عماد عمر صحفي ومدرب إعلامي له خبرة في الصحافة المطبوعة والتلفزيونية والرقمية. عمل مع وكالة رويترز نحو عقدين وكان كبيرا للمحررين في النشرة العربية، وغطى مناطق حروب ونزاعات. وعمل رئيسا لتحرير موقع أصوات مصرية الذي أنشأته مؤسسة تومسون رويترز لتغطية الشأن المصري بمعايير الصحافة العالمية. وأشرف على عشرات التحقيقات الاستقصائية وأدار العديد من المشروعات لصحافة الاستقصاء وصحافة العمق في العالم العربي ودرب عشرات الصحفيين في الدول العربية.
كيف تقيم مسيرة صحافة الاستقصاء بعد عقد من انتشار هذا النوع من الصحافة في الوطن العربي؟
حركت صحافة الاستقصاء المياه الراكدة في بحيرة الصحافة العربية، وأحيت الدور الأصيل للصحافة في الكشف والمحاسبة والمساءلة من خلال النبش في ملفات متنوعة وتتبع أموال مشبوهة. ومن الطبيعي أن يسهم ذلك في استعادة ثقة القاريء والمشاهد والمستمع في الصحافة لكن هذا الأثر الإيجابي بات مهددا لسببين. أولهما، التضييق على حرية المعلومات وعمل الصحافة من جانب السلطات والجهات التي تجد نفسها موضع محاسبة ومساءلة. والثاني، محاولة بعض الصحفيين قطف ثمار الصحافة الاستقصائية دون بذل الجهد في الغرس والعمل إذ يستخدمون وصف “استقصائية” لوصف قصصهم كأنها علامة الجودة دون أن تستوفي بالفعل معايير العمل الاستقصائي. وهذا التصرف يخصم بالطبع من رصيد الصحافة الاستقصائية لدى الجمهور.
التحقت مؤخرا بفريق أريج في عمان بعد العمل لسنوات طويلة كمشرف أريج في مصر، ماهي خططك كنائب مدير تحرير لأريج خلال الفترة القادمة؟
عندي هدف كبير يتمثل في ترسيخ مكانة أريج كبيت خبرة متفرد للصحافة الاستقصائية في المنطقة، وتيسير نقل هذه الخبرة إلى الصحفيين العرب في هذا المجال. وأضع نصب عيني أيضا دعم اكتساب الصحفيين لمزيد من المهارات واستخدام الأدوات التقنية والرقمية المتطورة والمتلاحقة في سرد قصصهم، وأيضا الترويج للصحافة الاستقصائية كنموذج يحتذى في التفكير النقدي والبحث عن المعلومة والكشف والسرد القصصي الجذاب.
ماذا ستضيف لك أريج وماذا ستضيف لفريق التحرير فيها؟
أريج بالنسبة لي هي نافذة مفتوحة على العالم تتيح الاطلاع والتعرف على كل جهد جاد لتطوير مسيرة الصحافة وأدواتها وتعزيز دورها في المجتمع. وأثق أنني سأستفيد من ذلك لأنني أعتبر الصحافة تجربة تعلم لا تتوقف. ومن خلال خبرتي على مدى أكثر من عقدين في العمل الصحفي والتدريب أتمنى أن أعزز لدى فريق أريج المهارات والأدوات التي أتاحت لي العمل بمؤسسات إعلامية عالمية. وطاقم أريج مسؤول عن الإدارة عن بعد لفريق صحفي منتشر في أنحاء العالم العربي، وهو مجال لي خبرة فيه على مدى سنوات أرجو أن يمكنني استخدامها لتقديم مساهمة إيجابية في هذا المجال.
من وجهة نظرك، هل ساعد التطور في عالم السرد القصصي والتقنيات الحديثة في الصحافة الرقمية على تطور صحافة الاستقصاء، وكيف؟
هذه التقنيات تزود الصحفيين الاستقصائيين بأدوات جديدة لتوصيل الفكرة بطريقة جذابة للجمهور. ولا بد أن تواكب الصحافة كل تطور ليمكنها الحفاظ على الجسور مع الأجيال الشابة. وقد نجحت الصحافة على مدى مسيرتها في استخدام أدوات البث الإذاعي والتلفزيوني ثم الرقمي للحفاظ على توصيل رسالتها الأصلية، ويجب أن تحتفظ بهذه الروح.
كيف ترى أريج خلال الأعوام القادمة في ظل التحديات التي تواجهها الصحافة الاستقصائية في العالم العربي؟
أريج لديها مهمة مزدوجة لتبين للحكومات والجمهور أن العمل بمصداقية في كشف العيوب وأوجه القصور يصب في النهاية في مصلحة المجتمع ويستوجب دعم الصحافة لا الخوف منها وتقييدها. وفي نفس الوقت، عليها حفز همم الصحفيين للمثابرة والتدقيق والتعلم المستمر، وأن تقدم دوما إنتاجا متميزا يمثل نموذجا يحتذى.
نصيحة تقدمها للصحفيين الاستقصائيين العرب؟
الصحافة رسالة أكثر من كونها مهنة.. يجب أن نتذكر ذلك دائما كحافز لبذل الوقت والجهد في عملنا. وأيضا خلال العمل على قصصنا لا يجب أن نحاول إكمال الفجوات من خلال افتراضات خاصة بنا مهما بدت لنا منطقية وبديهية. كل فجوة يجب أن تعني سؤالا نطرحه ونبحث عن إجابته من المصدر المناسب. والفكر النقدي جزء لا يتجزأ من العمل الاستقصائي. وعلينا إدراك التطور الذي يطرأ على مهنة الصحافة كل يوم ولا يجب أن نتوقف عن التعلم فعندها سنتحول إلى ديناصورات يتجاوزها الزمن.