ايمن الشوفي - في غياب الرقابة .. عطارون يتحولون إلى أطباء وصيادلة !! وأدوية يبدأ تصنيعها في البزورية وينتهي بيعها في المنازل !!! ووزارة الصحة تراقب دمشق بأربع عناصر فقط !!

2008/04/7
التاريخ : 07/04/2008

جاءت فكرة التحقيق بالمصادفة المحضة حين سمعت عن أحد العطارين وقد اخترع دواء ذو منشأ نباتي يدعي أنه يشفي كل الأمراض ابتداءً من السكري ووصولاً إلى السرطان. ثم بنيت فرضيتي الأولى وكانت: مدى نجاعة وفاعلية الأدوية التي يركبها العطارون ويدعون أنها تقدم الشفاء الكامل لمن يستعملها. وبعد أكثر من شهر على التقصي ومحاولة الوقوف على أنواع الأدوية النباتية التي يصّنعها العطارون في دمشق وإمكانية تحليلها سواء في مخابر وزارة الصحة أو مخابر كلية الصيدلة تبيّن استحالة هذا الأمر ما لم نعرف ما هي المواد التي نريد تأكيد وجودها أو عدمه في المستحضر النباتي إضافة إلى امتناع العطارين عن ذكر مكونات أدويتهم مما صعب المهمة وعقدها. لذا تم تعديل الفرضية فأصبحت عن وجود أدوية نباتية المنشأ بعيداً عن رقابة الجهات المسؤولة ، وتمت المقارنة بين شروط تصنيع الأدوية النباتية في المعامل المختصة وحجم سوقها ، وبين تلك التي يصنعها عطارون سواء في محلاتهم داخل البزورية (السوق الأكبر لإنتاجها) أو في مطابخ منازلهم، وتقدير حجم هذا السوق، أيضاً جرى إحصاء عدد المحلات التي تصنّع أدوية نباتية في البزورية وكانت 9 محلات . وجرى البحث عن الحالات التي استخدمت هذه الأدوية وسؤالهم عن مدى الاستفادة منها وما إن حدث ضرر أم لا، وتبين فقط أنهم لم يستفيدوا. كما تم سؤال كل من وزارة الصحة ووزارة التجارة ومديرية حماية المستهلك عن مسؤوليتهم في انتشار هذه الظاهرة، وتحديد دور كل منهم في متابعة تصنيع وبيع أدوية نباتية المنشأ ومدى كون عمل العطارين ذاك قانوني أو غير قانوني،كذلك جرى البحث في سجلات الرقابة الدوائية التابعة لوزارة الصحة خلال الأعوام 2005و2006و2007 وإحصاء عدد الشكاوى عن مخالفات من هذا النوع أو شكاوى عن وقوع ضرر على مواطنين استخدموا تلك الأدوية. الصعوبة الأكبر التي واجهتني في التحقيق كانت في إمكانية تحليل أدوية العطارين، ثم في تقدير حجم السوق النظامي(أدوية المعمل) والسوق غير النظامي (أدوية العطارين) نظراً لغياب الأرقام الرسمية وعدم تعاون من سألتهم. واستمر عملي عاماً كاملاً حتى أنجزت التحقيق. لذا اقترح عليّ زملائي الراغبين في الخوض بتحقيق استقصائي أن يختاروا فرضيات قابلة للتحقيق سواء تم إثباتها أو نفيها، ومن ثم التحلي ربما بكثير من الصبر نظراً لخصوصية التحقيق الاستقصائي واختلاف شروط إنجازه عن التحقيق الصحفي العادي. طبعاً ورشة العمل مع شبكة أريج كانت مفيدة للغاية في تطوير الفرضية الأساسية ووضع الأسئلة مفتوحة النهايات ، ومن ثم في صناعة منهج واضح للعمل وضرورة التفريق بين الحقائق والافتراضات، وكيفية التحرك لانجاز التحقيق وضرورة الاستشارة القانونية، وسوى ذلك من تقنيات لازمة وضرورية لانجاز التحقيق الاستقصائي.


تليقاتكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *