عندما يتحوّل حق طبيعي إلى سبب للقهر

6 سبتمبر 2021

لا زواج للنساء الصم

تحقيق: دعاء إمام

 01/09/2021

تصوير: نورهان محسنتصميم الغلاف: أحمد بيكا

إلحقوني.. أنا محبوسة.. مشوفتش الشارع من سنين.. هنتحر!

هذه رسالة استغاثة استقبلتها فيروز الجوهري، مترجمة الإشارة بالمجلس القومي لشؤون الإعاقة، في الثانية صباحًا من فتاة صماء تسكن طنطا (دلتا مصر)، محبوسة في المنزل منذ سنوات ومقيدة بالسلاسل كي لا تهرب وتتزوج من شاب سليم.

“عزيزة” الفتاة الصماء التي تواصلت مع الجوهري عبر تطبيق واتساب كانت تستخدم هاتف والدتها التي حُبست معها في الغرفة. توجهت الجوهري إلى مقر عملها، وكتبت مذكرة بحالة الفتاة قدمتها لمكتب خدمة المواطنين بالمجلس. تقول :”إحنا منقدرش ناخد إجراء بس أنا قدمت المذكرة عشان نصعّد الأمر للمجلس القومي للمرأة وحقوق الإنسان ويتحركوا”. متابعة: “عزيزة قاعدة في بيت إخوتها اللي زوروا شهادة إنها معاقة ذهنيًا، بالتالي كل الناس من حولها يخشون التدخل، عشان كدة كانت بتبعت لي رسائل من تليفون والدتها ثم انقطع الاتصال بيننا بعد وفاة أمها”.

تلفت الجوهري إلى أن زوجها محمود فتحي، محامي ومترجم لغة إشارة، سافر متطوعا إلى حيث تسكن عزيزة بطنطا، لكن الجيران حذروه من سطوة أخيها وتهديده لأي شخص يسعى لتحرير الفتاة، إذ يشيع إنها مختلة عقليًا وله حق الوصاية عليها.

تؤكد ميادة إمام، مترجمة الإشارة المعتمدة من المجلس القومي لشؤون الإعاقة، وجود العديد من الحالات المماثلة لحالة عزيزة. حيث تتعامل بعض الأسر المصرية مع بناتهن من الصم باعتبارهن فاقدات للأهلية ويمنعونهن من الزواج، وهو أمر يخالف الدستور المصري والمواثيق الدولية.

تقول إمام: “لما الأم بيجي لها بنت صماء بتداريها ومتجوزهاش. بيقولوا هانجوزها ليه دي هبلة”. وخلال عملها الميداني في صعيد مصر، تبيّن أن من بين 60 امرأة صماء يوجد فقط 15 منهن متزوجات، وهؤلاء يسكنّ في بيوت مشتركة مع العائلة ما يجعلهن عرضة للتعنيف من الزوج وعائلته أيضا”.

تشرح إمام أوضاع هؤلاء الفتيات اللاتي يُحرمن من الزواج، ويمنعن من التعليم، أو الخروج من المنزل، فتقول: “التواصل بين الأهالي وبناتهم منعدم، وبيتعاملوا مع البنت الصماء على أنها معاقة ذهنيًا. بعض هؤلاء الفتيات نجون من عمليات الختان الشائعة في الصعيد، ليس لجرمية هذا الفعل، لكن لأن أمهاتهن يجدن أن (لا فائدة) من ختانهن ما دمن لن يتزوجن!”. وتشير إمام إلى أن الأهل يرفضون تزويج الشاب الأصم من فتاة صماء مثله، خوفًا من إنجاب أبناء ضعاف السمع.

بحسب هبة هجرس، عضو المجلسين القومي للمرأة والقومي للأشخاص ذوي الإعاقة، فإنه في حال تَعرٌض فتاة صماء لعنف أسري من الأهل أوالزوج، أو في حال مُنعت من اختيار شريكها وأُجبرت على الزواج من شخص لا تريده، يمكنها أن تلجأ إلى المجلس القومي للمرأة، لتقديم شكوى بنفسها، بحضور محامين متطوعين. علمًا بأنه لا يوجد في الإدارة مترجمو إشارة، فيتم التواصل مع مترجم عبر تقنية الـ”الفيديو” لترجمة كلام الشاكية إلى المحامي.

عندما سألنا نادية عبد الله، عضو المكتب الفني للمجلس القومي لشؤون الإعاقة، حول المذكرة التي قدمت بخصوص “عزيزة” قالت: “لازم تبعت هي الاستغاثة من تليفونها لشرطة النجدة، الذين يتواصلون بدورهم معنا..صعب نلف وراها وجايز تطلع في الأخر كذبة”. متابعة: “أهلها خايفين يعملوا شكوى أو بلاغ من مجهول حتى، لازم في البداية الشرطة تروح وتتحرى ليه أخوها حابسها”.

وبحسب عبدالله يجب أن ترسل الفتاة، صورة من اثبات الشخصية وعنوانها الحالي، مع شكوى مكتوبة للمجلس القومي للمرأة، لأنه الجهة المنوط بها متابعة مثل هذه الشكاوى.

لم يختلف رد المجلس القومي للمرأة كثيراً عما سبق، حيث أكدت هجرس إن من تتعرض لانتهاك لابد لها أن تلجأ للمجلس وتطلب المساعدة بنفسها. وأضافت:”الصم غير فاقدي الأهلية بالتالي لازم هما اللي يبلغوا، والبنت دي(عزيزة) هي اللي لازم تتقدم بالشكوى، مينفعش أدخل على حد بيته وأقول إن هنا فيه مشكلة”.

بعد تفشي فيروس كوفيد_19 أطلق، “المركز التقني لخدمات الأشخاص ذوي الإعاقة” التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تطبيق “واصل” للصم وضعاف السمع في نيسان \ أبريل 2020، ويتم من خلاله تحويل الاستفسارات والشكاوى إلى النجدة، أو المطافئ، أو الإسعاف، أو شكاوى الكهرباء، والإبلاغ عن حالات كورونا من الصم، إلى الجهات المسؤولة والتي تعمل بدورها على سرعة الحل أو الرد على الاستفسار.

البعض اعتبر أن التطبيق يمكن أن يساعد الكثير من الفتيات الصم ممن يتعرضن للعنف، غير أن الأمر يتطلب ابتداء اقتناء هواتف حديثة. وخلال المقابلات التي أجريناها مع الفتيات، من هذه الفئة، تبيّن أن نسبة كبيرة منهن، يرفض أهلهن أو أزواجهن منحهن هذا النوع من الهواتف. عدا ذلك فإن انخفاض نسبة المتعلمين بين الصم، تعني أن عدداً محدوداً منهم قد يستفيد من التطبيق الذي يطلب من مستخدميه، إدخال بعض البيانات مثل الاسم، ورقم الهاتف، ونوع الخدمة.

 موقف الصم من التعليم صعوبات السمع من الدرجة الكبيرة إلى المطلقة

61.5% لم يلتحقوا بالتعليم7.2% متسربين من المدارس8.6% ملتحقين حاليا22.8% أنهوا تعليمهم


المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في العام (2017)،

ما تتعرض له الفتيات الصم، يخالف نص المادة 23 من اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة، الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر، والتي تؤكد على عدم حرمان الأشخاص ذوى الإعاقة من الحق فى الزواج وتأسيس الأسرة برضى كامل.

ينص القانون المصري رقم 10 لسنة 2018 بشأن ذوي الإعاقة على المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة من ذوي الإعاقة، وقد كفل لهما الحقوق والواجبات من دون تمييز، وتم إجراء تعديلات على التشريعات لضمان تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص للفتيات والنساء ذوات الإعاقة في مصر، والحد من العنف والتمييز السلبي ضدهن، حيث يُمنع الحجر على حريتهن أو تقييد حقهن في الاختيار بإرادتهن المستقلة.

محرومة من التواصل

قبل أن تُكمل عامها العشرين، زفّ الجار نبأ كانت تنتظره ريهام عمر(من ضعاف السمع) وهو رغبة ثلاثيني في خطبتها، لكنه كان يعاني من إعاقة تسببت في بتر قدميه، إضافة إلى تعرضه لحادث أثّر على قدرته الجنسية. وافقت ريهام، على نحو تعجب منه المحيطين بها.

“يكفي أن أجد لقمة نظيفة ونومة مريحة”، هذا كان ردها على محاولات إقناعها بعدم الزواج من شاب لا يفارق كرسيه المتحرك.

