مروة العقاد- من بحث واستقصاء “سرّي للغاية” إلى لقاءات تنقلنا لـ “آخر كلام” وتوصلنا إلى الخلاصة، يكشف يسري فودة، رائد الصحافة الاستقصائية في العالم العربي، الستار عن أهم سمات الصحفي الاستقصائي وينقل تجربته في إجراء المقابلات الصحفية مع أنماط مختلفة من المصادر ويعرّف بالتقنيات الأنجح لاستخدامها، من لحظة اختيار الملابس المناسبة للمقابلة إلى العودة بصيد ثمين بعد إجرائها.
إنضم لنا في هذه الرحلة الممتعة والغنية التي تنقلها لكم شبكة الصحفيين الدوليين من إحدى ورشات مؤتمر أريج الثامن للاستقصائيين العرب.
بدأ فودة ورشته بالتعريف بأنواع المصادر التي ستحتاج لمقابلتها
1- المتعاطف: هو “نافخ الصفّارة”، الشخص الذي يريد الإخبار عن مشكلة يصعب عليه إيصالها للمسؤولين؛ في كثيرٍ من الأحيان يكون هو نفسه من نبّه الصحفي بفكرة التحقيق.
2- المحايد: شخص يريد التحدث لكنه خائف أو متردد، مع الوقت وبعض المهارات سيصبح أكثر شجاعة للحديث.
3- غير المتعاطف: يمثّل الجهات الحكومية في أغلب الأحيان، وفي السطور القادمة ستتعرّف على كيفية التعامل معه. إبدأ بتصنيف مصادرك حسب الأنواع السابقة لتسهّل على نفسك عملية التحضير لمقابلتها، حيث ستكون أكثر تفهماً لحاجاتها وحالتها.
التواصل غير اللفظي
ذكر فودة نوعين من التواصل، اللفظي وغير اللفظي، لكنه شدّد على أهمية التواصل غير اللفظي مع المصدر، كلغة الجسد، مكان اللقاء وكيفية الجلسة التي ستتخذها أنت ومصدرك.
إن أتقنت استخدام هذا النوع من التواصل ستنجح بالخروج بمقابلة صحفية مميّزة، فقد استطعت باستخدامه من قراءة مصدرك جيداً ومن كسبه بطريقة غير مباشرة.
عرض فودة أسلوبه قبل، خلال وبعد إجراء المقابلات، ومنه كانت هذه النصائح:
1- ارتدي الملابس التي تشعرك بالراحة، ولكن، كُن ذكياً عند اختيارها، بحيث تكون مقبولاً إجتماعياً.
2- كيّف نفسك لتتأقلم مع طباع مصادرك ومواعيدهم.
3- إتصل بمصدرك قبل وقت من موعد المقابلة لتذكيره بالموعد والتأكيد عليه
4- كُن في موقع المقابلة قبل الموعد بوقت كافٍ لتكون على أهبّة الاستعداد
5- إفتح مواضيع تثير قابلية مصدرك للتحدث.
6- أصمت لتسمع مصدرك جيداً، واصمت كذلك لتجعل بعض الأحداث تعرض نفسها بنفسها.
7- ألقي بأول 15 دقيقة إلى سلة المهملات، فتكمن أهمية هذه الدقائق بإخراج المقابَل من حالة اللاوعي التي تحدث بسبب الأشخاص الجدد والمكان، هيبة الكاميرا، الأضواء أو المسجلات الصوتية، كما تكون هذه الفترة كافية لكسر حاجز التقاء العيون.
8- كُن مقتصداً بالتعامل مع الحقيقة، أو بمعنى آخر “اعرف كيف تكذب” حين تتعامل مع المصادر وغيرهم، مثلاً: إن تمت مواجهتك بأمر، أزعجهم خلال اللقاء وكُن ذكياً بإخراج نفسك من المسؤولية بإجابات مثل “حضرتك لم تبدي إنزعاجاً من البداية”.
