هدى عثمان صحفية ومدربة صحفية مقيمة في نيويورك وهى رئيسة منظمة الصحفيين العرب والشرق اوسطيين بالولايات المتحدة.
في عام ٢٠٠٨ قامت هدى بالاشتراك مع ديف كابلين ومن خلال شبكة الصحفيين الدوليين بتطوير دورة تدريبية للصحافة الاستقصائية باللغة العربية والتي نتج عنها تدريب مئات الصحفيين على مر الاثنى عشر سنة الماضية. وقد عملت هدى بقسم الصحافة الاستقصائية بشبكة اى بى سى نيوز و شبكة سى بى اس نيوز و كمراسلة لقناة فرانس ٢٤. كما عملت مع شبكات عربية وعالمية عدة ومنها بى بى اس و الاسوشيتد برس.
——
التحقت أخيراً بفريق هيئة التحرير في أريج، ماهي المهام المناطة بك؟ وكيف يمكن أن تساعد خبرتك الطويلة في مجال التدريب في مهمتك الجديدة؟
بداية أحب أن أعرب عن مدى سعادتي بالانضمام إلى فريق هيئة تحرير أريج، وعن حماستي لمهامي الجديدة. تضمنت مهامي مناقشة أهدافنا وأولوياتنا كمنظمة تدعم العمل الصحفي الاستقصائي في العالم العربي، إضافة إلى العمل على تجديد نموذج تقديم فكرة تحقيق مع أريج. ودرسنا كهيئة تحرير الأسئلة بعمق وناقشناها بعناية حتى توصلنا إلى نموذج نضمن أنه يوفر أدق المعلومات حول فكرة التحقيق والصحفي المتقدم.
تتضمن مهامي خلال الفترة المقبلة، العمل على تقييم أفكار التحقيقات المقدمة من خلال النموذج واختيار الأنسب، ثم متابعة التحقيقات مع الصحفيين والصحفيات. إضافة الى ذلك أعمل أيضا على ورشات أريج للتدريب، ومنها الورشة التي تعقد في شهر ابريل\نيسان المقبل. وتتضمن مهامي المتعلقة بالورشة اختيار المشاركين وتطوير المنهج والتدريب. أما بالنسبة لعملي في مجال التدريب فأنني أعتبر انضمامي لهيئة التحرير في أريج تتويجاً لجهود عملي في مجال التدريب الصحفي لسنوات طويلة. دربت المئات من الصحفيين والصحفيات، معظمهم من العالم العربي، وأشعر بفخر كبير وأنا أتابع مسيرتهم المهنية، خاصة الذين قرروا التخصص بالصحافة الاستقصائية، وكذلك حين اقرأ او أشاهد تقاريرهم و تأثيرها على مجتمعاتهم، أو أسمع عن فوزهم بجوائز صحفية. وأرى ان خبرتي في مجال التدريب الصحفي ستساعدني كثيراً في عملي كعضو في هيئة التحقيق.
حدّثينا أكثر عن نظام التقديم الجديد في أريج للعمل على التحقيقات الاستقصائية؟ وماهي معايير اختيار الأفكار والصحفيين؟
يتضمن نظام التقديم الجديد بعض الأسئلة الإضافية التي تتيح لنا كهيئة تحرير تقييم الفكرة والصحفي أو الصحفية بصورة شاملة ودقيقة. ويتطلب التقديم أيضا أن يحصل المتقدم على شهادات استكمال المسارات الرقمية التدريبية الثلاثة. وسوف يمنح ذلك الصحفي الذي لم يعمل بالصحافة الاستقصائية فكرة عن ماهية الصحافة الاستقصائية. ونرى أن استكمال المسارات يساعده أيضا على ملء النموذج بنجاح أكبر.
أما بالنسبة لمعايير الاختيار، فنحن نبحث عن تحقيقات تكشف عن أشياء لم تكن معروفة من قبل، أشياء مهمة، ولها تأثير على المجتمع. لذلك فمن أهم الأسئلة بالنموذج هو السؤال الرابع عشر: “ما الجديد الذي يكشفه التحقيق، ويختلف عن التناول الإعلامي السابق للقضية/الموضوع؟”
ونبحث أيضا عن صحفي يتسم بالجدية والمثابرة والشغف بالعمل، ومستعد لاستثمار الجهد والوقت لإتمام التحقيق. ونصيحتي للمتقدمين ملء النموذج بأقصى دقة وصراحة.
كيف ترين الصحافة الاستقصائية بعد عقد من انتشار هذا النوع من الصحافة في المنطقة؟
أشعر بالفخر بما وصلت اليه الصحافة الاستقصائية في العالم العربي. عندما كنت أعمل على تطوير منهج لدورة تدريبية للصحافة الاستقصائية للصحفيين العرب قبل ١٢ عاماً، حاولت البحث عن بعض الأمثلة التي يمكن أن اضمنها بالمنهج ولكن للأسف لم أجد. والذي وجدته لم يكن على مستوى عال من الجودة. اليوم هناك العديد من التحقيقات الاستقصائية كل عام، وهناك جهد مستمر للارتقاء بهذا النوع من الصحافة، وهناك انتعاش يشعرني بالفرح بما تم التوصل اليه، وأمل كبير بالنسبة للمستقبل.
