بعد نشر تحقيق فوضى الألقاب .. وزير العدل يفتح تحقيقا حول مراكز التحكيم الدولي وطرق عملها

2015/03/5
التاريخ : 05/03/2015

اليوم السابع – تناثرت ردود الأفعال حول التحقيق الذى نشرته «اليوم السابع» عن فوضى التلاعب بالألقاب القضائية والدبلوماسية، وقال المستشار محفوظ صابر، وزير العدل، إن الوزارة تتابع ما جاء فى التحقيق الاستقصائى، باهتمام بالغ، مؤكدا أن الوزارة سوف تفتح تحقيقا لبيان طريقة عمل هذه المراكز وبحث كيفية إنشائها لبيان مشروعية ما تقوم به من عدمه، وإصدار قرار بشأنها فى القريب العاجل.

 مؤسسة «القضاء الاتفاقى»

 حيث رد عصام عامر، رئيس مؤسسة «القضاء الاتفاقى» قائلًا إن مؤسسته تعمل فى إطار القانون، مؤكدًا أن التهمة الوحيدة التى يعاقب عليها هى تزوير شهادة صادرة من جامعة المنوفية فى القضيه رقم 1213 العام الماضى، كما أكد «عامر» عدم علمه بهذه الشهادة، حيث قال إن أحد الأشخاص اتهمه بذلك، وقدمها لمباحث الأموال العامة. وأكد «عامر» أنه خلال التحقيق معه كانت هناك عدة بلاغات ضد عدد من مراكز التحكيم فى الإسكندرية باسم نادى القضاء الخاص، مشهرة برقم 57 لسنة 2014 ، ولم يتم التحقيق فيها، مضيفًا أنه تم القبض عليه بتاريخ 16/2/ 2014، وفى 22/2/2014 بعد بلاغ ضد الهيئة الدولية للتحكيم نظرته مباحث الأموال العامة بخصوص شهادات مزورة منسوبة لجامعة القاهره تم ضبطها فى الجامعة، وتم تحرير محضر بشأنها. وأكد أن شعار مؤسسته لم يتضمن أى اعتداء على نادى قضاة مصر، حيث إن الاثنين- حسب كلامه- يخضعان لنفس الجهة، وهى وزارة التضامن الاجتماعى، مؤكدًا أن شعار مؤسسته يخضع للحماية القانونية، ولا يوجد ما يجرمه، مؤكدًا براءته من جميع التهم الموجهة إليه.

 جامعة القاهرة

 وعن نفى جامعة القاهرة وجود أى تعاون بينها وبين المؤسسة التى يترأسها، واتهام جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، له بالنصب، أكد «عامر» عدم صحة ما يردده «نصار»، مؤكدًا وجود بروتوكول تعاون بينه وبين المجلس العربى للدراسات والبحث العلمى الذى له مقر داخل حرم جامعة القاهرة.

وأشار إلى أن لديه خطابًا ينص على اعتماد المجلس توقيع وختم عصام عامر، مؤكدًا أنه بناء على هذا «البرتوكول» يقوم بمنح شهادات معتمدة ممهورة بخاتم الأمين العام لجامعة القاهرة، لافتًا إلى أنه حصل من المجلس العربى للدراسات والبحث العلمى على الدكتوراة فى القانون الدولى، مضيفًا: «الدكتور جابر نصار لو نفى ذلك يبقى مش عارف شغله، وقاعد فى مكتبة مش عارف حاجة»

وقال «عامر» إن محافظ القاهرة هو من خالف القانون لإصداره قرارًا بإغلاق المركز، لأن المادة رقم 75 تنص على أن المؤسسات والجمعيات الأهلية لا يتم إغلاقها إلا بناءً على حكم قضائى بات، وهو ما تنص عليه المادة 53 من قانون الجمعيات الأهلية.

 وأضاف «عامر» أن الأمر نفسه ينطبق على مديرية القاهرة التى يعتبر تصرفها عدوانًا صارخًا على القانون، قائلًا: عصام برهامى، مدير إدارة التضامن الاجتماعى، وقع لى على أكثر من 10000 شهادة من المركز.

وبسؤاله عن لقب سفير النوايا الحسنة، أوضح «عامر» أن هذا اللقب تم منحه بناءً على توقيع بروتوكول مع جريدة أنباء الأمم المتحدة التى يترأسها المستشار «م. ح» ويقوم بمنحه مجانًا.

مراكز التحكيم الدولى

فيما أكد إبراهيم إلياس، عضو مجلس نقابة المحامين، رئيس لجنة الشؤون السياسية، عدم قيام لجنة الشؤون السياسية بمنح ألقاب مستشار تحكيم أو دبلوماسى، موضحًا أن علاقة اللجنة أو النقابة بشكل عام تتمثل فى التعاقد مع بعض مراكز التحكيم الدولى لمنح المحامين دورات فى التحكيم، مؤكدًا أن مراكز التحكيم هى التى تمنح هذه الكارنيهات، ولا سلطة للنقابة على ذلك، مشيرًا إلى أن اللجنة الثقافية التى يترأسها ثروت عطا الله هى التى تعاقدت مع مركز جنيف للتحكيم الدولى.

