يحيى شقير- براءة منقوصة

2016/08/23
التاريخ : 23/08/2016

كنت سعيدا عندما جرى تكليفي بتقديم النصح لمعدة التقرير، ذلك أن هذا الموضوع كان موضع اهتمام عندي منذ سنوات لملاحظتي كثرة التوقيف في الأردن وخاصة الصحفيين وبعد المحاكمة يتم الحكم بعدم مسؤوليتهم، بما شكل عندي قرينة أن التوقيف أصبح عقوبة يتم اللجوء اليه لقرص أذن الصحفيين.

ومنذ لقائي الأول بالمحققة شعرت أنها مقتنعة بأهمية الموضوع وأنها تبذل جهدا لإخراجه بأدق ما يمكن وأنه يمكن أن يتسبب في أو يثير نقاشات قد تؤدي إلى تغيير أجندة بعض منظمات حقوق الإنسان ليصبح أولوية خاصة ونحن على مقربة من انتخابات برلمانية.

واجهتنا عدة مشاكل اثناء إعداد التحقيق وهي:
1- في الأردن يوجد التوقيف على نوعين؛ توقيف قضائي بقرار من النيابة (الإدعاء العام) في الغالبية العظمى من القضايا ومن القاضي بشكل أقل، والنوع الثاني هو التوقيف الإداري بقرار من الحاكم الإداري. لكن جرى الاتفاق على التحقيق في التوقيف القضائي وربما ترك التوقيف الإداري لتحقيق آخر.
2- وجود قضايا ممتازة تمثل” representative stories” بشكل جيد ما نبحث عنه لكن هذه القضايا تتعلق بقضايا مخدرات أمام محكمة أمن الدولة، أو الجنايات (قضايا اغتصاب وتحرش) قد لا يقتنع القارىء أن صاحبها بريء تماما على الرغم من أن الحكم القضائي هو عنوان للحقيقة ولهذا جرى استبعاد مثل هذه القضايا.
3- إن صياغة التحقيق ضمن معايير “اريج” وبحدود 2500 كلمة شكَّل مشكلة حقيقية وهي أن الإختصار في الأمور القانونية قد يزيد “مؤشر الضبابية عند القراء fog index”.
4- ونظرا لضيق المساحة جرى التضحية بقرارات محاكم من فرنسا ومصر والسعودية كان يمكن أن تشكل حججا إضافية لإقناع القراء والمسؤولين والمشرعين بضرورة إقرار تشريع يضمن التعويض عن التوقيف.
5- كنت اتمنى إضافة مزيد من العناوين للتحقيق مثل النتيجة التي جرى التوصل إليها في التحقيق بأن “عدم وجود تعويض يعني التوسع في التوقيف”.
إن الذي أبقى على حماسي في متابعة التحقيق هو جدية المحققة وحماسها وحذائها القوي في الجهود الذي بذلتها معدة التحقيق على الرغم من كثير من الإحباطات التي واجهتها.
وفي النهاية إن تحقيقا واحدا من هذه النوع قد يشكل لبِنة في إحداث التغيير المطلوب وإن كان يجب أن يتم إسنادة بجهود وتحقيقات أخرى.