صدام النظيف/ الجمهورية نت – اليمن –“أريج”جاءت ثمرة جهود عدد من الإعلاميين العرب القياديين ونشطاء في حقل الإعلام، تلاقوا في التفكير والنهج مع زملاء لهم في الدنمارك، مدفوعين بالتزام مشترك نحو تغطية إعلامية احترافية لمنفعة المجتمعات المحلية في المنطقة.
أنشئت أريج كمنظمة غير ربحية في عمان مطلع 2005 بهدف دعم الصحافة المستقلة ذات المهنية العالية والنوعية المتميزة، وذلك من خلال تمويل مشاريع إعلامية في العمق وتوفير إشراف احترافي للصحافيين الشباب في الوطن العربي، وتكمن مهمة أريج في تحسين مهارات المتخصصين في صحافة الاستقصاء، وهي أداة رقابية أساسية في المجتمعات الحرة ومفتاح رئيسي لضمان الشفافية، وترسيخ مبدأ المحاسبة وتعدد الآراء ووجهات النظر بالاستناد إلى حقائق موثقة، “أبحاث في العمق ومصادر متعددة”، وتقدم الشبكة خدماتها للإعلاميين في الصحافة المطبوعة، الإذاعات، قنوات التلفزة وأيضا الإعلام الإلكتروني في مناطق انتشارها: الأردن، سورية، لبنان، فلسطين، مصر، العراق، البحرين، اليمن وتونس.
المنفعة مشتركة
عقدت أريج قبل أسابيع بعمان في “الأردن” ورشة تدريبية استثنائية، حول الصحافة الاستقصائية، شارك فيها العديد من أكاديميو كلية الإعلام بجامعة صنعاء، جنوا من خلالها؛ ثماراً معرفية وعلمية، ألقيت ظلالها على طلابهم في كليتهم.
– الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشامي، عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء، أحد المشاركين في الدورة، ومدرب مساعد بنفس الوقت في المنظمةً، أشار إلى أن مشاركة كلية الإعلام في ورشة الصحافة الاستقصائية، تعتبر ثمار سعي الكلية الحثيث لخلق شراكة مع مختلف الجهات الإعلامية، في الداخل والخارج، بما يعود بالنفع على المنتسبين إليها من طلاب وهيئة تدريس على حد سواء، ومن ذلك المشاركة في الورشة المذكورة، والمكرسة لكيفية إدخال مقرر في هذا الفن الصحفي، ضمن المقررات الدراسية بالكلية، بالإضافة إلى كيفية صياغة مقرر دراسي في هذا الفن، باستخدام دليل أريج، كما أن هناك دليلاً تدريبياً تعكف الشبكة على إعداده، مكرس للأكاديميين.
متميزو الإعلام
ورشة تدريبية أخرى حول الصحافة الاستقصائية دامت لأسبوع، انتهت فعاليتها الأربعاء الماضي، عقدت في فندق البستان “بصنعاء”، لعدد من الصحفيين والإعلاميين المتميزين العاملين في وسائل إعلام مختلفة، كنا قد أجرينا مع بعضهم هذا الاستطلاع لنتعرف أكثر عن التحقيق الاستقصائي الذي جاءت به “أريج”.
الفرضية العلمية
إبتهال الصالحي قالت: التحقيق الاستقصائي يعد أكثر تعمقاً، من التحقيق العادي، وهو ما تطرقت إليه شبكة أريج، كونه فناً صحفياُ هاماً يغيب عن حقل الصحافة العربية، بوجه عام وهي أول منظمة على الساحة العربية، تدخل هذا الفن وفق منهجية جديدة في التقصي، قائمة على صياغة فرضية علمية دقيقة يضعها “الصحفي”، ليتم من خلالها استنتاج تساؤلات، يسعى الصحفي للإجابة عليها، من خلال تقصيه الميداني، بإتباع خطوات توثيق صارمة، وفي النهاية إنتاج تحقيقات استقصائية تتسم بالجودة الصحفية، في المؤسسات الإعلامية المرئية أو المسموعة أو المكتوبة.
تتطابق مع الواقع
وعن ما إذا لم تكن الفرضية التي وضعت، تتطابق مع الحقائق في الميدان – قال فهد المنيفي، مدير إدارة البرامج في قناة يمن شباب، أنه في هذه الحالة لا يتوقف عمل التحقيق وإنما ستتغير الفرضية لتتطابق مع الحقائق، وليس الحقائق من ستتغير لتتطابق مع الفرضية؛ لأن التحقيق في هذه الحالة سيعمل على تزييف الواقع، موضحاً بأن التحقيقات الاستقصائية تتناول السلبيات والإيجابيات في المجتمع، وأشار “المنيفي” بأن المشاركين في الدورة سيسعون عبر قنواتهم وصحفهم التي يعملون فيها إلى تناول تحقيقات استقصائية، تكمن فحواها اكتشاف منابع الفساد، ونفع المجتمع عامة.
طلاب الإعلام لا يقلون شأناً
لم يقتصر تعليم الصحافة الاستقصائية، على من ذكرت في الأعلى، بل أيضاً على العديد من طلاب كلية الإعلام بجامعة صنعاء، وقسمي الإعلام بجامعتي عدن والعلوم والتكنولوجيا، كونهم أمل الحاضر، وصناع المستقبل، حيث عقدت لهم ورشة تدريبية خاصة، اختتمت فعالياتها يوم أمس السبت، أعرب جميع من شاركوا فيها عن استفادتهم الكبيرة منها.
مواصلة المشوار
الطالب عارف عاشور، من كلية الإعلام بجامعة بصنعاء قال: بأن المشاركة في الدورة كان مهماً جداً بالنسبة لهم، خصوصاُ وإنها قدمت دراسة فنية وعلمية، كانت حلم يراود الكثير، في ظل ضعف مخرجات الجامعة، كما أضافت لهم مفاهيم جديدة، ستفيدهم كثيراً في مجال الصحافة، وخص نفسه “عاشور” بأنه ينوي مواصلة مشواره فيها، خصوصاً وأن صحفنا كلها تتناول الجانب السياسي، وتكاد تكون بعيدة عن معاناة المواطن، وقضايا كبرى تمس حياة الناس، والتي تتطلب معالجة وتسليط الضوء عليها.
الفرصة لا تضيع
وعن ما بعد الدورة بالنسبة للطلاب، فقد قالت الطالبة ثناء القاعي، من قسم الإعلام بجامعة العلوم والتكنولوجيا، بأنه سيتعين على كل من أراد من الطلاب الذين شاركوا في الورشة اختيار، فكرة تحقيق، وعمل لها فرضية، يبدأ على ضوئها إعداد تحقيقه الاستقصائي، بدعم من المنظمة، وبإشراف من أحد مدربيها، مؤكدةً بأن فرصة مثل هذه لا تعوض، للانطلاق نحو العمل الصحفي الاستقصائي المبكر، الذي يصب في الأخير في نفع المجتمع ككل.
تكاليف الدورة
أما عن التكاليف المادية للدورة، بالنسبة للمشاركين الذين هم من خارج صنعاء، وذلك من حيث الإيواء والسفر، فقد عبرت الطالبة الزا عبده طاهر، من قسم الإعلام بجامعة عدن، عن شكرها وامتنانها الكبيرين؛ “لأسرة أريج” التي تحملت تكاليف تذاكر الطيران للمشاركين، إلى صنعاء ذهاباً وإياباً، بالإضافة إلى تكفل المنظمة بتوفير السكن والطعام لهم أثناء الفترة التدريبية، ولم يقتصر ذلك على الطلبة فحسب، بل وعلى كل من قدِموا من خارج العاصمة، للمشاركة في هذه الورشة التدريبية القيمة.
أفقاً جديداً
أريج على لسان رئيس دائرة تحقيقاتها، الأستاذ والمدرب سعد حتر، قال: بأن المنظمة ستواصل تأهيلها وتدريبها للصحفيين والإعلاميين اليمنيين، وأشار “حتر” بأن المنظمة ستقدم الدعم، وستشرف على أي تحقيقات استقصائية حساسة، يقدمها الصحفيين، معرباً عن تفاؤله بشباب الإعلام في اليمن، وراجياً بأن تمثل ورشة الصحافة الاستقصائية لجميع المشاركين فيها، إضافة علمية هامة، وخاصة فيما يتعلق بتزويدهم بالمعلومات، والمعارف والمهارات الصحفية، التي تتطلبها التحقيقات الاستقصائية، وأن تفتح لهم أفقاً جديداً لممارسة صحافة مهنية، بحيث يتمكنون في القريب العاجل – إن شاء الله – من إنجاز تحقيقات صحفية استقصائية، بما يساعد في إحداث التغيير في المجتمع اليمني إلى الأفضل، ويعود بالنفع والخير على هذا البلد “البكر”، الذي يحتاج في هذه المرحلة، إلى كل فكر نير وإلى جهد مخلص.