9- إحرص دائماً على أن تكون مواضيعك التي تطرحها مناسبة لسياق الزمان والمكان، من هنا تكمن براعتك ويظهر تميّزك، بمعنى آخر، تبنّى تعريف الجاحظ للبلاغة “مناسبة المقال لمقتضى الحال”.
10- فكّر بنوع مقابلتك، هل هي مكتوبة أم تلفزيونية؟ وإن كانت تلفزيونية، هل هي مباشرة أم مسجلة؟ يجب أن تفكر جيداً بهذه الأمور وبناءً عليها تبحث عن أفضل الطرق للخروج بمقابلة ناجحة وغنية.
11- إن كنت ستقابل مسؤولاً، فاحرص على ألا تقابله وهو جالس على مكتبه، فهذه الجلسة المتعالية ستؤثر عليك وعلى الجمهور نفسياً وذهنياً، حاول بطريقة ذكية وبأسلوب لطيف تغيير مكان جلوسه لتكونا على تساوٍ.
12- إبحث عن المشتركات بين إجابات مصادرك واربطها ببعضها البعض، هكذا قد تستطيع الخروج بكثير من الحقائق والخفايا التي تبحث عنها.
13- إبقَ محايداً، مهما عرفت عن المصدر.
14- مسؤوليتك كصحفي حماية مصادرك، مهما كانت المخاطر التي ستتعرض لها.
دروس مستفادة من الورشة
ضرورة كتابة الأسئلة التي ستواجه بها مصدرك
لا داعي لكتابة الأسئلة والاعتماد عليها في المقابلات، فالأسئلة ستقيّدك وستصعّب عليك عملية المتابعة مع الضيف وطرح الأسئلة الجديدة التي قد يلهمك حديثه لها، فتركيزك كله متمحور حول قراءة الأسئلة التي حضّرت لها. لذلك، كل ما عليك فعله هو التحضير الجيد لكافة محاور المقابلة وإيقاظ كافة حواسك خلالها، يجب أن تكون يقظاً وبكامل تركيزك على أبسط الحركات والتمتمات، حينها ستخرج بالأسئلة المناسبة.
المفتاح الأفضل لجعل المصدر يتحدث أن تدخل عليه من باب “جلب المنفعة أو درء المضرة”.
في حين لم يتجاوب معك المصدر
اتّبع أسلوب “تسقيع الزبون”، أي مسايسة المصدر والصبر عليه حتى تُخرج منه ما تريده.
التعامل مع المصادر التي تنظر للصحافة على أنها وسيلة تعبوية لا علاقة لها بالرقابة والمحاسبة.
غذّي شخصية هذا المصدر برفع معنوياته وجعله يشعر بالغرور، مثلاً، أظهر له جهلك بالموضوع الذي تحتاج معلومات عنه، وحاجتك للفهم منه، فهو العليم والخبير بخفاياه، حينها ستستفزه ليتحدث.
إمكانية خوض الصحفي بأمور ضد القانون
إذا كنت تمتلك الأدلة، تخبئ حسن النية وتسعى للصالح العام فلا بأس بذلك، ولكن، ادرس الموضوع من كافة الجوانب وكُن على دراية كاملة بقوانين البلد التي تعمل فيها، وتذكر دائماً أن ما لا يُدرك كله لا يُترك كله، فإن شعرت بصعوبة أو استحالة المغامرة، حاول إيصال ما تريده بأقل المخاطر الممكنة، المهم أن لا تترك الموضوع يموت.
ختم فودة بعبارة “يا رب أن لا أكون السبب بكلمة تبرّئ مذنب أو تدين بريء”، وهي بدون أدنى شك، الدرس الأهم الذي نحتاجه في عملنا كصحفيين.
عُقد مؤتمر أريج السنوي الثامن للصحفيين الاستقصائيين العرب مطلع كانون الأول/ ديسمبر 2015 في العاصمة الأردنية عمّان.
الصورة من تصوير مروة العقاد أثناء حضورها المؤتمر.