محمد عثمان - تلوث وادي غزة

2012/07/15
التاريخ : 15/07/2012

بدأت فكرة تحقيق استقصائي عن وادي غزة، الملوث بمياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة، تتبلور لدي منذ دخولي مجال الصحافة الاستقصائية بداية عام 2010، فمن يدخل هذا المجال يكون أكثر فضولا وحبا في معرفة ماذا وراء تلك الظواهر او الافعال، على الرغم من انني كنت أمر عن الوادي طيلة ستة سنوات دراسة وعمل.

بعد حضوري لمؤتمر اريج الثالث في الاردن نهاية عام 2010 اجتمعت مع الاستاذ سعد حتر وقمنا بصياغة فرضية التحقيق بشكلها التالي :” قيام اسرائيل بتجميع مياه الامطار خلف السدود التي بنتها على حدود قطاع غزة، وتحويل البلديات المحلية مياه الصرف الصحي نحو مجرى وادي غزة المتصل ببحرها، يؤدي الى اضرار بيئية منها تلويت الشاطيء والمياه الجوفية، وتقليص الثروة السمكية، اضافة الى اغراق المنازل المبنية عشوائياً على حدود مجرى وادي غزة”… وبعد ذلك واثناء بحثي مرة أخرى وجدت صعوبة اثبات قيام اسرائيل بتجميع المياه خلف السدود نتيجة لخطورة المنطقة المحاذية مع الخط الاخضر، وارتأينا أن يكون العمل فقط على الجزء الثاني وهو تحويل البلديات المحلية لمياه الصرف الصحي…الخ.

بدأت العمل على التحقيق منذ بدايات شهر فبراير/ شباط 2011، واجهتني مشكلة عرقلت عملي وانهائي للتحقيق والذي كان في شهر يوليو من العام 2012م، تلك المشكلة كانت متمثلة بعدم تعاون الحكومة المقالة بقطاع غزة معي وبتزويدي بالاوراق والمستندات التي كانت متوافرة لديها اضافة الى عدم اعترافها بأن سبب المشكلة هي البلديات، مما أطال عمر العمل على التحقيق بحيث وصل الى نحو 16 شهرا..

امتدادا لتلك المشكلة فقد اصطدمت بواقع عدم وجود احصائيات رسمية للامراض المنتشرة بين السكان بسبب تدفق مياه الصرف الصحي الى الوادي، وكذلك عدم وجود فحوص تثبت التلوث، ومنها انطلقت لعمل بيانات خاصة بالتحقيق من خلال توزيع استبانة على سكان الوادي لاستطلاع ارائهم حول المشكلة واسبابها والامراض المنتشرة بينهم، اضافة الى عمل فحوص لمياه وتربة وادي غزة والتي اثبت من خلالها تلوث مياه وتربة الوادي.

خلال تلك الاشهر زرت وادي غزة بنصفه الذي يمتد من شارع صلاح الدين الى مصبه في البحر المتوسط، أكثر من أربعة كيلومترات، أكثر من عشرة زيارات، ناهيك عن الزيارات التي قمت بها للمؤسسات المعنية وبلديات غزة ووسط غزة النائية والتي كنت أقطع للوصول اليها ساعات مشيا على الاقدام.

وأخيرا، وفي الايام الاخيرة في عملي على التحقيق، اصبت في اخر زياراتي للوادي بباكتيريا الامتيميبيا بسبب قيامي بتناول مشروبا باردا من احدى النساء القاطنات على جانبي الوادي مباشرة بعد الحاح منها، ومن هنا تأكدت بأن المرض متفش بين سكان الوادي وأصبح لديهم مناعة بحيث لا يمكن اكتشاف الامراض بينهم بسهولة.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *