محمد أبوالعينين - أنفاق البحث عن آثار الإسكندرية.. بلد تحت البلد

2015/02/5
التاريخ : 05/02/2015

بدأت الفكرة حين انهارت 7 منازل بمنطقة كرموز “غرب الإسكندرية في ابريل 2013، نتيجة ‏قيام عدد من الأشخاص بالحفر في الغرفة الأرضية لأحد المنازل والتفرع في شبكة أنفاق أسفل ‏المنازل السبعة للبحث عن الاثار في تلك المنطقة التي تعد الركيزة الغربية التي بنى عليها ‏الأسكندرية الأكبر مدينة الأسكندرية، ونتيجة الحفر تم كسر ماسورة المياه الرئيسية أسفل تلك ‏المنازل ما أدى لتأكل الانفاق وانهيار المنازل السبعة وتسرد سكانها الذين يزيدون عن 28 أسرة.‏
بعد اعتماد الفرضية مع فريق أريج للتحقيقات الأستقصائية بدأ البحث أولا بالمناطق المنكوبة في ‏كرموز لمعرفة تفاصيل الواقعة والحديث مع الأهالى المشردين، كيف حدث؟ ولماذا حدث؟ ومن ‏خلال روايات الأهالي وجدنا أن المنطقة تعرضت لأكثر من حالة في أوقات سابقة، ما دفعنا للجوء ‏لخبير متخصص في أثار الإسكندرية لمعرفة الخريطة الأثرية للإسكندرية وأين تنتشر الأثار في ‏تلك المدينة، ومن خلال تلك المناطق بدأ البحث عن المناطق الغنية بالأثار أو المتاخمة لها، ‏ووجدنا حالات عديدة قام ملاك أو مستأجرين بالحفر والتنقيب عن الأثر خاصة كرموز وكوم الدكة ‏التي تهد الركيزة الغربية للإسكندرية القديمة، وكذلك مناطق العامرية ومحرم بك ومناطق أخرى.‏
انتقل البحث بعدها في شرطة الأثار التي كشفت لنا عن وجود مايزيد عن 400 محضر تم توثيقهم ‏بعد الثورة بسبب الغياب الأمنى ورغبة الجناة في الثراء السريع، ومنع خلال تلك المحاضر تتبعنا ‏عدد من الحالات والنماذج الصارخة للحفر والتنقيب وكان من بينها حالة في منطقة محرم بك، قام ‏بالجفر وبعد القاء القبض عليه خرج لعدم وجود تقرير فني من هيئة الأثار التي تحدد إذا كانت ‏القطع المستخرجة خلال الحفر أثرية من عدمه، وتكرر الحفر من ذات الشخص الذى تم القاء ‏القبض عليه أيضا ولم يأتي التقرير الفني.‏
تأخر التقرير الفني دفعنا للذهاب إلى هيئة الأثار في الإسكندرية والتي اكدت أنها أرسلت محاضر ‏عديدة للنيابة لكن النيابة لم تنظر إليها وأنه من بين 40 معاينة قامت بهم الهيئة لم تتلقي أى رد من ‏النيابة.‏
ومن خلال محاضر هيئة الأثار تعرفنا على حالة “أ.غ” وهو أحد المتهمين الهاربين من الشرطة ‏بعد القبض على أعوانه السبعة في قضية حفر وتنقيب عن أثار، وكان الوصول إليه هو الحلقة ‏الأصعب في التحقيق لأنه يتخفى بشدة، واستلزم الوصول إليه التواصل مع حفار لأن الحفارين ‏عددهم محدود ويعرفون بعضهم، واقتنع بأنني طالب في كلية الأداب قسم أثار ومن خلال هذا ‏الوسيط ألتقيت “أ.غ” المتهم الوحيد الهارب إلى الأن والذي نقب في منازل كوم الدكة حتى وصل ‏إلى مقبرة كاملة أسفل الأرض.‏
أبرز الصعوبات كانت في طبيعة الموضوع نفسه لأن المتهمين يتخذون احتياطات شديدة، ‏بالاضافة إلى عدم تعاون الجهات الرسمية سواء هيئة الأثار أو الشرطة، فمثلا شرطة الأثار ‏ترددت عليها 5 مرات وفي كل مرة يرفض المسؤول معاونتى على إيجاد المحاضر، إلى أن اقتنع ‏احدهم بالحديث لكن اشترط أن يذكر بعض التفاصيل ورفض أن اقوم بالاضطلاع على المحاضر ‏ومعرفة كيفية وطبيعة كل حالة، ومع تردد أكثر من مرة عليه، وافق على الحديث شريطة عدم ‏ذكر أسمه أو بياناته.‏
الصعوبة الثانية كانت في الوصول إلى الحفار نفسه، لأنه يقوم بمهمة يعاقب عليها القانون، ‏وعددهم معروف وقليل يأتي من الصعيد أو محافظات الأرياف المتاخمة للإسكندرية (البحيرة ‏وكفر الشيخ) والتي من خلالهم وصلت إلى أحد المتهمين الهاربين.‏
أحد الصعوبات الأخرى هى أن التنقيب يتم أسفل الأرض وغير مرئي، وعليك أن تتواصل مع ‏سلسلة وسطاء للوصول إلى أحد الحالات.‏
بعد نشر التحقيق قامت هيئة الأثار بعمل حملات تفتيش على عدد من المناطق التي وردت في ‏التحقيق، وتم بالفعل ضبد جناة يقومون بالتنقيب عن الأثار، وشكلت هيئة الأثار فريق “طوارئ” ‏مهمته عمل حملات على المنازل القديمة في المناطق الأثرية أو المنازل التي يتم وضع حجر ‏أساسها لأن ملاكها يتخذون عملية البناء كـ”ستارة” للتنقيب.‏


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *