بدأت الفكرة حين انهارت 7 منازل بمنطقة كرموز “غرب الإسكندرية في ابريل 2013، نتيجة قيام عدد من الأشخاص بالحفر في الغرفة الأرضية لأحد المنازل والتفرع في شبكة أنفاق أسفل المنازل السبعة للبحث عن الاثار في تلك المنطقة التي تعد الركيزة الغربية التي بنى عليها الأسكندرية الأكبر مدينة الأسكندرية، ونتيجة الحفر تم كسر ماسورة المياه الرئيسية أسفل تلك المنازل ما أدى لتأكل الانفاق وانهيار المنازل السبعة وتسرد سكانها الذين يزيدون عن 28 أسرة.
بعد اعتماد الفرضية مع فريق أريج للتحقيقات الأستقصائية بدأ البحث أولا بالمناطق المنكوبة في كرموز لمعرفة تفاصيل الواقعة والحديث مع الأهالى المشردين، كيف حدث؟ ولماذا حدث؟ ومن خلال روايات الأهالي وجدنا أن المنطقة تعرضت لأكثر من حالة في أوقات سابقة، ما دفعنا للجوء لخبير متخصص في أثار الإسكندرية لمعرفة الخريطة الأثرية للإسكندرية وأين تنتشر الأثار في تلك المدينة، ومن خلال تلك المناطق بدأ البحث عن المناطق الغنية بالأثار أو المتاخمة لها، ووجدنا حالات عديدة قام ملاك أو مستأجرين بالحفر والتنقيب عن الأثر خاصة كرموز وكوم الدكة التي تهد الركيزة الغربية للإسكندرية القديمة، وكذلك مناطق العامرية ومحرم بك ومناطق أخرى.
انتقل البحث بعدها في شرطة الأثار التي كشفت لنا عن وجود مايزيد عن 400 محضر تم توثيقهم بعد الثورة بسبب الغياب الأمنى ورغبة الجناة في الثراء السريع، ومنع خلال تلك المحاضر تتبعنا عدد من الحالات والنماذج الصارخة للحفر والتنقيب وكان من بينها حالة في منطقة محرم بك، قام بالجفر وبعد القاء القبض عليه خرج لعدم وجود تقرير فني من هيئة الأثار التي تحدد إذا كانت القطع المستخرجة خلال الحفر أثرية من عدمه، وتكرر الحفر من ذات الشخص الذى تم القاء القبض عليه أيضا ولم يأتي التقرير الفني.
تأخر التقرير الفني دفعنا للذهاب إلى هيئة الأثار في الإسكندرية والتي اكدت أنها أرسلت محاضر عديدة للنيابة لكن النيابة لم تنظر إليها وأنه من بين 40 معاينة قامت بهم الهيئة لم تتلقي أى رد من النيابة.
ومن خلال محاضر هيئة الأثار تعرفنا على حالة “أ.غ” وهو أحد المتهمين الهاربين من الشرطة بعد القبض على أعوانه السبعة في قضية حفر وتنقيب عن أثار، وكان الوصول إليه هو الحلقة الأصعب في التحقيق لأنه يتخفى بشدة، واستلزم الوصول إليه التواصل مع حفار لأن الحفارين عددهم محدود ويعرفون بعضهم، واقتنع بأنني طالب في كلية الأداب قسم أثار ومن خلال هذا الوسيط ألتقيت “أ.غ” المتهم الوحيد الهارب إلى الأن والذي نقب في منازل كوم الدكة حتى وصل إلى مقبرة كاملة أسفل الأرض.
أبرز الصعوبات كانت في طبيعة الموضوع نفسه لأن المتهمين يتخذون احتياطات شديدة، بالاضافة إلى عدم تعاون الجهات الرسمية سواء هيئة الأثار أو الشرطة، فمثلا شرطة الأثار ترددت عليها 5 مرات وفي كل مرة يرفض المسؤول معاونتى على إيجاد المحاضر، إلى أن اقتنع احدهم بالحديث لكن اشترط أن يذكر بعض التفاصيل ورفض أن اقوم بالاضطلاع على المحاضر ومعرفة كيفية وطبيعة كل حالة، ومع تردد أكثر من مرة عليه، وافق على الحديث شريطة عدم ذكر أسمه أو بياناته.
الصعوبة الثانية كانت في الوصول إلى الحفار نفسه، لأنه يقوم بمهمة يعاقب عليها القانون، وعددهم معروف وقليل يأتي من الصعيد أو محافظات الأرياف المتاخمة للإسكندرية (البحيرة وكفر الشيخ) والتي من خلالهم وصلت إلى أحد المتهمين الهاربين.
أحد الصعوبات الأخرى هى أن التنقيب يتم أسفل الأرض وغير مرئي، وعليك أن تتواصل مع سلسلة وسطاء للوصول إلى أحد الحالات.
بعد نشر التحقيق قامت هيئة الأثار بعمل حملات تفتيش على عدد من المناطق التي وردت في التحقيق، وتم بالفعل ضبد جناة يقومون بالتنقيب عن الأثار، وشكلت هيئة الأثار فريق “طوارئ” مهمته عمل حملات على المنازل القديمة في المناطق الأثرية أو المنازل التي يتم وضع حجر أساسها لأن ملاكها يتخذون عملية البناء كـ”ستارة” للتنقيب.
Leave a Reply