عمل الزميلان أحمد ورشدي لأشهر على إنجاز تحقيق تتبع العقاقير الممرضة والمحظورة دولياً والتي تستخدمها نحو 1300 مزرعة دواجن في قطاع غزة، وأثبتا خلالها سوء استخدام هذه العقاقير بطرق موثقة بالوثائق والفيديو والصور وكل مايدعم قوة القضية في التحقيق الاستقصائي.
التحدي الكبير الذي واجهه الزملاء، هو وقوف المؤسسات الرسمية في غزة ومنها وزارة الزراعة ضد أي نوع من التعاون في انجاز التحقيق، برغم حساسيته لناحية ارتباطه بغذاء الناس اليومي.
عمل الزميلان على إيجاد طرق أخرى في التوثيق في ظل عدم التعاون الرسمي، فعندما تقدم الزميلان بعينات من الدجاج المباع في الأسواق لمخبر الوزارة لفحصها، أخفت الوزارة النتائج نظراً لسلبيتها وكشفها مالايريد المسؤولون كشفه، لم يكتف الزميلان بالحصول على النتائج شفهياً بطريقة غير مباشرة، بل أجريا تحليلا مخبرياً آخر في مخبر إحدى الجامعات المتخصصة ووصلا إلي نتائج مقاربة.
والأمر لم يقتصر على هذا التحدي، بل وقف كثير من الأطباء البيطريين في تحالف الشراكة التجارية مع الصيدليات التي تتاجر بهذه العقاقير المحظورة، ليحاولوا تضليل الصحفيين، لكنهما عملا بشكل متخف ووثقا بالفيديو عمليات شرائهم لهذه العقاقير من الصيدليات، كما وثقا بالتحليل المخبري كذلك عملية الخداع التي يرتكبونها بادخال العقاقير المحظورة من إسرائيل بأسماء أخرى بهدف الالتفاف على القانون المحلي والدولي.
ولم يكتف الزميلان بتوثيق بيع الدواجن للاستهلاك المحلي قبل فترة الأمان الخاصة بانتهاء متبقيات العقاقير في الدجاج، بل وثقا كذلك اعترفات 150 مرب للدواجن في القطاع ضمن استبيان علمي رصد إجاباتهم عن أسئلة الزميلين بشكل مكتوب وكشف أن 80% من المربين يستخدمون عقار الكلورامفينيكول المحظور، كما أثبت أن غالبيتهم يستخدمون هذه العقاقير دون علم بآثاره السلبية ولا التزام بانتهاء فترة الأمان قبل طرح الدواجن للبيع في الأسواق.
يستفيد الصحفيون الاستقصائيون من تجربة الزميلين أحمد ورشدي، أن العمل الاستقصائي ممكن في أصعب الظروف، ففي غزة تتحكم السلطات بالقرار ولاتتعاون كثيراً مع الصحافة الجادة التي تكشف عيوب دورها، ولو كان ذلك على حساب صحة ومصلحة الناس، لكن الزميلين أثبتا أن التوثيق له طرق متعددة تفترض من الصحفي الاستقصائي البحث الدائم وابتكار الحلول.