عمان – تفتتح غدا الجمعة أعمال مؤتمر أريج السنوي الرابع للصحافيين الاستقصائيين العرب في إطار تفاعلي-تدريبي يناقش أهمية نقل الوقائع بعمق، في وقت يشهد الإعلام حول العالم تغيرات غير مسبوقة – ثورة جذرية في صحافة المعلوماتية لا تقتصر على انتشار الأخبار عبر محطات التويتر والفيسبوك.
على مدى ثلاثة أيام، سيتلاقى أزيد من 250 صحافيا وأكاديميا في حقل الإعلام من 22 دولة في عمان (فندق اللاند مارك) لمناقشة التحديات التي تواجه صحافة الاستقصاء، ويتبادلون الخبرات والمهارات حول هذا النمط من الإعلام، الشحيح حتى الآن في غرف التحرير العربية بسبب حزمة محرمات سياسية، قانونية، اجتماعية ودينية.
ينظم المؤتمر للعام الرابع على التوالي شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج)، أولى الهيئات العربية المتخصّصة في نشر صحافة الاستقصاء ومنهجتها في تسع دول. تتمحور استراتيجية الشبكة التي انطلقت من عمان عام 2005 حول تنظيم ورشات تدريب متخصصة، توفير مشرفين محترفين، رأي قانوني يجيز النشر إلى جانب تمويل إنجاز التحقيقات.
يقول ديفيد كابلان – أحد المتحدثين الرئيسيين في المؤتمر – إن “مساهمة صحافة الاستقصاء في إنجاح المساءلة، التنمية ونشر الديمقراطية باتت معترفا بها دوليا، ولم يسبق أن كانت بهذه الأهمية من قبل. فهذه القصص هي التي تهم المجتمعات – تغطية إعلامية في العمق لقضايا تؤثر في حياتنا اليومية”.
ويضيف هذا الصحافي الأمريكي الحائز على جوائز رفيعة والرائد ضمن حركة صحافة الاستقصاء الدولية أنه يشعر ب”التميز لمشاركة زملائي في أريج، الذين يشكلّون جزءا فاعلا في حركة صحافة الاستقصاء الكونية المتنامية المتكئة إلى توظيف أحدث التقنيات والأدوات في هذا المضمار”.
يشار إلى أن كابلان سينقل للمشاركين تجربته الثرية في ترسيخ مبدأ المساءلة والعدالة المجتمعية من خلال تعقب جرائم الفساد – آفة عالمية تقوّض أسس الدول لاسيما النامية منها.
يتحدث في المؤتمر أيضا محاضران رئيسيان من مصر والمغرب يناقشان مستقبل الإعلام في منطقة تموج بالتغييرات المتسارعة منذ الإطاحة بالرئيسيين التونسي زيد العابدين بن علي والمصري حسني مبارك مطلع العام الحالي. يسري فوده نائب رئيس مجلس إدارة أريج، ومحرر/ مقدم البرنامج الحواري الاكثر مشاهدة “آخر كلام” عبر شاشة “أون تي في” بعد أن عمل سابقا كبير مراسلي التحقيقات الاستقصائية والمنتج التنفيذي لبرنامج “سري للغاية: عبر فضائية الجزيرة. الزميل أحمد بن شمسي من المغرب استاذ زائر في جامعة ستانفورد وناشر/ مؤسس/ رئيس تحرير سابق لمجلتين أسبوعتين هما الأوسع شهرة في المغرب تيل كيل (بالفرنسية) ونيشان (بالعربية).
يساند المتحدثين الرئيسيين الثلاثة أكثر من 20 مدرب عربي وغربي متميزين في عالم الاستقصاء بمن فيهم الإعلامي البريطاني المخضرم تيم سباستيان، رئيس مجلس ادارة ومقدم برنامح مناظرات الدوحة ومحاور سابق لبرنامج Hard Talk (كلام قاس) على شاشة تلفزيون ال بي.بي.سي، الدكتور مارك هنتر، استاذ إعلام في جامعة أنسياد والمؤلف الرئيسي لدليل أريج التدريبي “على درب الحقيقة”، نيلس هانسون، رئيس تحرير فريق الاستقصاء في برنامج التلفزيون السويدي المشهور “أوبدراغ غرانكنينغ”. وستتحدث أيضا الإعلامية والمؤلفة البريطانية هيذر بروك الخبيرة في قضايا الاحتيال وغسل الأموال، التى كشفت فضيحة استغلال أعضاء مجلس العموم البريطاني لمياوماتهم ما أدى إلى أول استقالة شاملة للمجلس منذ 300 عاما.
يعقد مؤتمر أريج برعاية هيئة دعم الإعلام الدولي IMS (الدنمارك)، الوكالة السويدية الدولية للتعاون الإنمائي (سيدا)، منظمة مؤسسات المجتمع المفتوح OSF. وتضم لائحة الممولين أيضا سفارات أمريكا، النرويج وهولندا في عمان فضلا عن البنك الأردني الكويتي، آرامكس وشركة زين للاتصالات.
سفيرة السويد في عمان شارلوتا سبار تقول: وحدها الدول التي تحترم التعددية وحرية التعبير يمكن تصنيفها على أنها ديمقراطية حقيقية. “وتلعب صحافة الاستقصاء – بتساؤلاتها عن الحقائق الواقعة وكشفها للتجاوزات – دورا فريدا في تحقيق جوهر الديمقراطية”، على ما تضيف سبار، مستشهدة بقول مأثور: “يساعد هذا النوع من الإعلام على طرد الأوغاد خارجا”.
تتوزع جلسات المؤتمر بين ورشات عمل متخصصة حول استخدام الكمبيوتر في العمل
الصحافي Computer Assisted Reporting (CAR)، وكيفية حماية الملفات واستخدام وسائط الاعلام المتعددة في نشر القصة، إلى ضمان سلامة المنشآت النووية، كشف خفايا مجموعات مسلحة ومؤسسات سيادية مغلقة، سلامة الصحفي المتقصي، اختيار توقيت نشر التحقيق، أدوات عرض التحقيقات المتلفزة، متابعة عمليات النصب وغسيل الأموال، حشد المصادر البشرية وتجميعها لمساندة البحث الاستقصائي، وتقنيات طرح الأسئلة الحساسة. ويخصّص المؤتمر أيضا جلسات حوارية حول الآفاق والتحدّيات التي تواجه الاعلام في دول التحول العربي صوب الديمقراطية.
في ختام هذه الفعالية ، يرعى رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري للعام الرابع حفل توزيع جوائز عن أفضل تحقيقات نشرت في 2011، وتحمل الجوائز هذا العام شعار “ربيع العرب”.
وقرر المنظمون عقد المؤتمر القادم في تونس – مهد الصحوة العربية – أواخر العام المقبل والسادس في مصر عام 2013.