حمود المحمود - مشافي للاستشفاء ام .....؟! إهمال التعقيم بلغ حدّه الأعلى عام 2007 في المشافي العامة و الخاصة .. حاضنة أطفال مشغولة بطفل و..جرثومة قاتلة

2008/03/4
التاريخ : 04/03/2008

تجربتي الثانية للمرّة الثانية أجد نفسي أمام معايير شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية(أريج) التي شكّلت بالنسبة لي بمثابة (الجهاد الأكبر) والذي هو جهاد النفس، حيث كان عليّ مقاومة نفسي للتخلّص من كثير من الطرق التقليدية التي اعتدنا من خلالها العمل بشكل غير ممنهج، والاعتماد على التخمينات وإقحام الذات في المعطيات والحقائق وتقديمها للقارئ ممزوجة بالانفعالات والآراء الشخصية. هذا هو التحقيق الثاني الذي أنجزه مع شبكة أريج، ورغم أنني كنت قد حددت مدة ثلاثة أشهر لإنجازه، فقد استهلك منّي نحو سبعة أشهر. دخلت خلالها إلى تفاصيل من المعاناة مع نفسي وأنا أحاول ترويضها لتتعلم الصبر أولاً ولتتعلم التوازن والموضوعية ثانياً، ولتتعلم طريقة التفكير الانتقادي critical thinking بموضوعية. كانت فرضيتي تقتضي أن أتحدث فقط عن الصرف العشوائي للمضادات الحيوية وانعكاس ذلك على جراثيم المشافي والتي أصبحت أكثر مقاومة وأشد فتكاً بالمرضى، فكانت الملاحظة الأولى التي أعطاني إياها ثلاثة من كبار المشرفين والخبراء في شبكة أريج (مارك هنتر، بيا ثوردسون، رنا الصباغ) أنّ أفهم موضوعي بمصطلحاته العلمية وبشكل دقيق، فقد كان لديّ في البداية خلط بين (جرثومة، بكتيريا، فطور، إنتان…) إضافة إلى الخلط بين أنواع الجراثيم نفسها وتأثيراتها. ثم انتقلت إلى مرحلة أخرى من جمع المعلومات، وهي ضرورة البحث عن حالات إنسانية بحيث يتم من خلالها توضيح الصورة، وأنسنة الأرقام الكثيرة التي توصلت إليها. وفي مرحلة لاحقة جاءت الجلسات الـ(كوتشية) من قبل المشرفة أنا نين فين من الدانمارك لتعلّمني تقنية التقليل من ذكر الأرقام والإحصاءات ضمن التحقيق وتحويلها إلى جداول وخطوط بيانية توضيحية لإبعاد التعقيد الرقمي وتقديمها على شكل صورة للقارىء. ثم في مرحلة لاحقة تولّت رنا الصباغ تطبيق السياسة التي يعتبرها كل من اشتغل مع أريج أنها (مهلكة) للصحفي لكنّها في الحقيقة تقدّم قمة الفائدة، إنها سياسة تدقيق المعلومات والتحقيق كلمة بكلمة وسطراً بسطر..رنا وما أشطرها في هذه المتابعة، فلا يكاد الصحفي يذكر كلمة إلاّ وتسأله رنا: من أين وكيف ومتى ولماذا..؟ وقد كنت كغيري من الصحفيين معتاد على سيبل المثال لاستخدام تعابير مثل: تم إجراء اختبار على عدد من المشافي. لكنّ رنا لا تريد أن تسمع بكلمة (عددٍ من..) بل تريد بشكل واضح (6 أو 7 مشافي وماهي بالتحديد..). ثم كانت المرحلة الأكثر حيرة بالنسبة لتحقيقي هذا، عندما قرأت رنا مسودّته الولى فقالت لي: إنّ نشر التحقيق عن المضادات والجراثيم دون استكماله بجزء ثانٍ عن المشافي والتعقيم ودور التعقيم في التقليل من الجراثيم، سيجعل هذا التحقيق وكأنّه يمشي على رجل واحدة. وهنا دخلت في دوامة جديدة، وفي فرضية جديدة وتحقيق جديد عن التعقيم في المشافي، بعد أن اقتنعت بالفكرة فعلاً والتي أيدتها فيما بعد المشرفة بيا ثوردسون. استغرق العمل في هذا القسم نحو ثلاثة أشهر، لأجد نفسي أمام كم هائل من المعلومات التي أصبحت ضخامتها ثقلاً بحد ذاته، وأصبحت إمكانية اختزال معلوماته أمراً صعباً للغاية، الأمر الذي جعلني أحتاج لنحو شهر من الأخذ والعطاء مع رنا للوصول إلى الاختزال والصياغة المناسبة، ولم تنتهي المشاكل إلاّ بزيارة قامت بها رنا لدمشق، فجلسنا سويّة أكثر من خمس ساعات متواصلة حتى وصلنا إلى الصياغة النهاية. شكراً لأريج وشكراً لرنا صباغ على قسوتها في العمل ورقتها كإنسانة


تليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *