المعشر: لا قرار سياسي عربي بالتعددية وحل الدولتين لم يعد قائما

2014/12/10
التاريخ : 10/12/2014

الصباح – رأى السياسي والإعلامي الأردني مروان المعشر أن الثورات العربية – باستثناء تونس – فشلت في بناء مجتمعات تشاركية والتحول إلى بناء دولة حديثة تعددية، وأفرزت قيودا جديدة على الإعلام.

وفي كلمة أمام قرابة 300 أريجي في اليوم الثاني من ملتقى الشبكة السابع، انتقد نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية والإعلام الأسبق “غياب القرار السياسي” لدى الحكومات العربية نحو إشاعة التعددية واحترام حرية الإعلام.

على أن المعشر – الذي أصدر كتابين عن الثورات العربية وأنظمة الحكم فيها- أعرب عن تفاؤله بحتمية انتصار المطالبين بالإصلاح معتبرا أن اليقظات العربية “كسرت حاجز الخوف للأبد”. وتوقع أن “تجابه الثورات المضادة من مجتمع لن يقبل بما قبل به آباؤهم”.

ووصف المعشر الحراك – الدائر منذ مطلع 2011 – بـثاني “يقظة عربية” تسعى لتطوير المجتمعات وفرض قيم الديمقراطية والتشاركية. وكانت اليقظة الأولى مطالع القرن الماضي أغفلت مسار الديمقراطية، بتركيزها على التحرر والانعتاق من الاستعمار العثماني ثم الغربي، حسبما أضاف.

وحدها تونس توصلت إلى بناء معادلة لتداول السلطة، بحسب المعشر، عازيا نجاحها إلى وجود قوى ثالثة – إتحاد نقابات العمال- خلخلت الإقصاء المتبادل بين الإسلام السياسي وخصومه.

وبينما رأى أن من المبكر الحكم على مآلات ثورات التي لا تزال مهدها، انتقد المعشر نزعة الإقصاء والاستحواذ على السلطة في دول التحول العربي. وتحدث عن نموذجين “إقصائي عنفي تكفيري على غرار داعش وآخر تعددي تنويري سلمي في تونس”.

“لحظة أقصي الإسلاميين أقصي نفسي أيضا. فالدفاع عن حقك يقتضي الدفاع عن حق الآخرين وإلا كنت منافقا”، حسبما قال.

واعتبر أيضا أن “بناء الدولة المدنية لا يعني مجرد التخلص من الاستبداد، بل مهمتها الأصعب هي بناء المؤسسات على قاعدة الرقابة والتوازنات بين السلطات وإعادة توزيعها، بحيث لا تطغى واحدة على أخرى بدلا من الهيمنة التي تمارسها السلطة التنفيذية”.

المتحدث الرسمي باسم الوفد الأردني إلى مفاوضات السلام (1991-1994) وأول سفير أردني في تل أبيب أعرب عن إيمانه بأن خيار “حل الدولتين أنتهى إلى الأبد بسبب المستوطنات الإسرائيلية”، التي تضاعف سكانها في الضفة الغربية إلى أكثر من نصف مليون مستوطن بما في ذلك القدس الشرقية. وقال: “بعد 23 عاما على مؤتمر مدريد، لا مجال الآن لحل الدولتين ولإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة”، معتبرا أن هذه النهاية ليست بالضرورة لمصلحة إسرائيل التي تعاني من معضلة الديمغرافية؛ إذ أن عدد سكان إسرائيل والمناطق الخاضعة لاحتلالها متساو – ستة ملايين و100 ألف يهودي يقابلهم ذات العدد من العرب، وفق الإحصاءات الإسرائيلية.

وفي معرض انتقاده للمشهد الإعلامي العربي، رأى المعشر أن الفضاء الإعلامي في مصر يضج بقنوات تلفزة اعتمدت على المبالغة والكذب أحيانا.

واستشهد بمؤشر (فريدوم هاوس) الذي لم يدرج أي دولة عربية ضمن خانة الصحافة الحرة. فقط خمس دول  صنّفت حرة جزئيا على هذا المؤشر.

وحين سأله الزميل يحيى شقير إن كان “يخشى” التعرض للتوقيف بتهمة تعكير “صفو علاقات المملكة مع دولة أجنبية” بسبب هذه الانتقادات، أجاب المعشر: “أنا لا أخشى ذلك مع انني أتوقعه”.

وردا على سؤال حول عدم قدرته على التغيير حين كان في موقع المسؤولية، قال المعشر إن التغييرلا يأتي من خلال شخص أو ومنصب وإنما من خلال تطوير التشريعات وبناء المؤسسات على أسس تعددية. “في أول اسبوع من تسلمي حقيبة الإعلام (عام 1997) تقدمت بمشروع قانون لإلغاء الوزارة لكنه بقي حبيس أدراج مجلس النواب سبع سنوات”، حسبما استذكر.

