مقابلة الشهر تستضيف صحفية البيانات والمدربة في مؤسسة انترنيوز ايفا كونستنتارس، المتخصصة في تشكيل واعداد فرق صحافة البيانات في البلدان النامية. قدمت هذه الفرق من الصحافيين تقارير من أنحاء أمريكا اللاتينية وآسيا والشرق الأوسط وأفريقيا حول موضوعات مختلفة. وبصفة كونستنتارس كباحثة في صحافة البيانات في Google وزميلة في برنامج فولبرايت، طورت دورة للصحافة الاستقصائية والبيانات في البيئات الخطرة.
لقد أنهيت إعطاء دورة طويلة مع “انترنيوز” حول صحافة البيانات وقمت بتطوير دليل تمت ترجمته إلى العربية ومنشور على موقع أريج. كيف كانت هذه التجربة؟
منذ الربيع العربي، أردت المساهمة في تطوير صحافة البيانات في المنطقة. قدمت الاحتجاجات في تونس والعراق ولبنان ومصر وأماكن أخرى دليلاً آخر على أن المواطنين قد سئموا، وأنهم يريدون أن يكونوا قادرين على مساءلة الحكومة. لسوء الحظ، إن وسائل الإعلام في معظم أنحاء المنطقة ليست على مستوى رسالة إبقاء المواطنين على اطلاع بكيفية قيام الحكومة بعملها. في هذا السياق أطلقنا برنامج شهادة صحافة البيانات في الأردن. سعى البرنامج التدريبي المكثف لمدة 200 ساعة والذي تم تقديمه على مدار عام إلى جمع المهنيين ذوي التصميم والدافع لتعلم المهارات اللازمة لمساءلة السياسيين أمام المواطنين من خلال البيانات. يعلم الدليل عملية صحافة البيانات، و المنهجية القائمة على الاستفسار، لتمكين المهنيين من متابعة استفساراتهم المتعلقة بمجالات خبرتهم. تسعى المقالات التي نشروها إلى إطلاق نقاش عام حول ما إذا كانت الحكومة توفر الخدمات الاساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم وخدمات عامة أخرى بشكل متساوي وبجودة عالية استنادا الى الحقائق والأدلة. على سبيل المثال، شرح عبد الله الشمالي، خبير الطاقة الآن في مؤسسة فريدريش إيبرت، إمكانات ومخاطر تعامل الحكومة مع الطاقة المتجددة في الأردن. و حقق حزم المازوني، صحفي سوري تابع المحاولات الدولية لمساعدة اللاجئين السوريين على إعادة بناء حياتهم، في سبب فشل مليارات الدولارات في مساعدتهم على بناء حياة أفضل. لقد طوروا هذه القصص لعامة الناس، بحيث عندما يدلي السياسيون بتصريحات أو وعود حول أشياء مثل الطاقة أو سياسة اللاجئين، يتعين عليهم الرد على الجمهور الذي يفهم القضايا.
كيف تقيمين صحافة البيانات في العالم العربي مقارنة ببقية العالم؟
من بين جميع مناطق العالم، أعتقد أن صحافة البيانات تتمتع بأكبر إمكانات في العالم العربي لأن أصوات المواطنين العرب هي الأعلى حالياً في المطالبة بالتغيير من حكوماتهم. ولكن من نواح عديدة، يعود الأمر الآن إلى الصحفيين ووسائل الإعلام للارتقاء إلى مستوى التحدي. تتعارض القصص التي تبحث في التعليم باعتباره ترياقًا للعنف الأسري وفشله في تأمين وظائف للمرأة مع العناوين الأكثر إثارة التي تستغل القصص المروعة للعنف ضد المرأة لجذب المزيد من المشاهدات في وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم العربي. مثلما سئم المواطنون من محاولات الحكومات الفاشلة لتمكين المرأة في العالم العربي ، فقد سئموا من التغطية السطحية لعدم المساواة المتجذرة بعمق، سواء على أساس الجنس أو الطبقة، التي تنشرها وسائل الإعلام، بينما يفلت من هم في السلطة من المساءلة. لكل بلد صحفيون شغوفون يرون أن مهمة الصحافة تساهم في مشاركة المواطنين في مستقبل الديمقراطية في بلادهم. يتمثل التحدي الرئيسي في تهيئة الظروف لهؤلاء الصحفيين للعثور على الدعم الذي يحتاجونه لإنتاج ونشر صحافة عالية الجودة في دور الإعلام السائد الذي يسيطر عليه السياسيون والمصالح التجارية.
ما هي المهارات التي يحتاجها الصحفي ليكون صحفي بيانات؟
لنبدأ بالمهارات التي لا تحتاجها: لست بحاجة إلى أن تكون عبقريًا في التكنولوجيا، أو جيدًا في الرياضيات، أو صحفيًا متمرسًا، أو أي نوع من الصحفيين على الإطلاق. تم تسميم صحافة البيانات من قبل التقنية الشوفينية، والاعتقاد بأن التكنولوجيا هي الحل دائمًا. لا تتعلق صحافة البيانات بالتكنولوجيا؛ بل إنها تدور حول القصص التي تشرح التجربة الإنسانية. يجب أن تكون شغوفًا بالموضوع الذي تغطيه ومن ثم يجب أن تكون قادرًا على متابعة عملية بحث مثبتة خطوة بخطوة تنقلك من الفكرة إلى التحقيق المكتمل والتحقق الذي يصل إلى جذر المشكلة. يجب أن تلتزم بالشفافية و بأعلى معايير التوثيق أثناء تطوير مهارات البيانات الخاصة بك. إذا كنت شغوفًا ودقيقًا، فلديك بالفعل ما يلزم لتصبح صحفي بيانات. الباقي هو تعلم الأدوات والعمليات لمساعدتك في العثور على قصتك واخبارها.
بالنسبة للصحفيين الراسخين الذين يحاولون تعلم صحافة البيانات في وقت لاحق من حياتهم المهنية، قد يبدو الأمر مخيفًا في بعض الأحيان. ما هي نصيحتك لهم؟
نصيحتي هي متابعة صحافة البيانات فقط إذا شعروا أنها يمكن أن تساعدهم على تلبية احتياجات معلومات جمهورهم بشكل أفضل. ابدأ بموضوع تعرفه جيدًا وتعتقد أن جمهورك يريد أن يفهم بشكل أفضل: مثلا ما هو سبب فشل المدرسة المحلية أو سبب عدم توفر اختبارات فيروس كورونا أو أي قطاع من الاقتصاد يقوم بالتوظيف. قم ببناء قصة البيانات الخاصة بك حول الإجابة على هذا السؤال.
ما هي نصيحتك للصحفيين العرب الذين يريدون التعامل مع البيانات؟
نصيحتي الأولى هي قراءة صحافة البيانات. قمنا بتجميع مجموعة من صحافة البيانات من العالم العربي. من المصادر الرائعة الأخرى لصحافة بيانات المصلحة العامة The Nation Newsplex بكينيا و Indiaspend و Live Mint’s Plain Facts بالهند وموقع Internews Data Journalism. اختر موضوعًا، وابحث عن قصة بيانات مماثلة تم نشرها في بلد آخر، واعرف ما إذا كان بإمكانك كتابة قصة مماثلة باستخدام البيانات المحلية. استخدم دليل صحافة البيانات إنترنيوز الأردن للإرشاد. تواصل مع أريج حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة والإرشاد الذي تحتاجه. أدرك أنه من أجل أن تصبح صحفي بيانات ناجح فإنه يتعلق في الغالب بالمثابرة والعمل الشاق، ولكنه يستحق ذلك في النهاية.