أريج تختتم مؤتمرها السنوي و صحافيو استقصاء العراق، لبنان ومصر يتقاسمون جوائز أريج-2013

2013/12/14
التاريخ : 14/12/2013

الصباح – اختتمت الاحد الماضي فعاليات مؤتمر أريج السنوي السادس الذي استمر ثلاثة أيام تحت شعار ” دور الإعلاميين العرب في مرحلة التغيير… من حليف للسلطة إلى رقيب عليها” بإطلاق أول مساق تدريسي في صحافة الاستقصاء مخصص لطلبة الجامعات بواقع ثلاث ساعات معتمدة.

ووفق مؤلف الدليل وعضو مجلس إدارة أريج مارك هنتر فإن الكتاب سيرى النور خلال الأشهر الأولى من العام المقبل 2014 فيما سيقسم إلى جزئين سيتطرق أولهما الى الخلفية التاريخية والحيثيات القانونية والأخلاقية للصحافة الإستقصائية بالوطن العربي .

هنتر، أستاذ الصحافة في معهد إنسياد الفرنسي أوضح أن الجزء الثاني سيخصص لعرض  منهجية الإستقصاء المبني على الفرضية والمستوحاة من دليل اريج للصحافة الإستقصائية ( على درب الحقيقة)، مع عرض لأهم  المصادر المفتوحة المتوفره في كل دوله عربية على حده جنبا إلى جنب مع شرح مفصل لسبعة نماذج لأعمال استقصائية نفذها أريجيون على مدار الست سنوات الماضية من عمر الشبكة.

كان المؤتمر قد التأم بمشاركة 350 صحافيا و 30 خبيرا عربيا وأجنبيا التقوا ضمن 35 جلسة بين ورشة تدريب وحلقة نقاشية. وعالجت الجلسات مختلف جوانب العمل الاستقصائي من حماية المصادر والبيانات من الاختراق في عصر المعلوماتية، الحفاظ على استقلالية المهنة في ظل هيمنة رأس المال وحماية قارعي الناقوس whistle-blowers.

واستهلت أعمال المؤتمر بجلسة خاصة للصحافي التركي المثير للجدل يافوس بايدر تحدث فيها عن واقع الإعلام في بلاده في ظل هيمنة حزب العدالة والتنمية الحاكم على المشهد الصحافي. وأكد أن ثمة “تحالف غير مقدس” بين السلطة والمال في بلاده ركع الصحافة على ركبتيها، لتغدو عاجزة عن مراقبة أدوات الحكم وكشف ملفات الفساد”

كما جرت مناقشة “واقع الإعلام العربي في طور التغيير” ضمن جلسة توافق فيها صحافيون وخبراء عرب على أن الإعلام العربي ما يزال بعيدا عن لعب دوره المرسوم في مراقبة أداء السلطات، كما انتقدوا حال الاستقطاب والتحشيد التي تمارسها وسائط إعلام بعضها يشكّل “واجهات لتحالف السلطة والمال”.

وفي اليوم الثاني ناقش مشرعون، صحافيون وخبراء تشريع واقع قوانين حق الحصول على المعلومات في الدول العربية التي أقرت هكذا تشريعات وهي: الأردن، اليمن وتونس. وخلصوا إلى أن مثل تلك القوانين تعاني من غياب الأدوات الكفيلة بتفعيل دورها في خدمة الصحفيين بالحصول على المعلومات المهمة لتحقيقاتهم خصوصا في ظل “ثقافة محافظة تميل نحو السرية”.

الصحافي الأميركي ورئيس شبكة الاخبار الاستقصائيةInvestigative news network)  ) برانت هيوستن كان قدم عرضا مفصلا لأهمية المنظمات الصحافية غير الربحية في دعم العمل الاستقصائي العابر للحدود لكشف الفساد والجريمة المنظمة ، للإفلات من قبضة السلطات وسياسات تكميم الأفواه لا سيما في دول العالم الثالث.

