ضيف العدد: محمد الأسعدي

محمد الأسعدي، صحافي يمني، يعمل حالياً كمسؤول الإعلام والاتصال المتحدث الرسمي لمنظمة اليونيسف في اليمن. دخل حقل الإعلام منذ نحو 16 عاماً منها قرابة العقد لوسائل إعلامية محلية ثم مراسلاً (حراً) لعدد من وسائل الإعلام العربية والدولية أبرزها صحيفة النيويورك تايمز والأهرام الإنجليزية قبل التحاقي باليونيسف. انضم إلى أسرة أريج مطلع العام 2008، ومن ثم في المجلس الاستشاري ثم عضو للمجلس ومؤخراً نائباً لرئيس مجلس الإدارة. هدفي الرئيس من هذا العمل الطوعي بمعية الزميلات والزملاء في المجلس والفريق الإداري هو الإسهام في خلق بيئة صديقة ومتقبلة وداعمة وحامية للصحافة الاستقصائية في المنطقة.

ما هي صعوبات إنجاز تحقيق استقصائي في اليمن؟ برأيك ما هي أهم التحديات التي تواجه الصحفي الاستقصائي في اليمن؟

الصحافة عشق وشغف ومهمة أخلاقية وأكثر من مجرد مهنة على بطاقة أو وظيفة وأجر. لكي تكون صحفي استقصائي ستجد العقبات تتجسد أمامك يوم بعد يوم خصوصاً في مجتمعاتنا العربية (مع بعض الفوارق الإيجابية) التي تتعامل مع حرية الرأي والتعبير مجرد أدوات تجميل. بل حدثت انتكاسات كبيرة في الآونة الأخيرة لحرية الصحافة في المنطقة العربية وباتت صحافة اللون الواحد في كثير من بلدان منطقتنا المنكوبة.

التحقيق الصحفي أكثر الأعمال الصحفية دقةً واحترافاً وفي ذات الوقت أكثرها كلفة زمنياً ومادياً وهذا ما لا تملكه الوسائل الإعلامية في اليمن. ولذا الصعوبات في اليمن ليست فقط مادية وزمنية ولكنها أيضا مرتبطة بضيق الفضاء الصحفي وغياب التشريعات الخاصة بحق الحصول على المعلومات وإن وجدت لا تنفذ. كما أن التحديات تتمثل في الإفلات من العقاب على جرائم الصحافة وما يتعرض له الصحفيون من اعتداءات وتهديد واختطاف وسجن وتغييب من نافذين داخل مؤسسات السلطة وخارجها. هذه التحديات الداخلية في المؤسسة المتمثلة بالإمكانيات والخارجية المتمثلة بالبيئة المانعة تتعاظم مع ضعف البنى المؤسسية لوسائل الإعلام المحلية والتي غالباً ما تعتمد في تمويلها من أحزاب أو جهات خارجية أو الدولة وبالتالي تصبح متخندقة تحمل مواقف الحزب أو الطرف الذي بيده النقود.

كما أن ميول كثير من الزميلات والزملاء إلى فرضية أن التحقيق الصحفي لابد أن يأخذ طابع المعارضة السياسية وبالتالي يدمّر مؤسسة مخالفة أو ينسف أحدهم في منصب حكومي رفيع أو يطيح بهذا أو ذاك، يقلل من فرص انتشار ثقافة الصحافة الاستقصائية في المؤسسة الإعلامية المحلية. هناك مجالات كثيرة يمكن أن تفيد الناس بمجرد كشف الستار عنها تتعلق بمعيشة الناس اليومية. ونجحت كثير من هذه الأعمال لزملاء من اليمن شاركوا وتنافسوا وحصدوا جوائز من أريج.

لم تعد الجوانب المهنية والكفاءة المعضلة الأولى خصوصاً بعد استفادة العشرات من الزميلات والزملاء من دورات وبرامج أريج سواء كصحفيين أو مشرفين أو مدربين.