 ويبرر «إلياس» تعاقد النقابة مع مراكز التحكيم بأن ذلك يتم بناء على طلب أعضاء النقابة الذين يرغبون فى التدريب فى مجال التحكيم الدولى، وبالتالى تضطر اللجان إلى الاستعانة بهذه المراكز، خاصة أن التدريب هو أحد أنشطة اللجان، حسب قوله، مضيفًا: « طيب احنا لو معملناش الدورات دى نعمل إيه، نبيع لب، خصوصا أن موضوع الكارنيهات مش اللجان بس اللى مسؤولة عنها، دا فى ناس قاعده فى جنينة النقابة بتبيع كارنيهات التحكيم بـ 50 و100 جنيه».

 وتابع: على الرغم من أن نقيب المحامين سامح عاشور لديه مركز للتحكيم الدولى، فإنه عندما يصدر كارنيهات للمتدربين فيه، يصدرها بصفته الشخصية وليست بصفته النقابية، مشيرًا إلى أن قرار «عاشور» بحظر منح المحامين أى ألقاب تخالف القانون، هو مقصور على عدم صدورها باسم النقابة.

 وردًا على المعيار الذى يعتمد عليه فى التعاقد مع مراكز التحكيم، قال إنه لا يوجد فى القانون ما يشير إلى أن المراكز معتمدة أم لا، بالإضافة إلى أنه لا يوجد نص قانونى يمنع أى شخص من عمل مركز للتحكيم، كما لم يمنع القانون منح لقب «مستشار».

وأكد «إلياس» عدم انشغاله باعتراض القضاة على عمل تلك المراكز وعلى الألقاب التى تمنحها، خاصة أن التحكيم هو الطريق الموازى لبطء إجراءات التقاضى، معترفًا بأن بعض المراكز تسىء للتحكيم، لكنها مجرد حالات فردية.

وعلى الرغم من عدم مخالفة هذه الألقاب للقانون من وجهة نظره، فإنه أبدى اعتراضه على إضافة لقب مستشار تحكيم للمحامين فى البطاقة الشخصية، قائلًا: «لا يجوز استبدال الذى هو أدنى بالذى هو خير، فلا يمكن استبدال مهنة المحاماة بقيمتها وقامتها بمستشار تحكيم، أنا مثلً أحمل هذا اللقب، ومع ذلك أنا ضد استخدام المحامى للقب مستشار تحكيم، خاصة أن هذا اللقب من الممكن أن يحصل عليه أى شخص بصرف النظر عن عمله».

وأضاف منفعلًا: «بس هنعمل إيه، يعنى السبب وراء لجوء المحامين لهذه الألقاب أن السلطة عندها استثناءات، وأقرب مثال أيام الحظر كانت الشرطة بتسمح فقط بمرور الصحفيين والقضاة بعكس ما كانت تفعله مع المحامين، فالمحامى يشعر أنه مضطهد فى البلد ومهان».

فيما رفض المستشار عبدالله فتحى، وكيل نادى القضاة، ظاهرة مراكز التحكيم، وتوزيعها الألقاب، قائلًا: «أهيب بالسادة المحامين المحترمين أن يعتزوا بمهنتهم، وأن يتخلوا عن الألقاب الأخرى التى لا علاقة لها بمهنتهم»، مشيرًا إلى أن نادى القضاة تقدم بمذكرات سابقة إلى مجلس القضاء الأعلى بعد أن اكتشف مركزين يقومان بمنح هذه الألقاب.

 وقال إن التشابه الكبير بين الشعارات المطبوعة على هذه الكارنيهات مع شعارات نادى قضاة مصر، بجانب تشابه أسماء المراكز التى تقوم بعمل نادى قضاة لها، مع إضافة كلمة «اتفاقى» عليها، يجعل من الصعب على المواطنين البسطاء التفرقة بين اصحاب الكارنيهات وبين القضاة الحقيقيين، خاصة أن صاحب الكارنيه يحمل لقب مستشار، وهو ما يسهل عملية النصب والاحتيال، وأكد أن أى قاض يثبت تعامله مع هذه المراكز سوف يتم اتخاذ الإجراء اللازم ضده، لأن اشتراك القضاة فى هذه المراكز يضفى عليها صفة الشرعية، وهو ما يعتبر جريمة فى حق مهنتهم.

 أساتذة القانون الذين يقومون بالتدريس بداخل هذه المراكز اختلفت تفسيراتهم حول مدى قانونية منح الألقاب والكارنيهات، فمن بين 45 محاضرًا تم ذكر أسمائهم فى الدورات التدريبية لعدد من مراكز التحكيم، تحدثت «اليوم السابع» إلى 6 منهم الدكتور أبوالعلا النمر، أستاذ ورئيس قسم القانون الدولى بجامعة عين شمس، صاحب مركز الشرق الأوسط للتحكيم، والذى دافع عن لقب المستشار، قائلًا: «اللقب غير مخالف للقانون، واللى زعلان يشتكى زى ما هو عاوز».

