سامية عايش: يجب أن نبدأ بمواءمة أدواتنا وتدريباتنا مع عصر ما بعد كورونا، وهذا يتطلب ثورة في مجال التدريب وخصوصا التدريب الافتراضي التفاعلي

سامية عايش، زميلة تدريس في مبادرة أخبار “جوجل” الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تركّز سامية على سرد القصص المرئية في عملها، وتخلق طرقًا جديدة للترويج للقصص الإخبارية عبر منصات رقمية مختلفة، وتسعى سامية إلى تغيير طريقة الصحافيين في مشاركة تقاريرهم كل يوم باستخدام مجموعة متنوعة من الأدوات الرقمية.

عملت سامية عايش قبل انضمامها إلى “جوجل” كمنتجة للفيديو ووسائل التواصل الاجتماعية عبر الإنترنت في “سي إن إن” العربية في دبي، وكانت تعمل على تغطية أخبار الترفيه والسينما، وتخصصت في صناعة السينما العربية.


 

خلال مشوارك مع جوجل قبل كورونا وأثناءها، هل اختلف الأمر لديك من ناحية التدريب والتفاعل مع المتدربين؟


بالطبع، أعتقد أن حيواتنا جميعا تغيرت سواء على المستوى الإنساني أو العملي. قبل جائحة كورونا، كان التدريب يعتمد على زيارة غرف الأخبار ولقاء المتدربين وجها لوجه. هذا الأمر كان يساعدنا في مد جسور أكثر إنسانية مع الصحفيين، والتعرف إلى التحديات التي تواجههم في عملهم، إضافة إلى استكشاف طرق عملهم المختلفة، والحصول على صورة عامة عن كيفية أداء المؤسسات، حتى نقدم لهم في التدريب ما يناسب احتياجاتهم.

الأمر اختلف بعد كورونا، فكلنا نجلس خلف شاشاتنا نقدم التدريب أو نحصل على التدريب.


في العادة كانت التدريبات التي أقدمها تفاعلية، بحيث تضمنت مجموعة من النشاطات والألعاب والأسئلة… هذا الأمر اختلف كثيرا بعد كورونا، إذا أصبحت عملية تحويل هذا التفاعل الإنساني إلى المنصات الافتراضية  يحمل تحديات كثيرة. وأصبحت أنا في بعض المرات كمدربة غير قادرة على التعرف إلى ردود الفعل من المشاركين من خلال تعابير وجوههم أو لغة الجسد أو ما شابه، فعدد كبير منهم لا يفتح الكاميرا بالتالي أشعر وكأنني أكلم نفسي.


ولكن، يجب أن نعي أيضا أن الفترة المقبلة لن تكون أبدا كالسابق، ويجب علينا أن نبدأ بمواءمة أدواتنا وتدريباتنا مع العصر الجديد، وهذا يتطلب ثورة مختلفة في مجال التدريب وخصوصا التدريب الافتراضي التفاعلي.


ما مدى أهمية أن يطور الصحفي مهاراته في البحث والتقصي؟ 


الصحفي ليس كاتب أشعار أو مؤلف روايات. هو إنسان مسؤول عن نقل واقع يجري في مكان ما حول العالم بلغة يفهمها الناس، وبشكل كامل من دون زيادة أو نقصان. وحتى نستطيع تحقيق الجزء الأخير من الجملة السابقة، علينا أن نجند الصحفي دائما بأدوات تساعده في الحصول على الصورة كاملة، وهي أدوات البحث والاستقصاء.


والآن مع كثرة المعلومات والبيانات والأخبار الكاذبة والشائعات وقدرة الناس على نشر المعلومات بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الحاجة إلى هذه الأدوات أكثر.


وقد قطعت التكنولوجيا شوطا كبيرا في ابتداع الأدوات الصحفية لمساعدة الصحفيين على البحث، وهي ورغم صعوباتها الكثيرة، أصبحت أداة مهمة في العمل الصحفي مثل البحث عبر جوجل أو البحث في قوائم البيانات أو الأبحاث العلمية أو غير ذلك. في هذا الزمن، الصحفي غير القادر على تطوير نفسه من ناحية الأدوات التقنية سيأتي عليه وقت لن يكون قادرا على البقاء في  ساحة  المنافسة، وسيجد أن الخبرة الصحفية وحدها والمصادر غير كافية للاستمرار، خصوصا وأننا نعيش اليوم في عصر رقمي تفاعلي، لا يقوم القارئ بقراءة الخبر فحسب، بل يتفاعل معه بالصوت والصورة واللمس وغيره.