كيف تقيّمين التغيير الذي جلبته التقنيات الرقمية إلى صحافة الاستقصاء؟
لا شك أن التقنيات الرقمية ساعدت على انتعاش الصحافة الاستقصائية سواء من خلال توفر معلومات هائلة على شبكة الانترنت، أو تسهيل التواصل مع المصادر -أحيانا بصورة سرية- أو استخدام التقنيات الجديدة في تقديم التحقيق الاستقصائي الذي يكون أحياناً معقداً ومكدساً بالمعلومات في صورة سهلة الاستيعاب وأحيانا تفاعلية.
ما هي النصيحة الأولى التي تخطر على بالك لصحافي استقصائي في بداية تجربته؟
قد يبدو ذلك غريباً، ولكن أهم نصيحة أعطيها للمشاركين بالدورات التدريبة التي أشرف عليها، هي تعلم اللغة الإنجليزية أو تحسينها. ويعود السبب في ذلك إلى أن الصحفي بإمكانه تطوير نفسه بشكل كبير من خلال التدريبات المتوفرة مجاناً باللغة الإنجليزية التي هي مهمة عند اجراء بحث على شبكة الانترنت، او عبر المصادر المفتوحة. وهي مهمة أيضا للتواصل مع مصادر او مع صحفيين من دول أخرى. وربما الأهم من ذلك هو أن الصحافي سيتمكن من الاطلاع على التحقيقات الاستقصائية المنشورة باللغة الانجليزية. أنا أؤمن أن أفضل طريقة لفهم الصحافة الاستقصائية وتحسين وتطوير الصحفيين لأنفسهم هي الانغماس بعالم الصحافة الاستقصائية من خلال الاطلاع المستمر على آخر التحقيقات الاستقصائية وخاصة التحقيقات المتميزة والفائزة بجوائز. وأنصح بجعل قراءة أو مشاهدة أو الاستماع إلى تقارير صحافية استقصائية جزء من الروتين اليومي للصحفي. ويمكن للصحفي الاشتراك بنشرات الكترونية تابعة لمنظمات صحافة استقصائية مثل GIJN وOCCRP و ICIJ وPulitzer Prize. ذلك سيساعد على الهام الصحفي واطلاعه على التغييرات الممكنة من خلال التحقيقات الاستقصائية. وأيضا تعلم الطرق المختلفة لتنفيذ التحقيقات وأنواع التحقيقات المختلفة والمجالات التي يمكن إجراء التحقيق بها. أعتقد أن أكبر خطأ يمكن للصحفيين المستجدين أن يقعوا فيه هو الخلط بين التحقيق المعمق feature story والتحقيق الاستقصائي. و سيساعد الاطلاع المستمر على التحقيقات الاستقصائية المتميزة على ترسيخ فهم ما هو التحقيق الاستقصائي.
بحكم تجربتك العربية والعالمية كيف تنظرين الى الفرق في صحافة الاستقصاء بين تجربة العالمين (العرب والغرب)؟
لأسباب متعددة لم تتطور الصحافة الاستقصائية في العالم العربي كمثيلتها في الغرب. ولذلك نجد اليوم أن برغم التطور الهائل الذي شهدته الصحافة الاستقصائية العربية خلال السنوات الماضية لا يزال هناك فارق بينها وبين الصحافة الغربية في ما يتعلق بعدد التحقيقات الصحفية ونوعيتها ومهارات الصحفيين. وبرغم ذلك يمكنني القول بأن الصحافة الاستقصائية في العالم العربي قطعت شوطاً كبيراً و تطورت بشكل سريع. ويمكننا أن ننظر إلى التطور بالصحافة الاستقصائية الغربية على كونه فائدة يمكن أن نستفيد منها ونستخدمها للتعلم والتطور السريع عندنا. ونحن في منظمة أريج نؤمن بذلك ولدينا علاقات قوية مع منظمات صحافة استقصائية عالمية وصحفيين عالميين ندعوهم لمؤتمراتنا كمدربين ومتحدثين من أجل أن نتيح للصحفيين العرب فرصة الاستفادة من خبراتهم.
كيف تقيمين تجربة أريج؟ وأين ستكون أريج خلال الأعوام المقبلة في ظل التحديات التي تواجهها الصحافة الاستقصائية في العالم العربي؟
ساعدت أريج على النهوض بالصحافة الاستقصائية في العالم العربي. وشاركت كعضو بلجنة التحكيم لجائزة أريج خلال السنوات الثلاث الماضية، وأسعدني أن اطلع على التحقيقات المشاركة في المسابقة، ولمست التقدم الذى حصل في مجال الصحافة الاستقصائية بفضل مجهود أريج الكبير.
لا أرى التحديات التي تواجه الصحافة الاستقصائية في العالم العربي عائقاً امام التطور بل هي تساعد على التطوير في هذا المجال نظراً لأن الصحفيين سيعملون على تطوير مهاراتهم وانجاز التحقيقات برغم التحديات، وسيكتسبون المناعة اللازمة لمواجهة مثل هذه التحديات. وأتوقع أن يستمر التطور بالصحافة الاستقصائية، وأتوقع ان نرى المزيد من التحقيقات المتميزة التي تحدث تغييراً فعلياً في المجتمع وتفيد الجمهور. وأتطلع إلى أن أكون جزءاً من ذلك وأن أسهم فيه من خلال عملي في أريج.