حاول المحقق محمد علي خليفة طيلة فترة البحث والتحقيق الفصل في قضية حساسة تلامس تراث مدينة سوسة العتيقة وتفصل بين نفي السلطات لأية تجاوزات عمرانية قد تفضي إلى إلغاء إدراج “سوسة العتيقة” على قائمة التراث الإنساني “اليونسكو” وبين دعوات المنظمات المدنية العاملة في المجال الأثري والتي نبهت إلى خطورة الوضع الأثري في سوسة العتيقة دون أن تقدّم براهين ملموسة تدعم تحذيراتها المتكررة.
وقد سعينا خلال التحقيق على وضع “خارطة عمل” مدروسة تقضي بأربع نقاط وهي:
– اعتماد تقنية “الملاحظة” الكميّة l’observation quantitative في ظلّ شبه غياب كلي للإحصائيات الرسمية وغير الرسمية حول الانتهاكات العمرانية في سوسة العتيقة.
– الانطلاق من “ملف أساس” يحدّد المصادر المفتوحة ويضبط سجل الاتصالات للمحقق مع كافة الجهات ذات الصلة بالموضوع بما فيها الأطراف التي رفضت التعاون مع الباحث , ومن ثمة الاستفادة من إفاداتها في مرحلة “التحرير”.
– تقسيم الفرضية إلى عناصر تحقيقية فرعية , لتسهيل البحث وفق منهجية “المرحلية” التحقيقية ما يحول دون الوقوع في تشعّب المعطيات.
– اعتماد تقنية المقارنة « étude comparative » بين الراهن الأثري في المدينة ولوائح اليونسكو في الغرض. وبعد عمل تراكمي , تمكّن الفريق الاستقصائي من إثبات فرضية أنّ ضعفا قانونيا وقصورا إداريا وضعفا ماديا وعوائق تقنية جمّة تسمح بوجود انتهاكات عمرانية تتعارض مع مواثيق عمل “اليونسكو” وتتضادّ مع لوائح المنتظم الأممي في إدراج المدن على لائحة التراث الإنساني ما يهدّد بمعاقبة المدينة وإخراجها من قائمة التراث العالمي.
وقد استشرف الفريق أنّه في حال عدم تجاوز هذه الثغرات القانونية والوهن الإداري المستشري لدى الأطراف المسؤولة عن مدينة سوسة العتيقة فإنّ التجاوزات ستنخر مزيدا من التاريخ المادي ل”سوسة العتيقة” وتهدّد باستنزاف واستهداف الذاكرة الجماعية في سوسة وفي تونس ككل.