلومات دون ابطاء وفي حدود القانون ورصد المخالفات ونشر التقارير والدراسات التي تتضمن معوقات ممارسة الحق في الإطلاع وكيفية التغلب عليها . كما اقترح المشاركون تعديل المادة 7 من القانون بحيث نص التعديل المقترح على ان لكل شخص طبيعي معنوي او ( اعتباري ) الحق في الحصول على المعلومات في حدود القانون اذا كانت له مصلحة مشروعة . ونصت التعديلات المقترحة في المادة التاسعة على ضرورة إجابة المسؤول في الدائرة للطلب او رفضه خلال عشرة أيام عمل كحد أقصى من اليوم التالي لتاريخ تقديم الطلب، على أن لا يكون قد سبق الإفصاح عن المعلومات المطلوبة. كما اوصت التعديلات المقترحة بحذف المادة 10 من القانون التي تنص على انه لا يجوز طلب المعلومات التي تحمل طابع التمييز الديني أو العنصري أو العرقي أو التمييز بسبب الجنس أو اللون ونقل هذه المادة الى المادة 13 التي تتناول المحظورات  .

وأكدت التعدلات المقترحة على أنه لا يجوز لأي جهة جمع أو معالجة أو حفظ أو استخدام البيانات الشخصية للمواطن، خلافاً للدستور والقوانين النافذة. كما لا يجوز للجهة التي تحتفظ ببيانات شخصية نشر هذه البيانات الشخصية أو إعطائها لطرف ثالث إلا بموافقة كتابية ممن تخصه هذه البيانات كذلك اكدت المقترحات على انه لكل شخص الإطلاع على البيانات الشخصية الخاصة به ما لم تكن سرية بحكم القانون وان يتحقق من صحتها وأن يتقدم بمعلومات إضافية لتصحيحها أو تحديثها. واقترحت التعديلات اعتماد محكمة البداية كجهة للبت في قرار رفض اعطاء المعلومة الصادر عن الدائرة بدلا من محكمة العدل العليا كما هو معمول به في القانون حاليا ً واوصت التعديلات المقترحة بإلغاء قانون حماية وثائق وأسرار الدولة الصادر عام 1971 ، وإضافة مادة حول وثائق وأسرار الدولة في قانون ضمان حق الحصول على المعلومات. 

أخبار ذات صله