داليا شبل - فساد عبر الألواح الشمسية.. منحة أوروبية تذهب إلى شركة استثمارية

2019/01/2
التاريخ : 02/01/2019

قبل عام من نشر التحقيق، وفى سبتمبر 2017، أعلنت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، عن تنظيم مؤتمر صحفي لتوقيع ثلاث اتفاقيات دولية، كنت ضمن المدعوين.

في حين كان يتحدث الدكتور محمود صقر، رئيس الأكاديمية، عن إنجازاتهم في مجال الطاقة الشمسية في مصر، ذكر أن واحدا من أهم المشروعات التي مولها الاتحاد الأوربي، مشروع محطة للطاقة الشمسية تم تنفيذها في مزرعة سيكم بمحافظة الشرقية في عام 2014، مشيراً إلى أن “البحث العلمي” هي الجهة التي تقدمت في الأساس بمقترح المشروع لبرنامج حوض البحر المتوسط ENPI.

زمن طويل مر على افتتاح المحطة، بحيث لا يتذكر أحد أن حدثا قد تم من الأساس، إلا أن تصريحات رئيس الأكاديمية، أثار انتباهي وكان السؤال: “إذا كانت البحث العلمي، هي الجهة التي تقدمت بمقترح المشروع فكيف أصبحت سيكم هي المستفيد منه ولماذا؟

 

مراحل تنفيذ الفكرة

عبر موقع التصفح جوجل، أجريت بحثا أوليا، حول مشروع STS-MED، وتبين أن المشروع، يستهدف تنفيذ أربع محطات للطاقة الشمسية في مصر والأردن وقبرص وإيطاليا، على أن يكون تنفيذها في مبان ومرافق عامة، وبمقارنة المحطات ببعضها البعض اتضح أن المحطة التي تم تنفيذها في مصر، هي الوحيدة التي لم تلتزم بشروط المنحة ونُفذت المحطة في منشأة تتبع شركة استثمارية.

بعد ذلك وفي مرحلة متقدمة من البحث والاستقصاء، توصلت إلى تقارير المراقبة المالية الخاصة بالمشروع في مصر، والتي أظهرت أن ثلاث شركاء من مصر تحصلوا على مبلغ مليون ومائتين وتسعين ألف يورو، أي ما يعادل مليونًا وأربعمائة ألف وستين دولارًا، لتنفيذ محطة STS-MED، لم تكن سيكم من بينهم، ولم تذكر أية تقارير أن سيكم شريك أو مستفيد من المحطة، كان ذكرها تحت وصف “مستضيف”، بينما واقع الحال أن سيكم هي المستفيد من المحطة بربطها بمركز سيكم الطبي في محافظة الشرقية في دلتا النيل.

وبعد تجميع النقاط المبعثرة عن الشراكات والاتفاقيات بين الأطراف الوارد ذكرها في المشروع، اكتشفنا أن مخالفة شرط تنفيذ المحطة في أحد المباني العامة لم تكن هي المخالفة الوحيدة، فبينما وقعت أكاديمية البحث العلمي، وجمعية سيكم للتنمية، اتفاقية تعاون فيما بينهما لتنفذ الثانية محطة الطاقة الشمسية، كان المركز الطبي التجاري هو المستفيد من المحطة وليس الجمعية –الجهة الموقعة مع البحث العلمي-.

استخدمنا مواقع إلكترونية متخصصة في البحث عن الشركات والمساهمين بها، وعبر تلك المواقع توصلنا إلى وثائق دولية مسربة، انتقلنا بها إلى مستوى أخر متقدم في التحقيق، حيث كانت الوثيقة التي حصلنا عليها، هي وثيقة تجميد أصول رجال مبارك بعد ثورة 25 يناير 2011، وبين الأسماء الوارد ذكرها في الوثيقة، كان اسم حلمي إبراهيم أبو العيش ثاني أكبر مساهم في شركة سيكم القابضة للاستثمار.

في هذا الوقت اكتشفنا أن الاسم نفسه جاء ضمن ثلاثة متهمين في قضايا تربح وإهدار مال مركز تحديث الصناعات التابع لوزارة الصناعة والاستثمار بعد ثورة يناير. المفارقة التي اكتشفناها عن هذه النقطة أن تلك الأموال المتهم في إهدارها حلمى أبو العيش كانت في الأساس أموال منح من الاتحاد الأوروبي، وهنا كان لابد أن نتوجه لسؤال أكاديمية البحث العلمي، عن معايير وأسباب اختيارها لسيكم؟

 

الصعوبات

حاولت على مدى شهرين إجراء مقابلة مع رئيس الأكاديمية، إلا أن المكتب الإعلامي كانت لديه دائما أسباب لتأجيل الموعد، كما حاولت التواصل مع الدكتور عمرو أمين، الباحث الرئيسي للمشروع، وأخبرني برسالة SMS إنه لم يعد مسؤولا عن المشروع. حينئذ تواصلت مع المكتب الإعلامي لوزارة التعليم العالي التي تتبعها أكاديمية البحث العلمي، والتي بدورها حددت لي مقابلة معهما، لكن أصر رئيس الأكاديمية على ألا يتم توثيق المقابلة بالفيديو دون أسباب واضحة، وتمكنت من توثيقها صوتيا فقط.

وكان ضمن الصعوبات التي قابلتني، رفض أكاديمية البحث العلمي أيضا، دون مبرر، تقديم نسخة من اتفاقية التعاون بينها وبين سيكم، ولكن بعد محاولات عدة تمكنت من الاطلاع عليها، وهو ما جعلني استغرق الكثير من الوقت لتوثيق المعلومات عبر مصادر أخري.حاولت أيضا التواصل مع جامعة هليوبوليس، التابعة لسيكم، والتي أسندت لها أكاديمية البحث العلمي أيضاً مهمة الإشراف على المحطة المذكورة، إلا إنها رفضت أن تسلمني أو تٌطلعني على أية مستندات تخص اتفاقيات تعاونها مع البحث العلمي، وأرسلت فقط عرضا توضيحيا للمحطة.