وفي مسك ختام هذه التظاهرة الإعلامية، أثار الصحافي الفرنسي المعروف “إدوي بلينيل” حماسة الحضور حين أكد لهم إمكانية تأسيس مشاريع صحفية مربحة ومتحررة من ثنائية رأس المال والسلطة في آن معا. ذلك ما تلخصه تجربة صحيفة “ميديابارت” الالكترونية التي أسسها بلينيل بعيد استقالته من رئاسة تحرير جريدة لوموند. تمثل ميديا بارت تجربة ناجحة لأول صحيفة تعتمد كليا على اشتراكات القراء في جني الأرباح بدل الإعلانات التجارية.

أتيح للزملاء أيضا فرصة الاستفادة من خبرة مذيع بي بي سي المخضرم ومقدم برنامجها الحواري الأشهر “كلام قاس”  تيم سيباستيان في كيفية انتزاع المعلومات من السياسيين وصناع القرار خلال المقابلات الصحفية.

فيما قدمت الخبيرة ومنسقة مشروع قارعي الناقوس العالميةwhistle blower international network (WIN)آنا مايرز نصائح هامة للصحفين في كيفية التعامل مع قارعي الناقوس ممن يقررون قول الحقيقة وكشف الفساد في المؤسسات التي يعملون فيها.

“قارع الجرس قد يتعرض للإحباط بسبب تقليل الصحافيين من أهمية المعلومات التي بحوزته”، نبهت مايرز الحضور.

نيلز هانسن، محرر أشهر برنامج استقصائي على التلفزيون السويدي، شارك زملاءه العرب خبرته في قيادة فريق من الصحافيين الاستقصائيين لإنتاج تحقيقات أسبوعية على الشاشة.

وطرح هانسن على المشاركين في الحلقة النقاشية فكرة “محامي الشيطان”، وهو عضو في الفريق الاستقصائي مهمته الشك في منهجية التحقيق والبحث عن السلبيات ومواضع الخلل في العمل، من أجل رفع سويته. “لأن من أكبر المخاطر التي تواجه العمل الاستقصائي هو أن يؤمن الصحافيون تماما بفكرة التحقيق  فلا يعودوا قادرين على رؤية  نقاط الضعف فيها” شرح هانسن.

وعلى امتداد أيام المؤتمر كان الحضور على موعد دائم مع عروض لتجارب استقصاء نفذها صحفييون بدعم من أريج  على امتداد العام الماضي، عارضين لمنهجيتهم في العمل، الصعوبات التي واجهتهم وكيف تغلبوا عليها والردود الأفعال التي أحدثتها أعمالهم . وكشفت تحقيقات الأريجيين تجاوزات في القطاع الصحي من سمسرة طبية إلى غياب الشروط اللازمة لإجراء العمليات الجراحية وصولا الى التلاعب بتقارير المختبرات ومراكز أشعة. كما عرض آخرون لتجاربهم في تحقيقات سبرت أغوار الجماعات العقائدية والسياسية المغلقة، إضافة إلى كشف تجاوزات أعضاء في السلطة  التشريعية أثروا من مناصبهم ما أضعف دورهم في المراقبة والمحاسبة.

كما أتيح للمشاركين  الاستفادة أيضا من ورش عمل مكثفة في مجال استخدام الحاسوب في العمل الصحفي،

توظيف وسائل الاتصال الاجتماعي في تتبع الأفراد والنفاد الى شبكات علاقاتهم في العمل الاستقصائي وحماية البيانات الالكترونية من الاختراق. وفي ورشة تدريبية صباحية خلال أعمال اليوم الاخير للمؤتمر، استعرض خبير أمن المعلومات رعد نشيوات أساليب التصفح الآمن لمواقع الإنترنت للإفلات من التجسس والرقابة من قبل الحكومات وأجهزة الاستخبارات الساعية إلى عرقلة عمل الصحافيين. وشرح نشيوات للمشاركين طرق الدخول إلى المواقع التي تحجبها السلطات.

