يوميات الصحفيَيْن/ محمد أبو شحمة وإبراهيم رامي عن تحقيق مخابز غزة ‏

2015/05/2
التاريخ : 02/05/2015

لم تكن فكرة تحقيقنا الاستقصائي، كالتي أمامكم الآن، بل بدأنا العمل والبحث عن استخدام المخابز في قطاع غزة لمادة كيميائية محظور العمل بها دولية ومسببة للسرطان، بحسب شهادات دولية، في إعداد أحد أصناف الخبز “الخبز الفينو”. وخلال التقصي، والتمكن من الحصول على عدة عينات من تلك المادة الكيميائية من داخل عدة مخابز، علمنا أيضا أن المخابز تستخدم مياها غير صالحة للاستخدام الآدمي في إعداد الخبز وملوثة بنسبة عالية من النترات، من خلال دخولنا للمخابز مرات عديدة، وقمنا بتدوين هذه الملاحظة المهمة.

انتقلنا لمرحلة جديدة في التحقيق والبحث، وهي معرفة ماهية المادة، وذلك تطلب منا إرسالها لمختبرات فحص أغذية.

وأرسلنا تلك العينات إلى جميع مختبرات الأغذية في قطاع غزة، وكان كل مختبر يطلب منا الانتظار لمدة أسبوعين لإجراء التجارب العلمية من أجل تحديد ماهية المادة بدقة، ولكن جميع محاولات تلك المختبرات باءت بالفشل، لعدم توفر المواد والأجهزة التي تساعدهم في ذلك.

تجاوز العمل والتواصل مع هذه المختبرات الـ(4) شهور، ولم نصل إلى نتيجة، فكان علينا إرسال تلك العينات إلى خارج قطاع غزة، ولكن كيف ذلك، وغزة محاصرة من جميع الجهات ويمنع إخراج أو إدخال أي شيء منها وإليها، فكان هذا تحديا لفريق التحقيق.

وفي أحد الأيام، حدثت انفراجة سياسية لقطاع غزة، بحيث زار رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله قطاع غزة قادما من معبر بيت حانون “إيرز”، وكان ضمن الوفد، إعلاميون سمح لهم بدخول غزة، وهنا كانت فرصتنا بإرفاق عينات المادة الكيمائية مع الإعلاميين المرافقين للوفد، ومن ثم إرسالها لإحدى جامعات الضفة الغربية، من أجل التحليل، ومعرفة ماهية المادة.

وبالفعل خطتنا نجحت، وتمكن أحد الإعلاميين من أخذ العينة معه وإرسالها لجامعة  بيرزيت، ولكن أيضا مختبر الجامعة لم يتمكن من تحديد المادة، لعدم وجود الجهاز الخاص بالفحص.

هنا قررنا الرجوع إلى الملاحظة التي وجدناها في المخابز، وهي استخدام المخابز لمياه غير صالحة للاستخدام في إعداد الخبز، فأرسلنا الفرضية الجديدة للزملاء في شبكة “أريج”، وطلبنا تعديل الفرضية السابقة، وبالفعل جاءت الموافقة والتعديل على الفرضية السابقة.

ومعها بدأنا بالعمل على جمع المعلومات عن المياه المستخدمة، وتبين أن جميع مخابز قطاع غزة، باستثناء مخبز وحيد، تستخدم مياها مالحة وغير صالحة للشرب في إعداد الخبز.

أخذنا عينات من أرغفة الخبز، وتواصلنا مع أحد خبراء الكيمياء في قطاع غزة، وطلبنا منه إجراء فحص مخبري لتلك العينات، وكشف وجود مادة النترات في تلك الأرغفة.

طلب منا ذلك الخبير إعطاءه الوقت لإجراء تجارب لذلك، وبالفعل أخبرنا بإمكانية الفحص، وبعد الفحص تبين وجود نترات في الأرغفة المرسلة، وهنا انطلقنا لجمع معلومات من مصادر علمية مختلفة لمعرفة تأثير تلك النترات على صحة الإنسان، وأجمع الجميع أنها تسبب السرطان لاتحادها مع مركبات كيميائية أخرى.

كان للزملاء في شبكة أريج الدور الكبير في التوجيه من خلال النصائح والملاحظات التي كانوا يمدوننا بها عند كل عملية بحث وتقصٍ، حتى خرج التحقيق بهذا الشكل الدقيق.