وتوقع المعشر أن ينعكس انخفاض أسعار النفط على الثورات العربية، لافتا إلى أن دول الخليج الثرية “حاولت حل المشاكل – داخلها وخارجها – بالمال والمال لا يكفي” بدون إصلاحات وتعددية.

وانتقد حجب المعلومات عن الصحافيين، مؤكدا أن قانون الحصول على المعلومات يبقى بلا معنى دون وجود قوانين لأرشفة المعلومات وثقافة المكاشفة.

وردا على سؤال عن وجود تحريض على الثورة من الخارج، اعتبر المعشر أن هذا الانطباع يشكل “انتقاصا ممن قام بالثورة”.

في يومه الثاني، عقد ملتقى أريج 12 ورشة تدريب إحداها تمحورت حول  معايير استخدام الكاميرا السرية (طوني ستارك/ بريطانيا)، الذي ذكّر الصحفيين بأن التصوير السري “يقوّض حق الخصوصية، لذلك يشترط قبل استخدام الكاميرا المخفية وجود مصلحة عامة واضحة، مثل كشف جريمة أو سلوكات معادية للمجتمع أو فساد أو ظلم”.

وفي ورشة تحصين الصحفي ضد “التلصص الإلكتروني” استعرض خبير أمن المعلومات رعد النشيوات (الأردن)، كيفية عمل شبكة الإنترنت ونقاط التجسس على اتصال الصحافي بالشبكة العنكبونية وطرق حماية وتحصين هذه الإتصالات.

كما استعرض المدربان ثامر عوايشة (الأردن) وزكوان شهاب (لبنان) آليات استخدام تطبيقات جوجل داخل الفريق الصحفي لتسهيل وتنظيم عمل فرق التحقيقات الاستقصائية.

وعقدت دائرة مستديرة بمشاركة أساتذة كليات إعلام لمناقشة مساق جامعي حول صحافة الاستقصاء أنجزته شبكة أريج على يد د. مارك هنتر (أميركا)، المؤلف الرئيس لدليلها الإرشادي: “على درب الحقيقة”.

ناقش هنتر وأساتذة من سبع دول عربية جملة تحديات تقف في وجه إدراج “الاستقصاء” ضمن  مساقات الجامعات. وأبرز أساتذة في كليات إعلام عربية أهمية تسليح الطلاب بالمعارف والمهارات الكفيلة بمأسسة صحافة الاستقصاء. وتوقع عدد منهم أن يردم هذا المساق التفاعلي – الأول من نوعه عربيا- الفجوة الحالية بين الشقين النظري والعملي.

وعقدت ورشة حول عرض مشاريع التحقيقات الاستقصائية على محطات التلفزة واخرى حول مستقبل صحافة الاستقصاء في الشرق الأوسط.

وأكد مشاركون وجود فرصة لازدهار هذا النوع من الصحافة رغم الاضطرابات الحالية. وتوقع ألبير شفيق مدير فضائية  ONTV، مستقبلا افضل ما إن “تنجلي العاصفة”.

وقال رئيس مجلس إدارة أريج داود كتاب إن “أبرز التحديات التي تواجه الصحافة في العالم العربي عدم وجود تقليد قوي لحماية الحرية الصحفية”، لذلك “علينا كأريجيين وضع أسس لخلق ثقافة وتقليد قويين لحماية الصحافيين”. ولفت إلى وجود “قوانين متعارضة في مجال العمل الصحفي تؤدي إلى الحد من الحريات الصحفية. فرغم منع توقيف الصحافيين بأمر ملكي ورغم وجود قانون الحصول على المعلومات إلا أن تطبيقهما صعب”.

يختتم ملتقى أريج أعماله مساء غد الأحد بتوزيع جوائز الشبكة لعام 2014 منهيا ثلاثة أيام من الأنشطة المكثفة المتداخلة تضمن 31 ورشة تدريب وجلسة حوارية بمشاركة 330 إعلاميا عربيا وأجنبيا، في مقدمتهم ايقونة الاستقصاء الأمريكي سيمور هيرش.

منذ نشأتها، دربت أريج 1530 صحافيا ومحررا وأستاذ إعلام وطالبا. وساهمت في تأسيس وحدات استقصاء في عدة وسائط إعلام في الأردن، فلسطين، مصر، لبنان واليمن، كما أشرفت على نشر/ بث قرابة 300 تحقيق استقصائي. وتستخدم عدة كليات إعلام مساق “أريج” المبني على منهجيتها الميدانية في تدريس ثلاث ساعات معتمدة لطلبة البكالوريوس.

أخبار ذات صله