و اختتم اليوم بحفل توزيع جوائز اريج السنوية و تقاسم زملاء من العراق، مصر ولبنان جوائز أريج-2013 عن فئتي المرئي والمكتوب وذلك في ختام مؤتمرها السنوي السادس، الذي اختتم في عمان مساء الأحد. وحصدت مصر تكريم الوسائط المتعددة (Multi Media)، وهي أول جائزة من نوعها تمنحها أريجبدءا من هذا العام للصحافيين الذين انخرطوا في دورات تدريب لتحويل تحقيقاتهم المكتوبة إلى  نصوص بصرية.

واستثنيت فئة الإذاعة من التنافس هذا العام بقرار من لجنة التحكيم المركزية بسبب قلّة عدد الأعمال المتنافسة عليها.

بحضور قرابة 350 إعلامي، وزّع راعي الحفل رئيس مجلس ادارة شبكة أريج داوود الكتاب الجوائز على مستحقيها مساء اليوم الثالث والأخير من المؤتمر، الذي حمل شعار: “دور الإعلاميين العرب في المرحلة الانتقالية…من حليف للسلطة إلى رقيب عليها”.

الجائزة الأولى عن فئة المطبوع كانت من نصيب العراق؛ مناصفة بين الزميلة مياده عبد الجبار والزميلين دولفان برواري وسلام جهاد. نال برواري وجهاد الجائزة عن تحقيقهما “أطفال مقاتلي القاعدة ضحايا بلا هوية يهددون بظهور جيل جديد من المتطرفين”، بإشراف شبكة (نيريج) العراقية للتحقيقات الاستقصائية. ووثق الزميلان مصاعب قانونية ومجتمعية يواجهها أطفال مقاتلين قضوا في مواجهات مع السلطات.

وفازت مياده عبد الجبار عن تحقيقها “امتيازات سنوية بمليار دولار.. تورط برلمانيون في أوسع ظاهرة فساد شرق أوسطية”، الذي يرصد أوجه استغلال نواب عراقيين لنفوذهم لجني ثروات طائلة  بما يقيد دورهم الرقابي والتشريعي.

في المرتبة الثانية حلّت الزميلة هدى زكريا من صحيفة اليوم السابع عن تحقيقها “الجبن الأبيض…سرطان في بيوت المصريين”، والذي كشفت من خلاله استخدام مصانع جبنة غير مرخصة لمادة الفورمالاين المسرطنة في انتاجها.

أما الجائزة الثالثة فتقاسمها الزميلان تغريد الدغمي من وحدة تحقيقات راديو البلد/ الأردن، عن تحقيقها “فتيات يسقن لمغتصبيهن باسم القانون” والزميل غمدان الدقيمي من صحيفة  مأرب برس  اليمنية عن تحقيقه “أحواض ومغاسل لإنتاج المرض في بيوت الرحمن”. في التحقيق الأول وثّقت الدغمي معاناة نساء دفعن ثمن ثغرة في قانون العقوبات تسمح للمغتصب بالافلات من العقاب في حال اقترن بضحيته، وفي الثاني كشف الدقيمي تلوث مغاسل الوضوء في مساجد داخل صنعاء بجراثيم خطيرة قد تؤدي للموت.

مرئيا، فاز الزميل رياض القبيسي من قناة الجديد اللبنانية بالمرتبة الأولى عن الجزء الثاني من تحقيقه “افتح يا سمسم”، الذي يكشف فيه تواطؤ موظفين في ميناء بيروت مع تجار متنفذين لتزوير بيانات جمركية والتهرب من الضرائب والرسوم، ما يفقد  الخزينة ملايين الدولارات ويضر بالصناعات الوطنية.

 في المرتبة الثانية حل الزميل مصعب الشوابكة من وحدة تحقيقات راديو البلد عن تحقيقه “أسرة سوداء”، الذي كشف من خلاله تعاقد أطباء مع سائقي تكسي مقابل عمولة (كومسيون) لاستحضار مرضى عرب بينهم أردنيون، في مخالفة لقوانين المهنة وآدابها، وسط ضعف رقابة وزارة الصحة.