أكثر تحقيقات أريج التي قرأتها واعجبك اعدادها؟

هناك تحقيقات كثيرة. لكن ما لصق بذاكرتي ولا يكاد يفارقني تحقيق أعده زملاء مصريين عن مصابغ الملابس في مصر والأمراض الجلدية الخطيرة التي تسببها هذه الصبغات المسرطنة. أيضا تحقيق آخر حول لحوم اللانشيون في مصر وكيف يتم تحضيرها. تحقيق في الأردن حول سوء معاملة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتحقيق في اليمن حول سلامة المياه التي يستهلكها الناس يومياً للشرب على أنها مياه نقية وهي ليست كذلك، كذلك تعذيب المساجين في تونس، وغيرها. هذه التحقيقات تعلي قيمة الصحافة وتخدم الإنسان مهما تسببت من متاعب للصحفي، كونها تنقذ حياة آلاف البشر. أعتقد أننا أكثر احتياجا لهذا النوع من التحقيقات الآن أكثر من وقت مضى.

كيف ترى أريج اليوم وما الذي تتوقع أن تكون عليه بعد خمسة أعوام من الآن؟

قلت في ختام المؤتمر السنوي قبل الأخير أن أريج بيت كل الصحفيين العرب و الاستقصائيين تحديداً وستكون كبيرة بكبر وتفاني الأعضاء. هذه الشبكة من أجمل هدايا المانحين للمنطقة العربية ووجدت – من حسن حظها – فريقاً مؤمناً متشبعاً بأهمية هذه الرسالة ونجحت.

أريج اسم وماركة صحفية لها مكانتها إقليمياً وعالمياً. ربما التحديات تعاظمت مؤخراً سواء كانت من جانب التقنية وتطور الإعلام المتسارع أو كانت بسبب الأزمات المتلاحقة في معظم بلدان المنطقة إلا أنها تواكب بثبات و رشاقة كافية.

بعد خمس سنوات أتوقع أن أرى أريج (في المسار الرأسي) قد كبرت من خلال إطلاق نسخة دولية منها، وأنتجت نسخ قطرية نشطة وعاملة في البلدان العربية. أما على (المسار الأفقي) أتمنى أن أرى أريج تعمل بمؤسسية ورشاقة أكبر- تنوع وتعدد أعضائها يصبح مصدر قوة هذه الشبكة والكم الهائل من المعلومات والبيانات والإنتاج يؤهلها لتوفير بدائل للتمويل والاكتفاء الذاتي.

ما هي الثلاث نصائح التي تقدمها للصحفيين في بداية طريقهم المهني؟

الإيمان بما يقومون به – العمل بحب وتفان كأن تبني بيتاً لك مع كل عمل صحفي تنفذه – التعلم باستمرار والتشبيك

كعضو مجلس إدارة أريج – كيف ترى استراتيجية أريج في التعاون مع المؤسسات المحلية لدعم الصحافة الاستقصائية التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة؟

لم يعد الأمر اختياري لـ أريج. لابد أن تواكب التسارع التقني في الإعلام اليوم ولابد أن تبني على القيم التنافسية لها في السوق كمدرسة أولاً كمرجعية ثانياً و منتج إعلامي مهني احترافي ثالثاً. أريج لا تنتج فقط تحقيقات بل تؤهل كادر بشري واسع سيخدم المهنة ووسائل الإعلام – خصوصاً أن التأهيل والإنتاج والإشراف في أريج يتبع معايير الجودة العالمية في الإنتاج الصحفي وعلى يد أشهر المدربين عالمياً. الاستراتيجية استجابة لهذه التطورات والتحديات المحيطة وهي مرنة بالقدر الكاف للتكيف مع المتغيرات المتوقعة والتي قد تطرأ.

كيف انعكس عملك مع أريج والصحافة الاستقصائية على عملك الإعلامي مع المنظمات الدولية (اليونسيف)؟

أريج منهجية ونمط صحفي أنيق قائم على أسس البحث العلمي التي تم تكييفها لما يسهل عمل الصحفي الاستقصائي. شخصياً أستفيد من التدريب الذي تلقيته كمشرف ومدرب في معظم أعمالي المرتبطة بالإنتاج الصحفي للاستهلاك العام كتحري الدقة – الموضوعية، وفحص دقة البيانات و اختبارها والتحقق من الشخصيات وما ينسب إليها من أقوال وغير ذلك كثير.