غسان الشهابي - عاملات المنازل في البحرين ... ثقوب في مظلة القانون

2010/11/27
التاريخ : 27/11/2010

عندما طرحت الزميلة هناء بوحجي فرضيتها الأولية للعمل على موضوع عاملات المنازل في البحرين، ذهب بي التفكير إلى عدد من التحقيقات والأخبار التي نشرتها الصحافة المحلية، والتي غالباً ما تتحدث عن شق واحد من المسألة، وهي العلاقة المضطربة بين العاملة ورب العمل. غير أن الذهاب أبعد من هذا الموضوع، واستمرار مناقشته فتحت باباً جديداً أزعم أن المواضيع الفائتة لم تتطرق إليه في مناقشة هذا الموضوع، وهو مشكلة الثغرات القانونية التي لا تحمي هذه العمالة المتوارية خلف الجدران، والتي غالباً لا تملك المعرفة والخبرة والجرأة والثقافة لتحمي نفسها ضد ما يمكن أن تلاقيه في بعض البيوت. تلقت الزميلة بوحجي تدريباً من قبل “أريج” ضمن حوالي 15 من زملائها الصحافيين في ورشة أقيمت في البحرين في آذار/مارس 2010، وما أن انتهت الورشة إلا وكانت فكرة التحقيق قد اكتملت في رأسها، فطرحتها على بعض القائمين على الورشة فانطلقت من فرضية ان:”غياب القانون العمالي والافتقار الى إجراءات معتمدة يفتح المجال أمام انتهاك حقوق خادمات المنازل في  البحرين” ، وبدأت في تقصي المعلومات بوتيرة متصاعدة حتى أصبح الموضوع قابلاً للنشر. يتطرق التحقيق إلى نماذج متكررة من الانتهاكات التي تقع في الكثير من البلدان التي تشابه وضعية البحرين من حيث استخدامها للعمالة المنزلية، وبالأشكال ذاتها، وهي مشاكل تتكرر في دول الخليج العربية ولبنان والأردن ومصر، ولكن الخصوصية في هذا التحقيق أنه ركز على الجانب الحقوقي والقانوني في كل عمله انطلاقاً من القضايا المدونة. معرفتي بالزميلة هناء بوحجي لسنوات طويلة سابقة جعلتني واثق من أنها ستبذل في التحقيق الجهد الذي يستحقه، والذي يجعل تحقيقها أقرب إلى “النص المقفل” كما يطلق عليه في النقد الأدبي، الذي لا يترك شيئاً للصدفة، أو للتكاسل والإهمال، لأن هذا ديدنها اليومي في عملها الإخباري. لم يصادف التحقيق معوقات رئيسية، ولا يعتبر تأخر بعض الأطراف الرسمية في تسليم بعض الوثائق أو الإجابة على بعض الأسئلة، من الأمور التي تذكر، ولكن كانت مساحة البحث واسعة حقاً، وجهدها كان يحتاج إلى الدأب وموالاة الاتصال، واللقاءات المتكررة بكل الأطراف. عندما صاغت الزميلة بوحجي كل ما لديها من قصص ومعلومات بشكل تراتبي يوصل في النهاية إلى النتيجة التي وصل إليها التحقيق؛ كان حجم العمل قريب من 5000 كلمة، وحاولنا – وكذلك طلب منا الزملاء في “أريج” – اختصار الموضوع، ولكن خشينا أن تطاله التشوهات ويبدو مبتوراً، إذ لم يبد لنا ما يمكن أن يستغنى عنه من كل ما ورد. وكان من حسن الطالع أن ينشر في شكل ملف في صحيفة “الوسط” حتى لا يضطر القارئ لتتبعه لأكثر من يوم. فلقي هذا الملف الكثير من ردود الفعل المتفاوتة، والتي استثارت الأطراف ذات العلاقة، على أمل إصلاح الوضع العام الذي تحدث عنه التقرير. كان الهمّ الذي يكتنف العمل عند مراجعة الخطوات مرة تلو المرة: هل نحن على باب تحقيق “مثير” صحافياً؟ أم أن الزميلة تقوم بعمل تحقيق استقصائي بشكل صحيح فقط؟ بعدما نشر التحقيق، تبين أنه تحقق عنصرا الإثارة والجودة.