حمود المحمود - مئات المسنين يتزاحمون على دور تحولت إلى مجرد مصحات بلا عناية

2011/02/14
التاريخ : 14/02/2011

من أكثر التحقيقات التي أشرفت عليها صعوبة، نظراً لوجود التباس في جوهر فرضية التحقيق أو التعامل مع هذه الفرضية من قبل صاحبة التحقيق، حيث كانت في كل مرّة تجنح عن الفرضية الأساسية والتي هي “عدم توفر الشروط الصحية والنفسية والخدماتية التي يتطلبها القانون، الأمر الذي أدى إلى سوء حالة نزلاء دور المسنين في محافظة اللاذقية”.

والالتباس الذي حصل وكان أحد أسباب امتداد العمل في التحقيق لأكثر من عام كامل، مردّه إلى غوص كاتبة التحقيق ابتسام في توصيف الأسباب الاجتماعية التي تدفع بعض الأبناء لوضع آبائهم في دور المسنين، فكانت غالباً ما تبالغ في الحديث الانشائي عن هذه الأسباب.

وعندما حاولت أكثر من مرة إعادة ابتسام إلى المسار الصحيح، كانت تعاني صعوبة في التفريق بين المسألتين، وهذا مردّه إلى ما اعتاده الكثير من الصحفيين، من مفهوم في أذهانهم يجعلهم مدفوعين بشكل عام لتناول أي تحقيق صحفي من مجمل جوانبه، فالتحقيق عن المسنين من وجهة النظر التقليدية والتي كانت ابتسام متمسكة بها في البداية، يجب أن يمر بأسباب الظاهرة والغوص فيها وسرد حكايات عن أبناء تخلوا عن آبائهم، ثم المرور على الجوانب الأخرى.

كانت إعادة ابتسام إلى المسار الصحيح، ودفعها للاقتصار على فرضيتها عملية صعبة للغاية، خاصة مع إقامتها في محافظة أخرى بعيدة عن دمشق هي اللاذقية، ومع ذلك فقد تدّبرنا الأمر من خلال قيامي كمشرف بزيارات لللاذقية، وقيام ابتسام بزيارة دمشق أكثر من مرة، إضافة إلى التواصل عبر الاتصالات والإيميل.

المعاناة الأخرى بعد الاتفاق على الفرضية وإعادة ضبطها، تمثّلت بالحاجة لتحديد اشتراطات القانون السوري في دور المسنين والتي لم تكن واردة في نص قانوني واحد، بل هي مشتته هنا وهناك بين القوانين والقرارات والتعاميم الإدارية.

هذا إضافة إلى أن اختبار مدى تطبيق هذه الاشتراطات القانونية على دور المسنين كان أمراً في غاية الصعوبة، بسبب الانغلاق المحكم لدور المسنين في سورية والجمعيات الأهلية عموماً أمام الصحافة بعد حالات فساد وإهمال تكشفت في أكثر من جمعية.

وقد كان هذا الانغلاق أحد العوامل التي أدت لطول المدة التي استغرقها انجاز التحقيق، ومع ذلك فقد وجدنا طرقاً مختلفة منها الاستعانة بباحثة متخصصة، استطاعت الدخول مع فريق عمل من الباحثين لاختبار عدد من أجزاء الفرضية، كما استطاعت كاتبة التحقيق الوصول إلى معلومات من الداخل من خلال تطوير مهاراتها في اكتساب بعض الموظفين والموظفات والإداريين والمديرين السابقين.

ولم تكن رحلة صياغة التحقيق بالنسبة لابتسام سهلة، باعتباها تجربة أولى مع هذا النوع من التحقيقات التي تقتصر على ذكر الحقائق فقط، وقد كان عليّ أن أنجز معها عدة مسودات للتحقيق وصولاً إلى الصيغة النهائية التي لاقت القبول من أريج.