وديع العبسي - السجينه ... يتخلى عنها الأهل ويظلمها المجتمع فتغدو عرضة للانحراف

2013/06/25
التاريخ : 25/06/2013

* الفرضية: السجينات معاناة خلف القضبان وغياب الحماية القانونية وتغول منطق العيب يجعلهن منبوذات اجتماعيا خارج السجن ويدفعهن للانحراف او الانتحار.

* انطلقت الفكرة من سؤال، كيف يتعامل الناس مع السجينة بعد خروجها من السجن، ومع سيطرة الفكر التقليدي لمجتمعنا العربي في تعاطيه مع قضايا المرأة وجدتني امام صورة قاتمة عن حالة امتهان واضطهاد تتعرض له هذه السجينة.

وعند قيامي ببحث اولي في هذا الموضوع قبيل وضع الفرضية توصلت الى ما يتجاوز كل الافتراضات الاولية التي تخيلتها، وإذا بالأمر يصل حد ان يرفضها الاهل والمجتمع جملة وتفصيلا حتى وان ثبتت براءتها، لتجد المرأة/ السجينة نفسها بعد الإفراج في الشارع، وهنا تبدأ رحلة النهاية.

مع حالة الوضع الامني غير المستقر في بلادنا، ووضع اي تحرك تحت دائرة الشك، كان من الطبيعي ان تتعقد محاولاتي للحصول على المعلومة من مصادرها. والتحرك حول المواقع ذات الارتباط بالموضوع وهي غالبا امنية كادت في بعض الاحيان ان تدخل بي في متاهات امنية واستخباراتية، خصوصا وانه في فترة تنفيذ التحقيق كانت كثير من السجون اليمنية تعاني من حالات فوضى.

اعتمدت بداية القراءة، وبشكل مكثف، لما توفر من معلومات عن الموضوع، وقمت بالتوازي برصد الثغرات، واللاعبين الاساسيين في القضية، وتحديد ما اريده في اتجاه اثبات هدف الظلم الذي افترضت. وبالنسبة للمسائل الفنية من ترتيب وتبويب فكنت احرص القيام بها اولا بأول وسهلت لي هذه العملية بالفعل العودة الى مصادري الخاصة كل ما اردت ذلك.

حرصي الأساسي كان اثبات الفرضية التي وضعتها، احيانا كنت اشعر ان هناك ما يمكن ان ينسف ما اقوم به، ليس لاكتشافي خطأ ما او تعارض مع استخلاصات توصلت اليها وإنما لوقوف عائق الحصول على المعلومة التي يمكن الاستناد الى مصدرها بثقة. معالجتي اعتمدت البحث في التراتبية في مستوى المسئولية، وفي نفس الوقت البحث في ما يعزز قوتي القانونية عند طرح المعلومة باعتبارها حقيقة وليست افتراء او تلفيقا.

نصيحتي للاخرين، عش القضية، اشعر بها، ثم اجعلها هدفا انسانيا تسعى من خلاله الى انصاف حال، ومعالجة وضع لا تستقيم ما فيه من ممارسات خاطئة مع رغبتنا في وجود بيئة تمكن الجميع من الحياة بصورة هادئة لا يتجاوز فيها القوي والنافذ مبادئ الحقوق الانسانية. كما انصح بتدوين كل ما يجده الصحفي من متعلقات القصة مع الحرص على التنظيم.

رغم الانشغال المجتمعي بوضع الفترة الانتقالية، إلا ان الموضوع كانت اصداءه ممتازة جدا. هناك من قرأ وشكرني مثل بعض الجهات النسوية، اضافة الى شخصيات مناصرة لقضايا المرأة، وهناك تحركات لبعض الجهات تبعت عملية النشر في النزول الى بعض السجون المركزية. اضافة الى انجاز دار ايواء جديد في مدينة الحديدة كما ابلغتني بذلك احدى اعضاء مؤتمر الحوار الوطني شامل.

حقيقة أفضل ضربة حظ اتصور انها افادتني هي قدرتي الوصول والدخول دار الايواء الوحيدة التي يجهل مكانها الكثيرون، وذلك بفضل تعاون وحماس واهتمام السيدة الفاضلة رمزية الارياني رئيسة اتحاد نساء اليمن الراعية الوحيدة لهذه الدار في صنعاء.

افضّل عادة البدء بالكتابة وقد تشبعت معرفة حول الموضوع، معرفة تشتمل الوثيقة، التصريح، المعاينة والاستماع.

رغم تناقل الكثير من المواقع الاعلامية للتحقيق ورغم التحركات التي على قلتها الا انها يمكن ان تكون مؤثرة ايجابيا على المدى المنظور، إلا ان ذلك ايضا لم يكن ليرضي ما قصدته فحرصت على اثارة الموضوع مع اعضاء في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يفترض انه يحدد اليوم المعالم الدستورية لليمن الجديد، ثم تواصلت معهم مباشرة وخصوصا المرأة، وشرحت القضية بكل ابعادها الانسانية والاجتماعية والاقتصاية، وكان النجاح الكبير ان انعكس تفاعلهم بان ترجموا تقبلهم الموضوع من خلال وضع بعض مبادئ دستورية تخص تحديدا رعاية المرأة السجينة بعد السجن بما في ذلك توفير مراكز رعاية يتأهلن من خلالها ليواجهن حياتهن في المستقبل بعد تخلي اسرهن عنهن، وبالتوازي الحرص على خلق وعي مجتمعي يتعاطى مع جريرة المرأة مثلها مثل الرجل ويتقبل اعتذارها وتوبتها ويمنحها فرصة اخرى للعيش بينهم.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *