ميادة الداود - الخبز في غزة

2015/12/15
التاريخ : 15/12/2015

لأنه كان القوت اليومي لـ(1.8) مليون مواطن في قطاع غزة، فقد كان العمل على فرضية ان الخبز الذي يتناوله اهالي غزة هو خبز ملوث بالنترات السامة، حساسا وصعبا جدا، وتحتاج كل معلومة يمكن الحصول عليها الى  المراجعة أكثر من مرة للتحقق من صحتها. بدأت فكرة التحقيق حين لاحظ الصحفي محمد ابو شحمة ان الكثير من مخابز قطاع غزة كانت تستخدم مياه الحنفية في عملية انتاج الخبز، رغم ان استخدام هذه المياه للشرب كان ممنوعا من قبل السلطات المحلية للقطاع، لكونها تسبب ضررا مباشرة على صحة المواطنين لارتفاع نسبة النترات فيها.

الفرضية التي انطلق منها الصحفي في انجاز التحقيق، هي أن اصحاب المخابز كانوا يستخدمون مياه الحنفية في انتاج الخبز دون ادراك مخاطرها، وان النترات السامة تبقى في الخبز المنتج حتى لو تعرض الى نيران الفرن.

من خلال زيارة الصحفي الى عدد من مخابز القطاع، تبين له ان أن مخبزا واحدا فقط كان لا يستخدم مياه الحنفية، وهو ما يعني ان المخاطر ستكون كبيرة جدا على صحة المواطنين اذا تبين ان النترات تبقى في الخبز حتى بعد شيه بنيران الفرن. ولهذا كانت الخطوة التالية هي فحص عينات من الخبز للتأكد من نسبة النترات المتبقية، والتي ثبت انها  بمستويات اعلى بكثير من المستويات المسموح بها عالميا ومحليا، وهو ما أكد اطباء ومتخصصون بانها تكفي لايقاع ضرر كبير بصحة المواطنين.

ابرز التحديات التي تواجه المشرف على اي تحقيق استقصائي، هو عملية استيفاء الادلة التي تبرهن على صحة الفرضية، واثبات الحقائق التي يتم اكتشافها، خصوصا في مجال اثبات وجود خطر على حياة الانسان، وهو يتعلق في هذا التحقيق باكثر الاشياء التصاقا بالحياة اليومية للانسان، وهو الخبز.

ولهذا كان علينا ان نستوفي جميع مفاصل الفرضية، وان لا نترك مجالا لأي شكوك حول صحة الفرضية، فضلا عن ضرورة تبسيط الارقام والنسب لتوضيح فكرة التحقيق للقراء، اضافة الى التحدي الاكبر، وهو اثبات الحقائق بالادلة الكاملة والعمل على مواجهة المؤسسات المعنية بانتاج الخبز والجهات الرقابية وتحميلها مسؤولية تعريض المواطن للخطر. رغم ظروف الحرب التي عاشها قطاع غزة اثناء انجاز هذا التحقيق، فقد تمكن الصحفي ابو شحمة من العمل على كل تفاصيل التحقيق، وكان الامر يتطلب الاجابة عن المزيد من الاسئلة والحصول على مزيد من المعلومات كلما تقدمت عملية انجاز التحقيق اكثر. تطلب انجاز التحقيق واثبات صحة الفرضية، اعادة البحث والتحري عن صحة كل معلومة او رقم حصلنا عليه، وكانت ابرز النصائح التي حرصت على ايصالها للصحفي ابو شحمة اثناء انجاز التحقيق، هي ان يكون صبورا، ويشكك في كل المعلومات التي يحصل عليها الى ان يتاكد من صحتها، وأن لا يستعجل الحكم على صحة الاشياء الا بعد ان يتوثق من صدقها، ويثبتها من خلال الارقام والنسبة المئوية والادلة التي تدعم فرضية التحقيق.