أكثر ما ميز هذا التحقيق هو المحقق نفسه.
في ديسمبر الماضي كنا قد أنجزنا قرابة ٨٠٪ من الفرضية٬ غير أننا فوجئنا بنشر تحقيق يتضمن بعض الحقائق التي توصلنا اليها في جريدة منافسة٬ فكان لابد من تعديل التحقيق واستبعاد ما نشر في ذاك التحقيق. وبالفعل تم ذلك٬ واستغرقت هذه العملية ٦ أشهر أخرى٬ ليصبح عمر هذا التحقيق الصحفي منذ باديته وحتى موعد نشره عام بالتمام والكمال.
كانت المشكلة الأكبر بالنسبة لي هي عدم إلمام الصحيفة بمنهج اريج للصحافة الاستقصائية٬ لكن بعد اسابيع نجحت في الالتحاق باحدى الدورات التدريبية التي جعلتها تتجاوز تلك العقبة تطور مهاراتها الصحفية.
العقبة الثانية كانت في عدم اتاحة المصادر الخاصة بهذا الموضوع الشائك٬ وبالتحديد حالات مرضى الايدز الذين يخشون الوصم المجتمعي لهم ولذويهم٬ وهو ما تطلب مجهودا مضاعفا لكسب ثقتهم ومشاركتهم في رحلاتهم الشهرية الي المستشفيات واماكن تلقى العلاج.
في منتصف التحقيق توصلت الزميلة علياء ابوشهبه الي معلومة مفادها ان احدى المستشفيات خصصت قسما خاصا لتجريب احد الادوية التي انتجتها القوات المسلحة لعلاج مرضى الايدز٬ غير انه تم فرض سياج من السرية على الموضوع٬ وعندما حاولنا النبش وراءه تلقت الزميلة “وعيداً” صريحا في حالة نشر اية معلومات٬ وكان توثيق الحالات التي تضررت من جراء هذا العلاج التجريبي أمرا عسيراً٬ ومن ثم قررنا حفاظا على سلامة الصحفية٬ والتزاما بالفرضية الرئيسة تنحية هذا الجزء جانبا لوقت آخر.
كانت الكتابة ووفرة المعلومات عقبة اخرى٬ بناء قاعدة بيانات مبكرا سهلت الأمر كثيرا٬ ورغم ذلك استغرق اختصار وتحرير التحقيق وتدقيق المعلومات وتحديث المصادر بعض الوقت٬ وفي النهاية خرج التحقيق بهذا الشكل الذي احدث ردود فعل كبيرة لدى القراء٬ وتم تناوله في عدد من وسائل الاعلام بعدما أصبحت القضية محل نقاش مجتمعي.