مسالخ غير مرخصة.. تعايش الأمر الواقع

2017/11/16
التاريخ : 16/11/2017

في عام 2016، التقط محرر التحقيق الزميل محمد العلوي اطراف خيط هذا التحقيق، عندما قام بجولة قادته الى مسلخ اقيم بشكل بدائي ويفتقر للمواصفات في قرية بجنوب المنامة وكتب تقريرا نشر في صحيفة “الوسط” اواخر العام 2016. لكن التقرير لفت انتباهنا الى ان هذه المشكلة قد يمتد نطاقها الى كامل البلد طالما ان المسلخ الرسمي والوحيد لتزويد الاسواق باللحوم الحية قد أغلق منذ مايو/أيار 2016.

شرعنا مع المحرر في وضع فرضية مناسبة للتحقيق على ضوء البحث الأولي، وتمت صياغتها على النحو التالي: “انتشار المسالخ غير المرخصة ومخالفة الاشتراطات/ في ظل غياب الرقابة وغياب المرجعية القانونية / يؤديان الى الاضرار بصحة المستهلكين”.

لكن العمل لإنجاز التحقيق إكتنفه قدر من المخاطرة لأن  النشاط الذي يستقصيه المحرر نشاط غير مرخص وغير قانوني وكان يمارس بشكل غير معلن، لهذا كان المحرر يخاطر احيانا بالوصول الى الأماكن التي تتم ممارسة هذا النشاط فيها وغالباً دون ان يقدم نفسه باعتباره صحافياً يستقصي هذا النشاط الخفي. واستتبع هذا، أن المحرر كان  يحمل كاميرا مخفية في جولاته التي قادته بناء على تحريات دقيقة الى اماكن عدة في محافظات البحرين الخمس. لقد كانت هذه الاماكن تتفاوت في كيفية ممارسة هذا النشاط حيث ان بعضها كان يعمل بشكل متقطع وبعضها بشكل موسمي او حسب الطلب، لكنه استطاع ان يتوصل الى ثلاثة مسالخ تعتبر الأنشط لأنها تمارس نشاطها بشكل يومي اضافة الى أنها معروفة من قبل السلطات المعنية.

هنا، دخل التحقيق مرحلته الثانية بعد أن تم اثبات وجود المسالخ وطبيعة مخالفاتها القانونية. وفيها أيضاً، توصلنا الى أن الجهات المعنية بهذا القطاع تعرف هذه المسالخ النشطة وتتعامل مع بعضها في المواسم عبر توفير طبيب بيطري لها لفحص الحيوانات قبل وبعد الذبح. سعى المحرر أيضاً لفحص لحوم ذبائح من هذه المسالخ مخبرياً، لكن دون جدوى لأن المختبرات الحكومية الثلاثة التي يمكن ان تقوم بهذا الفحص لا تستقبل اي طلبات خارج نطاق الروتين الحكومي. لقد كانت تلك ابرز مشكلة واجهت التحقيق إضافة الى عدم تجاوب وزارة الصحة رغم انها جهة ذات مسؤولية مباشرة في المشكلة التي إستقصاها التحقيق.

وفي مرحلة ثالثة، تمت مواجهة المتسببين والسلطات المعنية بكل الحقائق التي توصل اليها الاستقصاء. لكن التحقيق لم يقف عند كشف نشاط المسالخ غير المرخصة وطبيعة مخالفاتها، بل سعى ايضا الى شرح البعد الاقتصادي لهذه “المشكلة/الظاهرة” إضافة الى تقديم خلفيات الجدل البرلماني حول اللحوم المستوردة، أي عرض المشكلة في سياقها الأكبر.

إنه التحقيق الأول الذي ينجزه الزميل محمد العلوي مع “أريج”، وبأكثر من مقياس فقد برهن العلوي على عزم ومثابرة في انجاز تحقيقه وكنت سعيدا جدا بالعمل معه.