شركات اقتسام وقت: تحتال على زبائنها بآلاف الدنانير-مصعب الشوابكة

2016/01/31
التاريخ : 31/01/2016

مذكرتي مع تحقيق الزميلة مروة العقاد في طرقها أبواب شركات سياحية تحتال على زبائنها بتأجير الوقت، تعود إلى حين تكليف الزميلة مروة من قبل وحدة الصحافة الاستقصائية في راديو البلد بإعداد تحقيق ينصف زبائن تلك الشركات بعد دفعهم أموال ذهبت في مهب الريح.

فكرة التحقيق قادمة من شكاوى وصلت الزميلة مروة على شركات دفع لها زبائن الألف الدنانير دون أن يحصلوا على حقوقهم في الانتفاع بالوقت المستأجر. تلك الشكاوى كانت طرف الخيط نحو تقصي المزيد من القصص، بإتباع قاعدة المصادر الثلاثة.

هذا التحقيق الاستقصائي كان باكورة أعمال الزميلة مروة في هذا المضمار الشاق والمثير والجميل على حدٍ سواء. فكان دورها ودورنا في تكاملاً مستمر.

كان مروة أمام جملة من التحديات والمصاعب، خاصة أنها صحافية شابة لم يألف أصحاب شركات أن تواجههم صحافية بحقيقة ما وثقته، بعد أن تخفت في ثوب زبونة.

استخدمت مروة الكاميرا السرية في إثبات فرضيتها بعد أن استوفت جميع الشروط الأخلاقية والقانونية الخاصة باستخدامها، وفق أدبيات الصحافة الاستقصائية الراسخة.

وكان هذا التحقيق فرصة جيدة للزميلة مروة في تحليل البيانات وخاصة قرارات المحاكم المفصولة على تلك الشركات، وهذا ما قادها إلى الاطلاع على المنظومة القانونية والتشريعية الخاصة بتنظيم قطاع السياحة.

وهنا اكتشفت الفراغ التشريعي والقانوني بعدم وجود إطار قانوني ينظم عمل شركات اقتسام الوقت.

كما اطلعت على العديد من العقود بين الزبائن والشركات، وأخذت في تحليها والاطلاع عليها بعناية وتركيز، لدقة المصطلحات القانونية المستخدمة فيها.

كانت مروة مرنة في التعامل، والتعاون، وتحمل ضغط العمل، عملنا معا كفريق واحد متجانس، وكان هذا أحد أسرار دقة التحقيق ومهنيته.
تعرض فريق العمل التحقيق -الصحافية والمشرف-، للعديد من الضغوطات من أصحاب شركات سياحية تناولها التحقيق، تارة بتهديدنا في حال النشر، وتارة بالتلويح باللجوء إلى القضاء. لكن كان هدفنا الأول أنصاف الضحايا، ونشر الحقيقية، فلم تزيدنا هذه الضغوطات غير المضي قدما في عملنا بمهنية ودقة.

كان هذا التحقيق فرصة لقراءة الواقع سياحي بشكل أدق وأوسع، فظهر جلياً تضارب الصلاحيات وتنازعها بين الأطرف ذات العلاقة، إضافة إلى كشف ضعف الرقابة على هذه الشركات من المظلة الرئيسة وزارة السياحة.

واظهر التحقيق أن تغيير الوزراء بشكل مستمر في الحياة السياسية الأردنية، وعدم وجود خطة وزارية واضحة، جعل مسودة نظام شركات اقتسام الوقت حبيسة أدراج الحكومة منذ عام 2011.

استغرقت مروة وقتاً ليس بالقصير في تدقيق كل كلمة في التحقيق ومقارنتها بتفريغ التسجيلات الصوتية والمرئية، لتكون التصريحات في سياقيها، وبذات المضمون. علاوة على تسطير الحقائق، والأرقام، والأسماء.

تعاملت مروة للمرة الأولى مع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات، واستخدمته أكثرة من مرة في هذا التحقيق، ففي الوقت الذي حُجبت عنها معلومات من دائرة الأراضي والمساحة، مُنحت إجابات غير مكتملة على أسئلتها من وزارة السياحة والآثار.

نَشر التحقيق في جريدة الدستور الأردنية، وموقع عمان نت الإخباري. منح التحقيق زخماُ على المستوى الرسمي، إذ أشاد به وزير السياحة والآثار نايف الفايز ووعد بمزيد من الرقابة، والعمل على إقرار نظام شركات اقتسام الوقت.

مصعب الشوابكة/ مشرف التحقيق.