الدكتور جميل عبدالباقى الصغير، عميد كلية حقوق عين شمس، اقترن اسمه بالعديد من دورات تلك المراكز، وعلى الرغم من ذلك فإنه يرى أن منح لقب «مستشار تحكيم دولى» يعد نصبًا واحتيالًا، مؤكدًا أن قانون التحكيم لا يعرف تلك المصطلحات، مضيفًا: «دوره يقتصر فقط على إعطاء محاضرات تعليمية فقط». الدكتور محمد طايع، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، المحاضر فى مركز جنيف، برأ نفسه من المسؤولية بقوله: «أنا لا أعلم شيئًا عن تلك الكارنيهات، وعملى يقتصر على إعطاء المحاضرات فقط»، الرد نفسه أجابت به الدكتورة سميحة القليوبى، أستاذ القانون التجارى بكلية الحقوق بجامعة القاهرة، والتى أكدت أنها بالفعل قامت بالتدريس بمركز جنيف، لكنها تركته بعد فترة قليلة، ولا تعلم شيئًا عن الكارنيهات التى يصدرها.

أما المستشارة نجوى الصادق، المستشارة فى هيئة النيابة الإدارية، والتى نشر أحد المواقع صورًا لها فى دوراته باعتبارها عضوًا فى مركز جنيف للتحكيم الدولى، فقد دافعت عن مراكز التحكيم التى تمنح لقب المستشار بقولها: «لا تعد مخالفة قانونية مادام يستخدمها المحكم فى إطار عمله، المتمثل فى إعطاء استشارات قانونية، والمخالفة من وجهة نظرها إذا كان الكارنيه عليه لقب قاض».

الدكتور أحمد أبوالوفا، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة، نفى قيامه بالتدريس فى مركز جنيف، مستطردًا: «متهيألى رحت هناك مرة واحدة فقط ولم تتكرر». وفى أروقة وزارة الداخلية أكد عاصم الداهش، مدير إدارة التزييف والتزوير فى مباحث الأموال العامة، عدم وجود حصر دقيق لدى الإدارة حول عدد المقبوض عليهم من المواطنين الذين يحملون هذه الكارنيهات، لكنه قال: إن مباحث الأموال العامة لديها معلومات حول بعض المراكز وسوف تتصدى لها، فيما «بلغ عدد القضايا التى أحيلت إلى النيابة حوالى ثلاث قضايا بخلاف قضية عصام عامر، بتهمة التزوير، لكارنيهات عليها شعارات مقلدة بشعارات القضاة والسلك الدبلوماسى».

 وفى 27 أكتوبر الماضى فوجئ كمين شرطة فى الوادى الجديد بسيارة يستقلها ثلاثة مواطنين، وبمجرد فحص أوراق صاحبها «أ. ر. أ»، تبين حمله كارنيه مستشار تحكيم، وعضوية المحكمة الدولية لتسوية المنازعات.

ويقول «الداهش»: بالكشف عن السجل الجنائى لصاحب الكارنيه تبين أنه مطلوب على ذمة عدة قضايا، منها القضية رقم 2262 لسنة 2009 إدارى أول شبرا الخيمة «أموال عامة»، والقضية 15356 لسنة 2009 جنح ثان شبرا الخيمة «تبديد»، وصدر فيها حكم بالحبس ثلاث سنوات، والقضية رقم 13048 لسنة 2012 جنح مرور العجوزة «تبديد»، وصدر فيها حكم بالحبس سنتين وكفالة 500 جنيه، وأحيل صاحب السيارة إلى النيابة بتهمة حمل مستند مزور.

القضية الثانية كانت ضد «أ. م. ع»، بتاريخ 12/12/2013 قسم أول طنطا، حيث ضبطت ثمانى شهادات منسوبة للأكاديمية العربية للتحكيم الدولى، ودبلومات مهنية بتقدير امتياز مزرة تزويرًا كليًا، و71 شهادة مزورة عن رعاية جامعة الدول العربية لدورات إدارة الأزمات السياسية للتحكيم الدولى وفض المنازعات، أما القضية الثالثة فكانت فى مارس 2013 لشركة إلحاق عمالة بالخارج، حيث ضبطت الأموال العامة 14 كارنيهًا مزورًا منسوبة للهيئة القضائية للتحكيم الدولى، لبيعها للعمال الراغبين فى السفر، و6 أكليشهات أختام مقلدة، منها أختام باسم الهيئة القضائية للتحكيم الدولى، وخطابات وهمية موجهة إلى وزارة الخارجية، وكلية الحقوق بجامعة عين شمس، وجامعة الدول العربية، والجامعة الأمريكية، وشهادات خالية البيانات تحمل شعار كلية الحقوق بجامعة عين شمس، وتوصلت الأموال العامة لـ 20 مواطنًا من ضحايا هذه الشركة، أكدوا حصولها على مبالغ مالية من كل منهم تتراوح بين 5 آلاف و15 ألف جنيه.

أخبار ذات صله