المرتبة الثالثة كانت من نصيب الزميلة شيرين الفار من فضائية “وطن للأنباء” الفلسطينية، عن تحقيقها “أمينة ليست في أيدي أمينة”، كشفت من خلاله وجوها من الاستغلال تتعرض له عاملات فلسطينيات في المستوطنات الإسرائيلية.

 وفي مجال الوسائط المتعددة، منحت الجائزة الأولى للزميلة هدى زكريا (مصر)… عن تقريرها “الجبن الأبيض”، الذي حصد أيضا الجائزة الثانية عن فئة المكتوب.

 وذهبت الجائزة الثانية إلى الزميل وائل ممدوح من مصر عن تقريره “صناعة الأسلحة اليدوية”، فيما حل الزميل حافظ عساكرة من فلسطين في المرتبة الثالثة، عن تقريره “المبيدات الكيميائية (علب الموت)”.

يذكر أن مجلس إدارة أريج كان قرر تقسيم لجنة التحكيم إلى لجنتين فرعيتين، حسب فئة الجائزة، وذلك حرصا على تحقيق أكبر قدر من الشفافية في عملية الفرز والاختيار. وتقرر أيضا استدراج طلبات الترشيح من خلال المشرفين ورؤساء الوحدات في دول الانتشار.

ترشح للمراتب النهائية للجائزة 22 تحقيقا بواقع 11 عن كل فئة من أصل 49 تحقيقا وصلت إلى الشبكة للتنافس على هذه الجوائز.

 وشكلت لجنة ثاييم الترشيت التسعة التي على جوائز الوسائط المتعددة.

ضمت لجان التحكيم لهذا العام خبرات إعلامية عريقة مزجت بين مشرفي أريج وزملاء من خارج الشبكة برئاسة الزميل وليد بطراوي، مراسل البي بي سي وقناة الجزيرة/ انكليزي سابقا في فلسطين.

لجنة المرئي تشكلت من الزملاء بسام عنداري (لبنان)، رئيس قسم المراسلين في البي بي سي/ عربي في لندن، ديما حمدان (الأردن) مخرجة أفلام وثائقية ومراسلة بي بي سي سابقا، عبد الله السعافين (فلسطين) المراسل السابق لقناتي الجزيرة وأبوظبي في لندن والولايات المتحدة ومحمد سعيد محفوظ (مصر) إعلامي، أستاذ جامعي ومدرب مع أريج). أما لجنة المطبوع فضمت الدكتور عبد الرحمن الشامي (اليمن) أستاذ في كلية الإعلام/ جامعة صنعاء، يحيى غانم (مصر) مدير تحرير في صحيفة الأهرام اليومية ومشرف أريج، غسان الشهابي مشرف أريج في البحرين ولميس اندوني إعلامية وكاتبة مقال (الأردن).

وضمت لجنة الوسائط المتعددة كلا من تيرييه كلاريسون )إعلامي سويدي)، شادية خضير، إعلامية في قطاع التلفزة التونسية، مشرفة أريج في هناك، مصطفى منشاوي (مصر)  مشرف أريج التلفزيوني في فلسطين، محمد سعيد محفوظ (مصر)، أستاذ جامعي ومحاور تلفزيوني، بيا ثوردسون (الدنمارك)، عضو مجلس إدارة أريج وياسر الزيات (مصر) مدير تحرير القسم العربي/ إذاعة هولندا الدولية.

رئيس اللجنة المشتركة الزميل بطراوي وصف عملية التحكيم والفرز بالصعبة “إذ كان على اللجنة قراءة ومشاهدة التحقيقات مرّات عديدة ليكون التقييم منصفاً”. وأكد  أن التنافس كان “شديدا ما يؤشر إلى ارتفاع  جودة التحقيقات ويعكس أهمية ما تقوم به أريج على مدى السنوات الماضية”.

أخبار ذات صله