تحقيق "ذوي الإعاقة" يكسر حواجز الصمت لدى عشرات الأسر

2012/05/31
التاريخ : 31/05/2012

نادين النمري –

عمان – وقع الفيلم الذي بثه تلفزيون الـ”بي بي سي” حول واقع مراكز الإيواء لذوي الإعاقة في الأردن كالصاعقة على أبو سامر الزامل، الذي فوجئ بظهور صور لنجله في الفيلم، يبدو فيها مقيدا بحبل من قماش، وسط إهمال عاملين في أحد مراكز التربية الخاصة.

وبعيون ملؤها الدمع، على ما حل بنجله من إهمال وسوء معاملة، يقول ابو سامر إن هذا المركز الثالث الذي يضع فيه ابنه المصاب بالتوحد، على أمل أن يحظى بالرعاية، لكن ما حدث كان العكس تماما.

أبو سامر، حضر المؤتمر الصحفي الذي عقدته لجنة التحقيق في أوضاع مراكز التربية الخاصة ودور الإيواء أول من امس، ليوجه سؤالا الى اللجنة، بنبرة تتسم بالحرقة والألم “أين أذهب بابني؟ وكيف أضمن له حياه كريمة؟”.

وعلى الرغم، من عدم إسهابه في الحديث عن حالة ابنه بسبب انفعاله العاطفي، لكن المستمع لشكواه، يشعر بأن ظروفا فوق طاقته، دفعته إلى وضع ابنه في مركز رعاية ايوائي.

ويبدو أن غالبية الأسر التي تلجأ الى خيار وضع أطفالها ذوي الإعاقة في مراكز الإيواء تقوم بذلك لظروف خارجة عن إرادتها، كمرض الأم أو وفاة كلا الوالدين أو أحدهما، أو عدد أفراد الأسرة الكبير، ما يجعل توفير الرعاية الكافية للطفل من قبل الأم أمرا مستحيلا.

أحمد شاهين (31 عاما)، يتيم الوالدين، أقام حتى وقت قريب في مركز للتربية الخاصة الذي أغلق، وحاليا يجد شقيقه عماد نفسه في مأزق لتوفير مكان جديد، يستقبل فيه أخاه.

يقول عماد لـ”الغد” إن شقيقه يقيم في هذا المركز منذ 12 عاما، بعد وفاة والده وعدم تمكن والدته التي توفيت لاحقا من العناية به، لإصابتها بمرض السكري الذي أثر على بصرها.

ويتابع، أنه برغم نقله إلى مركز آخر لإيواء ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنه تلقى اتصالا هاتفيا بضرورة استلام شقيقه، نظرا لما يعانيه المركز من اكتظاظ، إلى جانب طبيعة إعاقة أحمد الشديدة.

ويبين عماد أنه في ظروفه الحالية، يستحيل عليه توفير العناية لشقيقه في المنزل كون بيته غير مؤهل، إضافة إلى عدم وجود الخبرة والدراية لدى أفراد أسرته للتعامل مع إعاقته، في وقت عجز فيه عن إيجاد مركز بديل يقبل برعاية شقيقه نظرا لكبر سنه.

وعلى الرغم من أن مشكلة دور الإيواء أخذت حيزا من اهتمام أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة، لكن غالبية الأهالي الذي حضروا المؤتمر الصحفي، يوفرون الرعاية لأطفالهم في إطار الأسرة، لقناعتهم بأن المكان الأمثل لرعاية الأطفال ذوي الاعاقة بين ذويهم.

هؤلاء الأهالي الذين شاركوا في المؤتمر، ليملأوا نحو نصف القاعة، تكلموا صراحة عن أوجاعهم وأوجاع أبنائهم.

أب لطفلين من ذوي الإعاقة الذهنية يقول بصوت مرتفع “مكان أبنائي عندي في بيتي ولن اتنصل من رعايتهم، ولن أطلب من الدولة توفير الرعاية لهم، لكننا كأولياء أمور لدينا مطالب وهي حقوق لابنائنا”.

ويضيف الأب “أسكن في إحدى المحافظات وجلسات العلاج الطبيعي لأبنائي في عمان، ما يعني مشقة كبيرة في المواصلات والتنقل”، مبينا أنه “برغم الإرادة الملكية بالإعفاءات على المركبات لذوي الإعاقة العقلية، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلى الآن، كما أنه من حق أبنائنا الحصول على تأمين صحي لائق لأنهم بأمسّ الحاجة له”.

سوزان الحطبة أم لشاب (17 عاما)، يعاني من إعاقة ذهنية بسيطة، تشتكي عدم وجود أي مؤسسة توفر متنفسا لفئة ابنها، وتقول “ابني سينهي دراسته في مركز تربية خاصة العام المقبل، وليس أمامي أي خيارات ليحصل على فرصة للترفيه، أو تعلم مهارات جديدة”.

وتتطرق إلى جملة مطالب لأهالي ذوي الإعاقة، أبرزها: توفير ضمان اجتماعي لهؤلاء الأطفال لضمان مستقبلهم بعد وفاة والديهم، وتأمين صحي وإعفاءات جمركية تتيح لهم اقتناء مركبات تعين ذويهم على التنقل بهم.

تقرير لجنة التحقيق أشار إلى مجموعة عوائق تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، أبرزها ضعف التوعية المجتمعية عموما بقضاياهم، وتغليب الجانب الرعائي في التعامل معهم على الجانب الحقوقي، ما يؤدي للتساهل بل والتسامح مع ما يتعرضون له من عنف وإساءة.

وبحسب التقرير، فضعف الوعي المجتمعي وعدم إدراك المجتمع لحقوق هذه الفئات، يؤديان مباشرة الى ضعف البرامج الهادفة لدمج ذوي الإعاقة وتمكينهم اقتصادياً ومهنياً، ما يؤثر في النظرة المجتمعية لذوي الإعاقة التي تلصق بهم وصمة اجتماعية، من شأنها إقصاؤهم والتمييز ضدهم.

الحطبة، تؤكد أن المجتمع، يرفض تقبل أطفالنا وإعاقاتهم، مشيرة إلى حادثة مؤلمة واجهتها لدى محاولتها إشراك ابنها في ناد رياضي. وتقول الحطبة إنه “بعد مشقة كبيرة وتقديم أوراق طبية تؤكد قدرة ابني على السباحة، وافقت إدارة النادي على دخوله للمسبح، لكن ما إن نزل إليه، حتى أحيط بنظرات اشمئزاز”.

وتتابع “خرج عدد كبير من الأشخاص من المسبح، والأسوأ سؤال طرحته علي امرأة تدعي أنها مثقفة، هل ابنك مؤذ؟

للإطلاع على التحقيق كاملا

أخبار ذات صله