ريهام شقيقة لأربعة إخوة وأخوات أصحاء، وآخر يشاركها معاناتها من الصمم، في أسرة متواضعة ماديًا تسكن ضاحية شبرا الشعبية (شمال القاهرة)، وتقيم داخل شقة من حجرة واحدة.

شقيقها الأصم لم يحتمل الوضع، هرب من البيت وتعلم العيش بمفرده. أما ريهام فلم يكن لها مفر غير الزواج. عاشت راضية مع زوجها المقعد 5 سنوات، في منزل (غرفة وصالة) لا تزوره الشمس، لكن هذه الحال لم تدم طويلًا. تحكي أختها: “جوزها فقد الوعي وهي شالته نيمته على السرير وغطته وبعتت لنا إنه مريض، ولما إخواتي وصلوا لقوه ميت وهي مش فاهمة”.

باتت مضطرة إلى العودة لبيت أبيها لكن لم يكن مرحبًا بها، فتعرضت للطرد، أحيانا في منتصف الليل، كما استولى أشقاؤها على إرثها من زوجها.وبعد عام، تقدم آخر للزواج بها، كان هذه المرة أربعيني تطلق مرتين، ولديه أبناء شباب.

لم يبال الزوج بتعلم لغة الإشارة، حتى بعد أن رزق من زوجته الصماء بطفلة سليمة، وإلى الآن بعد 6 سنوات من الزواج، لا يفهم زوجته في أحيان كثيرة، فيستعين بزوجة شقيقها الأصم في محادثة فيديو، فقد تزوج أخوها من متحدثة، حرصت على تعلم لغة الإشارة للتواصل مع زوجها.

تقول شقيقتها: “ريهام كانت محرومة من التواصل، وحتى الآن لا أحد يتحدث معها، أو يسعى إلى تعليمها. وفي السابق عاشت معنا حياة قاسية في مواجهة الفقر وفقدان الأم. بعد وفاة والدتي كانت الأكثر معاناة بيننا مع وجود زوجة أب غير سعيدة برعاية ستة أطفال بينهم إثنان من الصم”.

سجينة الوحدة

قبل 10 أيام من لقائنا بها، وضعت سمر (28 عامًا) من قرية الأخصاص، بمركز الصف التابع لمحافظة الجيزة، طفلها الأول بعد مرور عام واحد على زواجها من رجل ستيني يعمل بإحدى الشركات الحكومية.

تهرب والدها من الإجابة عن سؤال يتعلق بعمر الزوج، معددًا مميزات تزويج ابنته لرجل وصل سن المعاش (62 عامًا)، بحسب شهادة أحد الجيران. وقال: “إحنا مش هنعيش لها العمر كله، جواز البنت سُترة، ولما يبقى ليها بيت أحسن ما نسوان إخوانها يشغلوها ويشيلوها عيالهم”.

لكنه مع ذلك أقر بأنه لا يوجد تفاهم بينها وبين زوجها، خاصة أنه من المتكلمين، ولا يسعى لخلق أي نوع من الحوار أثناء تواجده في المنزل، ما جعلها أكثر صمتًا وحزنًا. وقال إن بلوغ ابنته السادسة والعشرين من العمر من دون زواج لم يكن بالأمر المألوف بالنسبة للفتيات في القرى، لذا اضطرت الأسرة إلى الموافقة على تزويجها للعريس الذي تقدم لها. مضيفًا أن عدم التحاق البنات الصم بالتعليم الجامعي يقلل فرصهن في زواج متكافئ: ” بناتنا عندهم طموح في التعليم بس مفيش إمكانيات زي البندر (المدينة)”.

وتابع: “أنا شايف إن الخُرس يتجوزوا من بعض عشان يبقى فيه تفاهم بينهم. ده حتى أنا مبفهم لهاش كلام. يعني ممكن في الكلام كله افهم كلمة تقولي كذا واشاور لها وخلاص”.

عندما تحدثنا إلى الجيران، أخبرونا أن سمر تتجنب السير بجوار زوجها، حتى لا تتعرض لمضايقات، من الفتيات الصم اللواتي يلمنها على زواجها من رجل مسن.

رفض الأب والأخ والأم مغادرة الغرفة التي تجلس بها سمر، فحكت على استحياء عن تعامل الأهل معها، موجهة حديثها لمترجم الإشارة الذي كان مُدرسها في مرحلة التعليم الثانوي. وقالت إن أهلها كانوا يمنعونها من الخروج أو زيارة زميلاتها الصم، بزعم الخوف عليها، فتقضي يومها في تنظيف البيت والرسم، وبعد الزواج لم يختلف الأمر كثيرًا.

تؤكد “سمر” أنها حاولت تعليم زوجها لغة الإشارة من دون جدوى. كما أنه يرفض أن يؤمّن لها هاتفا حديثا يمكنها من خلاله التواصل مع زميلاتها عبر مكالمات الفيديو، لأنه لن يفهم ما يدور بينها وبينهن من حديث. تقول:” أنا زعلانة من الوحدة وبحس إني سجينة نفسي، بس فرحانة عشان خلّفت وده الميزة الوحيدة لجوازي”.

لحل أزمة التواصل بين الصم وذويهم ، دشن جمال سالم، المدرس ومترجم الإشارة بمركز الصف التابع لمحافظة الجيزة، مبادرة لتعليم لغة الإشارة لأباء وأمهات الطالبات بمدرسة الأمل التي يعمل فيها، مؤكدًا أنها كانت بالمجان، ومع ذلك لم يهتم أحد بالحضور من الأسر أو الأزواج.

نقطة نور

منع الفتيات من الزواج، أو رفض الأهالي تزويج أبنائهم للبنات الصم، سلوك تقوده المخاوف من إنجاب مزيد من الأطفال الصم. لكن هويدا (37 عامًا) وهي أم لتوأمين (محمود ومحمد) يبلغان من العمر عشرين عامًا وليسا من الصم، رغم أنها وزوجها من ضعاف السمع.

تشير هويدا إلى دور أسرتها وأسرة زوجها في تبديد مخاوفها، خاصة أنها تزوجت في سن صغيرة (16 سنة) وبعد عام رُزقت بولديها. وتقول إن أسرة الزوج تعلمت لغة الإشارة لتسهيل التواصل معها، ومساعدتها في تربية إبنيها. عندما كانا رضيعين لم تكن تسمع بكاءهما فاعتمدت كليًا على والدة زوجها التي كانت توقظها ليلًا لإرضاعهما. ومع مرور الوقت تعلمت وضعهما بطريقة معينة على السرير كي تشعر بحركات أقدامهما عند الاستيقاظ.

تقول:” عندما انتقلت من بني سويف للقاهرة ونزلت أشتغل، كانوا بيخافوا عليا من الطريق والتعامل مع الناس، لكن دائما كنت أقول ربنا سمعي ولساني.. ولادي اتعلموا لغة الإشارة لوحدهم من غير مدرس ولا دروس وبقوا يفهموني، وحاليًا محمود في كلية تربية رياضية ومحمد بيدرس علوم الأرض في جامعة بني سويف”.

وعبرت هويدا عن غضبها من تعامل الأسر مع أطفالهم ضعاف السمع قائلة:” أهل الشخص الأصم هم اللي بيسجنوه في البيت فبيطلع مش فاهم، وبيكبر مش متفتح وعنيد”.

أما محمد عبد الله عبد الهادي، مترجم الإشارة بالتليفزيون المصري، فقد ولد لأب وأم من الصم، وكان يتعرض لمضايقات في طفولته من الجيران الذين يقولون كلما رأوه “ابن الخُرس أهو”. يقول:” قررت تعلم لغة الإشارة بشكل احترافي بعد موقف حدث مع والدتي. كانت تشاهد مسلسلًا على التلفاز، ثم انقطعت الحلقة، وظهر أحد المذيعين على الشاشة بملامح عابسة، ما يعني حدوث أمر ما، فبكت والدتي بشدة وانتابها القلق عليّ أنا وإخوتي. وحين رجعت للمنزل وجدتها في حالة انهيار بسبب عدم فهمها لما يقوله المذيع. صممت وقتها أن أساهم في ترجمة نشرات الأخبار، والمسلسلات، والمسرحيات للغة الإشارة. وأنشأنا المؤسسة المصرية لحقوق الصم، التي تُخرج دفعات من مترجمي الإشارة.

ويلفت عبدالهادي إلى أن المؤسسة تهدف إلى تسهيل التواصل بين الأبناء الصم وأسرهم، خاصة فيما يتعلق بأمور الزواج إذ تحاول إقناع الأهالي بعدم اجبار فتياتهم على الزواج بالأقارب لحفظ الميراث أو للتخلص من عبء وجود فرد أصم في البيت، كما تشجع الصم على الزواج من بعضهم البعض.

في سؤال ورد لدار الإفتاء المصرية حول مدى شرعية زواج “المعاق” بشكل عام، أكد الدكتور علي جمعة في رده، على موقع الدار الإلكتروني، على حق ذوي الإعاقة في الزواج ما دامت أركان الزواج متوافرة، وما دام المعاق “محاطًا بالحرص على مصلحته محفوفًا برعاية منافعه”.

وقال في جوابه:”لا يمنع المعاق من الزواج مخافة إنجابه لأبناء معاقين، لأن الزواجَ شيءٌ والإنجابَ شيءٌ آخر، فالزواج فيه أُنسٌ ورحمةٌ ومودةٌ ومعانٍ ساميةٌ كثيرةٌ بالإضافة إلى الإنجاب، مع الرجوع في مسألة الإنجاب وعدمه أو تأخيره إلى أهل الاختصاص في كل حالة بحسبها.وتصرفات القَيِّم تجاه المعاق تكون مقيدةً بالمصلحة؛ فإن كانت مصلحة المعاق تقتضي تزويجَه فإن على القيم أن يُبَادِرَ إلى تزويجِهِ، ويأثم إن أخَّره دون سبب”.

عزت الصفتي، مأذون صفط اللبن، إحدى قرى مركز كرداسة في محافظة الجيزة، حضر ثلاثة أعراس للصم لإتمام اجراءات الزواج، لكن واحدًا فقط من الأزواج حرص على إحضار مترجم إشارة أثناء عقد القران.

يعتبر الصفتي أن ارتداء الفتاة لفستان الزفاف مؤشر قوي على قبولها، مشيرًا إلى أنه يحاول حفظ حقوق الفتيات والتأكد من رضى الطرفين قبل التوقيع على قسيمة الزواج، رغم أنه لا يعرف لغة الإشارة.

يقول :” عندما يكون الزوج والزوجة من الصم ، يتولى الوالدين إحضار الأوراق اللازمة إلى مكتب المأذون، والإتفاق معه على كافة التفاصيل، وأثناء عقد القران يضع والد العريس يده في يد والد العروس وتُقال الصيغة الشرعية للزواج، ويقتصر دور العروسين على التوقيع على قسيمة الزواج فقط”.

يضيف: “لو حسيت إن المؤخر قليل أو فيه ظلم للبنت، بسأل، والأهل بيقولوا إن ده اتفاق بيننا وبالتالي مقدرش أتدخل”.ماريان سامي فوزي، ودينا صلاح

لن أتزوج

ماريان سامي فوزي(30 عامًا)، ودينا صلاح (27 عامًا) من قرية الحي بمركز الصف، راقبتا عن قرب قصص فتيات صم مثلهن،عشن قصص زواج فاشلة انتهت بالطلاق فقررتا عدم الزواج، والتفرغ للرسم على الزجاج.

أسرة ماريان منحتها الحرية في ما يتعلق بالدراسة وتعلم الرسم، أو حتى السفر في رحلات مع الكنيسة. لذلك وجدت في هذه الأنشطة تعويضا مرضيا لا تضطر معه للقبول بزواج تعيس تعاني فيه مثل صديقاتها المتزوجات من المعاملة السيئة والإهمال سواء من الزوج أو من أهله.

قررت ماريان أن تعيش حياة أشبه بالرهبنة، فقد تقدم لخطبتها أكثر من شاب لكنها رفضتهم جميعا لأنهم من المتكلمين.تقول:” جوازات البنات الصم أغلبها وحشة. أنا كدة قلبي صافي لربنا وهاعيش كدة”.

تشاركها “دينا” الرأي ذاته، مبيّنة أن بعض الشباب يفضلون الفتاة الصماء بحثًا عن التزامات أقل، فهم لا ينظرون إليها نظرتهم إلى المرأة السليمة. وتقول أنها حاليا تبحث عن عمل في الشركات الحكومية ضمن نسبة الـ5% التي خصصتها الدولة لذوي الإعاقة، وفي الأثناء تقضي وقت فراغها في زيارة صديقاتها أو أقاربها.