بقلم حلمي الاسمر – الدستور – توقفت طويلا أمام التحقيق الذي أعدته وحدة الصحافة الاستقصائية في «راديو البلد» وموقع «عمان نت» عن عما أسمياه «سوق سوداء للاتجار بأوراق ثبوتية سورية» محتجزة لدى مديرية شؤون المهجرين السوريين في عمان، وهالني حجم المعلومات التي وردت في التحقيق الاستقصائي الموثق، الذي أجراه حازم حموي وحنان خندقجي، وكشف جملة «المعلومات» التي لا نعرف تفاصيلها، ومنها أن مديرية شؤون المهجرين السوريين تخالف القانون الدولي بحجزها نحو 219 ألف وثيقة سورية ما حفز لتبادل منفعة بين سماسرة أردنيين وسوريين لاستصدار بطاقات الخدمة الخاصة بالجالية السورية بطريقة غير مشروعة والتحايل لإعادة وثائق مهجرين محتجزة لدى مديرية شؤون المهجرين السوريين مقابل أموال.
وفق ما قالت وحدة الصحافة الاستقصائية في «راديو البلد» وموقع «عمان نت»، فقد قابل فريق التحقيق ثمانية مهجرين سوريين أكدوا أنهم لجأوا للرشاوى من أجل استرجاع وثائقهم بواسطة سماسرة بسبب حاجتهم الماسة إليها، إضافة إلى تعقيدات استردادها عبر القنوات الرسمية وعدم وجود تعليمات واضحة بذلك، كما بين التحقيق أن معاناة المهجرين تتواصل وسط ضعف رقابة وزارة الداخلية وأذرعها، إضافة إلى عدم التزام الحكومة بمذكرة التفاهم الموقعة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عام 1998 وتعديلاتها فيما يخص إعطاء اللاجئ مركزاً قانونياً ومعاملته وفق المعايير الدولية التي تمنع حجز وثائقهم.
من الأمثلة التي سوقها التحقيق ما حصل مع أحد اللاجئين، حيث جاءته ما يسميها «فرصة العمر» بعد عامين من لجوئه إلى الأردن؛ حيث اتصل به شقيقه العامل في السعودية، ليطلب منه تجهيز أوراقه وجواز سفره في أقرب وقت لقنص فرصة عمل في الرياض. إلا أن حلم اللاجئ السوري بالسفر والعمل لإعالة عائلته تبخر، فيما بقي ممنوعا من العمل في الأردن؛ كونه لا يحمل تصريحَ عمل. فقد فشل الشاب البالغ من العمر 29 عاما في استثمار الفرصة مبكرا لأن وثائقه – جواز سفره، دفتر عائلته وهويته- محجوزة لدى مديرية شؤون اللاجئين، منذ أن سجّل لاجئا في سكن البشابشة، داخل الرمثا المحاذية للحدود السورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.
هذا السكن الخاص أغلق في مطلع أغسطس/ آب 2012، ونقل القاطنون فيه والبالغ عددهم 2500 لاجئ إلى مخيم الزعتري!
يشتمل التحقيق على وقائع أو لنسميها «ادعاءات» بالغة الخطورة، تستدعي إجراءات رسمية لمراجعة الأخطاء التي وقعت وتضرر منها الأشقاء اللاجئون، لضمان تسوية أوضاع هؤلاء لتسهيل سبل عيشهم، وتمكين من يرغب بالعودة إلى بلاده، وهذا أمر لن يتم بدون وثائق رسمية.
نحن نقدر الظروف الاستثنائية التي مرت بالبلاد، والصعوبات التي أثقلت كاهل الأجهزة الرسمية، ونقدّر أن ثمة أخطاء قد تقع في ظل هذا الواقع، لكن هذا لا يشكل عذرا لنا في استدراك كل أو جل ما فات، لضمان حياة كريمة لشعب شقيق مر في ظروف بالغة الصعوبة، ومن واجبنا أن نخفف من متاعبه ما استطعنا لا أن نزيدها صعوبة.
ولا ننسى هنا أن نوجه الشكر لمن قام بالتحقيق الاستقصائي والجهات الداعمة، لما تميز به من احتراف وبعد مهني عال.