علي حسّون - آلاف الطلاب سنويا يذهبون ضحايا تجاوزات مكاتب خدمات جامعية سوق سوداء تُستثمر فيها ملايين الليرات.. وشهادات "خُلَّبية" لا تصلح إلا لتزيين الحيطان

2008/12/8
التاريخ : 08/12/2008

تجربة الإشراف …. بدأت العمل مع الزميل خالد موسى منذ كان الموضوع في طور الفكرة ، حيث عرض فكرة تحقيقه التي استمدها من متابعته لعشرات الشكاوى حول الشهادات الوهمية التي تمنحها المكاتب الجامعية في سورية، التي وردت إلى موقع سيريا نيوز، (وهو الذي يعمل فيه بصفته محررا في شؤون الجامعات) ما وفر له متابعة العديد من التجارب والقصص لطلاب وقعوا ضحايا لمكاتب خدمات جامعية غير مرخصة. كانت الفرضية غير واضحة في البداية في ذهن خالد، حيث صادف، كما فعلنا جميعا في أول تجربة حقيقية كصحفيين استقصائيين، مطب عدم التحديد وكثافة المعلومات التي تتطلب الكثير من عمليات الغربلة لتحديد القصة الرئيسية أو بمعنى آخر الفعل والفاعل والمفعول به، تمّكنا بداية وبالاعتماد على المعلومات التي كان خالد قد جمعها من وضع الفرضية التي كانت ” عشرات المكاتب الجامعية تمنح شهادات جامعية وهمية ما يؤدي إلى التغرير بآلاف الطلاب السوريين وتكبيدهم خسائر مادية ومعنوية كبيرة “وبدأت بعدها رحلة الغوص في التفاصيل أو “الحفر” وفق منهج شبكة أريج وكنت على تواصل مع خالد في كل تفصيل من هذه التفاصيل أما عن طريق الاجتماع المباشر أو عبر البريد الالكتروني وغالبا عبر الهاتف عندما يكون الأمر مستعجلا. في المحصلة يكنني أن أتذكر أنني وخالد اجتمعنا لأربع أو خمس مرات كانت تفصل بين الاجتماع والآخر حوالي الشهر بحيث نتفق على الاجتماع عند حصوله على كم كبير من المعلومات التي تحتاج أما إلى انتقاء المفيد والداعم للفرضية وأحيانا لتغيير الفرضية بما ينسجم مع المعلومات الجديدة التي كانت تتكشف تباعا كلما أوغل خالد في الحفر. في خضم هذه التجربة الأولى لي كمشرف حصري أحسست بمسؤولية كبيرة ، فموضوع خالد يجب أن يكون متكاملا ومتقنا، ولذلك حاولت الاستفادة من كل ملاحظة وكل كلمة سمعتها ومن كل تقنية قدمها لنا الأساتذة المحاضرين في دورة تدريب المشرفين في عمّان والتي أعترف بأنها أعانتني كثيرا في هذه التجربة ،عدا عن التقنيات والخطوات التي تشربتها عبر العديد من الدورات والورشات السابقة التي شاركت فيها قبل أن أتشرف بثقة القائمين على شبكة أريج بتسميتي كمشرف. وأعود إلى موضوع خالد الذي أمتعني العمل معه لنباهته واجتهاده وتقبله لكل الملاحظات ولاستعداده غير محدود للحفر والغوص في كل تفصيل وملاحقته لدرجة أنه كان يفاجئني يوميا في الحصول على معلومات جديدة أما عن ضحية جديدة من ضحايا هذه المكاتب أو عن وثيقة جديدة تؤكد فرضيته أو تصريح لمسؤول يصب أيضا في تأكيد الفرضية. رغم كل ذلك كان لابد من وجود العديد من الصعوبات التي أعلم أنه لابد من وجودها في أي موضوع ، فكيف هو الحال مع تحقيق بهذه الأهمية والحساسية ، وأول هذه الصعوبات كان الكم الكبير من المعلومات التي استطاع خالد الحصول عليها والتي تبين أنها يمكن أن تتحول إلى مشكلة بدلا من كونها معينا وامتيازا للصحفي قد يضيع في خضمها لأن البعض منها قد يغري الصحفي ويقوده دون أن يدري إلى مسارب جانبية تخرجه وتبعده عن المحور الأساسي والقصة الأساسية لموضوعه وهو ما كان جليا في قصة خالد التي حاولنا تلافيها عبر إقناع خالد أن بإمكانه نشر جزأين عن الموضوع الأول يتناول قصته الأساسية المتفق عليها والثانية تأتي فيما بعد إن أراد وتتناول الجزء الآخر من المعلومات الهامة ولكن غير المفيدة للفرضية الأساسية.ولعل المشكلة الأبرز في كل مرة عملت فيها مشرفا كانت في المرحلة الأخيرة من التحقيق والتي تتعلق بصياغة وكتابة قصة مشوقة ومكثفة بما لا يزيد عن 1800 كلمة وهنا كنا أيضا على موعد مع رحلة مكوكية بين أخذ ورد فأعدنا صياغة الموضوع أكثر من مرة ليصبح بعدها بعهدة الزميلة رنا الصباغ، المديرة التنفيذية للشبكة، التي أضافت عليه ملاحظاتها قبل أن نعود ونعمل على صياغته من جديد بعد تدارك هذه الملاحظات القيمة التي أعتبرها عونا لي كمشرف قبل أن تكون عونا لخالد ككاتب للقصة ،استفدت منها في تجارب إشرافية لاحقة. في المحصلة كنت سعيدا وأنا أرى ثمرة جهد خالد وتجربتي الإشرافية الأولى وقد استحقت التنويه والثناء خلال توزيع جوائز أريج للصحافة الاستقصائية لعام 2008 في عمان. في الواقع كان ذلك دافعا لي لبذل المزيد من الجهود في التجارب الإشرافية الأخرى. علي حسونش