مجموعة من الادوات التي يجب على كل صحفي الإلمام بها ومعرفتها؟

 

هناك الكثير من الأدوات المهمة في عمل الصحفي، وكل بحسب اختصاصه. ولكن أعتقد أن الأدوات الخاصة بالبحث والتحقق في هذا الزمن باتت من الأدوات المهمة لجميع الصحفيين. فالبعض قد يكون مهتما بالبيانات والبعض الآخر قد يكون مهتما بالخرائط، وفريق ثالث قد يهتم بالوسائط المتعددة.. ولكن أعتقد أن ما يجمع ما بين جميع الصحفيين هو القدرة على البحث وعلى التحقق.


وأود التشديد على موضوع التحقق نظرا لأن الكثير من الصحفيين لا زالوا يشعرون أن الموضوع جديد عليهم، رغم أنه قديم قدم العمل الصحفي. غير أن الجديد فعلا هو التوجه التقني لتطوير أدوات حديثة تعين الصحفي في التحقق من الصور ومقاطع الفيديو والتصريحات، ووقف السيل الهادر من الأخبار الكاذبة التي نراها كل يوم. وأستطيع أن أقول إن هذه الأدوات ليست حكرا على الصحفيين فحسب، ولكن أيضا يجب أن يتم تعريف جميع الناس بها، وتصبح في متناول اليد، لأن مهمة وقف انتشار الأخبار الكاذبة هي مسؤولية العالم أجمع وليس الصحفيين فقط.


ما هي النصائح التي تقدميها للصحفيين العرب؟


لدي الكثير من النصائح للصحفيين، سأضعها كالتالي:


– القراءة.. لا تستهينوا بالقراءة في أي موضوع، فالصحافة هي ما نسميه بـ Interdisciplinary Field أي المجال المرتبط بجميع المجالات الأخرى. والقراءة الجيدة تعزز اللغة الجيدة وطريقة الكتابة والأسلوب الجاذب للقراء.


– الخبرة لا تكفي في هذا الزمن، أقبلوا على تعلم كل جديد خصوصا في المجال التقني. الإنترنت اليوم مليء بالدورات التدريبية ومقاطع الفيديو التي تتحدث عن موضوعات مختلفة.


– التخصص جيد في الكتابة، ولكن أعتقد أن على الصحفي في زمننا الرقمي أن يكون أيضا ملما بجوانب أخرى من العمل الرقمي، كاجتذاب الجمهور، وتحليل مؤشرات البيانات وغيرها وذلك من أجل أن يكون قادرا على تقديم المادة التي يبحث عنها الناس في المكان الوقت المناسبين.


– نصيحة للصحفيين الشباب خصوصا من أنهوا لتوهم الدراسة ويستعدون للدخول في معترك العمل: وسائل التواصل الاجتماعي فتحت المجال اليوم أمام الكثير من الشباب لتقديم محتوى شبابي مختلف. هذا جميل، ولكن لا تنجرفوا خلف المحتوى السطحي الذي لا يحمل أي معنى إنساني، بل اخلقوا هويتكم بأيديكم، وأقبلوا على الكتابة المطولة أو التقارير المصورة المعمقة التي يمكنكم أن تنشروها على مدوناتكم أو حساباتكم الاجتماعية. اتبعوا شغفكم، ويوما ما سينتبه أحدهم إلى هذا الشغف، وستجدون أنفسكم حيثما ترغبون.. والأهم لا تخافوا التجارب الجديدة، فهي التي ستعلمكم.


– كثير من المؤسسات الصحفية والصحفيين في هذه الأيام يبحثون عن الأرقام:  الزيارات والنقرات وغيرها. يجب أن نجد معايير أخرى لنقيم العمل الصحفي. فعدد الزوار مهم ولا شك، ولكن يجب أن يكون مصاحبا بمعايير أخرى تدل على اهتمام الناس بجودة المادة الصحفية.