القاهرة بالأمر المباشر

3 نوفمبر 2024

بأمر مباشر هُدمت مبانيها العشوائية وغير العشوائية، وبأمر مباشر نُقل سكانها بعيداً عنها، وخُصّصت أراضيها لكبار المستثمرين العقاريين. هذه هي قصة تطوير القاهرة خلال عشرة أعوام (2014 – 2024)، حيث أعلنت الدولة الحرب على عشوائيات المباني بعشوائية القرارات، التي راحت ضحيتها مناطق كاملة، صدرت لها قرارات إزالة لصالح توسعة الطرق وإنشاء الجسور، ودُفع ببعض أهلها إلى مناطق لا تراعي هويتهم الاجتماعية والثقافية، وتقاضى البعض الآخر مقابل التنازل الإجباري عن وحداتهم ثمناً بخساً.

وبينما يئن أهل القاهرة تحت وطأة الظروف الاقتصادية الطاحنة، خُصّصت الميزانيات الباهظة لمشروعات نقل لا طائل من ورائها، كالقطار الكهربائي محدود الركاب. وحتى المساحات العامة الصغيرة، التي كانت متنفساً للمواطن البسيط، تلاشت مع توغل المشروعات الاستثمارية. هكذا، وتحت لافتة التنمية، أخطأت المشاريع -سواء عن عمد أو غير عمد- أهدافها؛ فانحرفت عن تلبية احتياجات المجتمع. وإن عرفنا المتضرر، يبقى السؤال قائماً: مَن المستفيد؟

“كيلو الأوطة (الطماطم) بعشرة جنيهات، ومتر مدينتي بنص جنيه”، مهما حمل هذا الهُتاف اليوم من دلالات ساخرة، في ظل التضخم الذي دفع بأسعار الخضروات، ومنها الطماطم، إلى معدلات قياسية، إلا أنه -وبعد مرور نحو 14 عاماً من الصدح به- ما زال يعبر عن مفارقة اقتصادية شهدتها حقبة زمنية، يمثلها خير تمثيل مشروع مدينتي لصاحبه هشام طلعت مصطفى.

اليوم يُستنسخ هذا المشروع، لكن بقواعد جديدة أطلقت يد الدولة في تخصيص أراضٍ لمشروعات مملوكة لرجل الأعمال نفسه، ولغيره من المستثمرين، بالأمر المباشر، حتى بدا أن مصائب أهل القاهرة عند مطوريها العقاريين فوائد.