روان الضامن: مستشارة ومدربة إعلامية وصانعة أفلام. تعمل حاليا مديرة تنفيذية لشركة ستريم للاستشارات الإعلامية المتخصصة بحملات التغيير والتأثير. بدأت الضامن العمل الوثائقي التلفزيوني منذ سبعة عشر عاما. وعلى مدى عشر سنوات، عملت الضامن مشرفة على الإنتاج الخارجي في شبكة الجزيرة الإعلامية.
كيف تقيمين مستقبل صناعة الوثائقيات في العالم العربي؟
على صناع المحتوى الوثائقي العربي ومنصّات النشر الإدراك بأننا نمر في مرحلة انتقالية، لا يمكن فيها للمنتج الوثائقي التلفزيوني العيش بعيدا عن البعد الرقمي، خصوصا عبر نوافذ رقمية غير عربية لا نتحكم في خوارزمياتها المتغيرة باستمرار. فنحن في مرحلة تشهد طفرة في انتاج الوثائقيات الرقمية عربيا بأشكالها المختلفة؛ الطويلة والقصيرة. هذا المحتوى يجمع الغث والسمين، لدرجة ستفرض آليات انتقاء من الجمهور المتلقي خلال السنوات القادمة، وبالتالي سيكون الصمود للأفضل. الفجوة لا تزال كبيرة بين عالم الوثائقيات التفاعلية دوليا وبين المحتوى العربي، الذي لا يزال يحبو، ويحتاج أن يؤخذ بجدية أكثر لكي لا نتأخر عن العالم الغربي وتغدو الفجوة غير قابلة للردم مستقبلا.
كيف يمكن للصحفيين في الوطن العربي تسويق قصصهم بشكل مؤثر والوصول للجمهور المستهدف؟
سؤال مهم، إذ أصبح على صناع المحتوى مسؤولية أن يفكروا فيما بعد البث أو النشر، منذ بدء العمل على القصة. فدورة حياة محتوى أي قصة تبدأ ولا تنتهي بالبث أو النشر، وبالتالي يجب تحديد الجمهور المستهدف بدقّة، والوصول إليه بأعلى درجات التفاعلية. كما بات الجمع بين الشق الميداني التشاركي والرقمي التفاعلي، عنصرا أساسيا من أجل التأثير، بخاصة إن كان لنا قضية كصناع محتوى ونهدف للتغيير والتأثير على أمل خلق عالم أفضل.
ما تقييمك لتجربة (أريج) في نشر ثقافة الاستقصاء في الوطن العربي؟
أنا معجبة بتجربة أريج التي انطلقت قبل أكثر من عشر سنوات. بدأت (أريج) عربيا مبكرا في دعم الإعلاميين العرب بمهارات تمكنهم من إنجاز تحقيقات استقصائية محترفة. وازدادت الآن أهمية تدريبات (أريج) ومحتوى تحقيقاتها، مع انتشار الأخبار والتحقيقات الزائفة حولنا، ونزوع بعض صناع المحتوى الاستقصائي لاستخدام ما أسميه “البهار والملح”؛ أي أدوات الإبهار البصري والألاعيب في النص والمحتوى لإيهام المتلقي أن هناك كشفا جديدا قدّموه، بينما بعد أن تشاهد “شبه التحقيق” تكتشف أنه ليس هناك أي جديد أو آلية منهجية سليمة في إثبات فرضية التحقيق. وهذا ما تقف له أريج بالمرصاد من خلال تدريباتها وتحقيقاتها. أعتقد أن لدى أريج أقداما ثابتة في بلاد الشام ومصر والعراق، وأتمنى أن تكثّف من قاعدة تدريباتها في السودان والمغرب العربي والخليج، حيث العديد من القصص هناك بحاجة إلى استقصائيين محترفين.
في ظل صعوبة الحصول على المعلومة في الوطن العربي والتضييق على العمل الصحفي، كيف يمكن للصحفي أن يواصل توثيق ما يحدث من حوله والعمل في ظل هكذا ظروف؟
للأسف، الوطن العربي اليوم ليس في أحسن حالاته. لا نريد أن نقول في أسوأ الحالات لأننا لا نتنبأ بالمستقبل. لكن سياسيا واجتماعيا وثقافيا، تعاني دولنا من أمراض الإقصاء ونشر الكراهية، عدا القتل والحروب والإرهاب الذي يفتك بنا في أكثر من مكان. لذا فإن العمل الصحفي، الذي هو أصلا “مهنة المتاعب” في الظروف العادية، يغدو اليوم “مهنة المخاطر”، بوجود قوانين تعرقل الوصول إلى المعلومة أحيانا وثقافة حجب المعلومات. لذا على الصحفي أن يكون أكثر إبداعا في الوصول للمعلومة، وأكثر تخطيطا لاستنفاذ مصادر جديدة للوصول إلى ما يريد. يتطلب ذلك جهدا ووقتا أكبر، كما يحتاج جرأة وحكمة. شعاري في العمل مع تدريب الصحفيين العرب: “نعمل على أي قصة كما النمل الذي يجمع القش، هل يتعب النمل إذا جمع وجمع ثم جاء الريح وذهب كل القش؟ إنه لا يقف ليتحسر، بل يستمر لأن الخيار الوحيد أمامنا هو الاستمرار.