بداية كانت فكرة التحقيق محاولة مني للبحث عن فكرة تحقيق استقصائي تصلح للعمل في قطاع غزة, وقرأت حينها بعضاً من التقارير الصحافية حول تلوث مياه القطاع, وأن 5% فقط منها صالح للاستخدام, دون وضوح الأسباب خاصة مع وجود مركبات كيميائية وبيولوجية أعلى من المسموح به عالميا والمفترض أن تكون متواجدة في مياه الصرف الصحي.
لم يكن من السهل إثبات تلوث الخزان الجوفي بمياه الصرفي الصحي لإصرار المسئولين والقائمين على الموضوع بعدم اختلاطها مطلقاً, كما أنه كان من الصعب إثبات علاقة التلوث بالأمراض المنتشرة في قطاع غزة حيث أن هذا الموضوع بحاجة إلى دراسة مستفيضة تكلف مبالغ طائلة.
بدأت البحث في سجلات وزارة الصحة عن عدد من الأمراض لها علاقة بالمياه بعد استشارة الأطباء المختصين, إلا أن المفاجأة كانت إنكار من الوزارة وضعف في التوثيق لديهم, كما إنني قمت بالبحث في التقارير والأبحاث عن اختلاط المياه بالصرف الصحي, الأمر الذي كان غاية في الصعوبة بسبب الإهمال المتعمد في توثيق المعلومات, وغياب الأرشفة من قبل الجهات المسئولة.
كما أنني حصلت على شكوى بعض المواطنين بخصوص المياه موجهة لبلدية غزة , التي اعترفت بسماحها ببناء آبار عشوائية دون تراخيص الأمر الذي يزيد الأمر سوءا, كما أن مدير دائرة الصحة قام باتهام معدي التحقيق بأنهم يحاولوا محاكمة المسئولين وأن العمل الذي نقوم به ليس بالعمل الصحفي على الإطلاق بل هو “شغل مخابرات دولي”, الأمر الذي كان من أصعب المواقف.
في النصف الثاني من عمل التحقيق بدأت القضية تأخذ منحى آخر, وتتكشف بعض الحقائق لدينا, فبعد توجيهات أريج بعمل تحليل مياه واستبيان ظهرت معلومات ذات أهمية وحالات وفاة كان لها أثرها على مسار التحقيق, كما أن أهم ما جاء لدينا هي شهادة أ. ياسر البيومي الموظف في وزارة الصحة الذي كشف الكثير مما قد تجهله وزارة الصحة, أو تتجاهل وجوده.
ومن الصعوبات التي واجهتها, أن كافة الجهات المسئولة تلقي اللائمة على الجهة الأخرى دون أن توجه لها اتهام رسمي, كما أن الجميع يحاول التهرب من مسئولياته تجاه تأزم القضية وتلقي باللائمة تجاه السلطات الإسرائيلية التي إن كانت مسئولة فهي مسئولة عن سرقة المياه لا عن تلوثها, خاصة سلطة المياه والبلديات ووزارة الصحة في غزة.
إلى ذلك استطعت بمساعدة شبكة أريج ومشرفيها, إعداد التحقيق وبعد النشر اتصلت بي جهات من منظمة الصحة العالمية قررت أن تقوم بإعداد تقرير عن علاقة الأمراض بتلوث المياه, وهذا أمر بالغ الأهمية وقد يفيد في معالجة الوضع المتأزم, وللأسف أن المؤسسات الرسمية ما زالت تمضي قدماً في تجاهلها, الأمر الذي يدفعني لتفعيل القضية من خلال نشر التحقيق وعرضه على جهات مختلفة دولية ومحلية
شكرا لشبكة أريج , شكرا لمشرفيها , رنا, سعد, وليد , عماد ,و فبالدعم والخبرة التي قدموها تمكن من اجتياز الكثير من الصعوبات , كما أشكر لهم رحابة صدرهم وسعته لاستيعاب هذه الفترة من العمل.
Leave a Reply