يوميات هلال الجمرة عن تحقيق (1200 محتجز قسراً في سجون اليمن)

2015/05/5
التاريخ : 05/05/2015

اخترت فكرة التحقيق الصحفي، خلال مراجعتي لمواد صحفية نشرتها قبل سنوات حول المحتجزين. تذكرّت تاجر شاب في الثلاثين من عمره، عرفته خارج السجن قبل عشر سنوات، والتقيته في السجن المركزي في صنعاء بداية اعتقاله على ذمة شكاوى من تجار بتهمة تحرير “شيكات بدون رصيد”.

كان يبحث عن خلاص عاجل. فلربما استشعر مبكراً ما الذي قد ينتج عن بقاءه محتجزاً وهو يرى عشرات محتجزين منسيين في السجن دون مبالاة الجهات المسؤولة بل وإشرافها على إبقائهم في احتجاز قسري غير قانوني.

كنت قد اشتغلت عن هذا الملف الإنساني، وعشت مع المحتجزين عناء الاحتجاز المستمر لزمن مفتوح. قمت بزيارة إلى السجن المركزي (المنشأة العقابية) بصنعاء.

يمثّل الدخول إلى السجون صعوبة كبيرة، خصوصاً لصحفي يفتّش عن المحتجزين خارج إطار القانون، لكن من واقع تجربتي السابقة في متابعة هذا الملف، دخلت إلى السجن المركزي بصنعاء بصفتي زائراً لهذا المحتجز، خرجت من هذه الزيارة بمعلومات مهمة، مهّدت بالنسبة لي خارطة طريق أولية. لقد وجدت السجن متخم بالمأساة. ووجدت الشاب بعد أربع سنوات، محبطا ويائسا من مغادرة السجن، خصوصاً وقد شهد وفاة عدد من رفاقه المنسيين المحتجزين بعد انتهاء فترة عقوباتهم.

جمعت معلومات من السجن المركزي في صنعاء، وثلاثة سجون أخرى في أكبر المدن اليمنية (تعز- الحديدة- عدن)، وحصلت على بيانات السجناء في بقية السجون. التقيت بعدد من ضحايا الاحتجاز داخل هذه السجون واستمتعت إلى معاناتهم، واجهت المسؤولين المباشرين عن الاحتجاز، وانصدمت بعدم اكتراثهم لجرم الاحتجاز القسري الذين يفرضونه على عشرات المواطنين دون وجه حق.

وما يقدمونه من تبرايرات غير قانونية. التقيت بالمحامي نبيل المحمدي، وهو عضو هيئة الدفاع عن المحتجزين في زمن سابق، وعرضت له ما وجدت. لقد حرصت في كل الخطوات التي اتبعتها، على الالتزام بمنهجية أريج في البحث والتقصي للوصول والحصول على معلومات تخدم التحقيق وتكشف عن المتسببين في خلق معاناة لهؤلاء، وصولاً الى مرحلة المواجهة مع المسؤول الأكبر عن هذه الجريمة.

لطالما توجست من هذه المرحلة (المواجهة) لكن قوة الصحفي وسلامة عمله تكمن في خوض هذه المرحلة، لقد واجهته وانا احمل سلاح قوي جداً يتمثل في المعلومات الموثقة للحالات والبيانات والرأي القانوني .

حضّرت للمقابلة جيدا لأني أدرك أن مواجهة رجل القانون الأول في البلد وهو المسؤول عن معاناة هولاء ليس بلأمر السهل، لكن المذنب، يكون دائما الطرف الأضعف. تمثلت الصعوبات التي واجهتني خلال العمل في كيفية دخول السجون والحصول على المعلومات والبيانات الموثقة.

لكن مع ذلك استفدت كثيراً من هذه التجربة التي أضافت لي الكثير. “لن تختفِ المعلومة، طالما وجدت من يفتش عنها”، خلصت إلى هذه النتيجة بإنجازي فكرة التحقيق عن المحتجزين خارج القانون، الذي عملت عليه على مدى أزيد من عام.