هناء بوحجي - عاملات المنازل في البحرين ... ثقوب في مظلة القانون

2010/11/27
التاريخ : 27/11/2010

قبل 20 عاما، لفتني وأنا أتسلم وثائق عاملة فلبينية جاءت لتساعدني في الأعمال المنزلية، أن من بينها ورقة غير رسمية طبع عليها كلمة عقد عمل باللغة الانجليزية وبها مجموعة من البنود التي توضح مسئوليات وحقوق العاملة، الا أن وكيل مكتب الاستقدام قال أنه ليس من داع لتوقيع هذا العقد او العمل به لأن صوري وان كانت الحكومة الفلبينية تشترط وجوده في بداية تقديم الطلبات.

في طريق العودة الى المنزل أخبرتني العاملة انها تحمل بكالوريوس محاسبة وجاءت لتعمل محاسبة في شركة وليس في خدمة المنازل، وعندما نقلت ماقالته الى الوكيل قال مستهزئا :”أنها بحاجة الى صفعة لتؤدبها حتى لا تتحدث في هذا الأمر مرة أخرى”. عندها ألغينا خيار اعادتها الى الوكيل وخيرتها بين العودة الى بلادها او البقاء في منزلي. اختارت البقاء للوفاء بالتزامات مالية عليها في بلدها.

منذ ذلك الوقت ، ومن متابعاتي عن بعد لم أر اي تغيير يذكر في أوضاع العاملات القانونية اذا انهن مستثنيات من مظلة قانون العمل، وبرغم الخدمات المهمة التي تقدمها هذه الفئة للأسر وللمرأة العاملة تحديدا الا انها ينظر لها انها مصدر قلق ومشاكل في الاسرة.وكان هذا اول موضوع يقفز الى ذهني عندما قررت العمل على تحقيق استقصائي باشراف شبكة إعلاميون من اجل صحافة استقصائية عربية “أريج”. عرضت الفكرة على بيا ثوردسن في نهاية ورشة عمل أريج في البحرين، التي وجدت فيها موضوعا يستحق الاستقصاء عنه فبدأت صياغة الفرضية والأهداف وتعريف المعلومات والمصادر التي يحتاجها العمل باشراف مشرف شبكة أريج الزميل غسان الشهابي.

لم تصادفني صعوبات حقيقية أثناء اعداد التقرير الذي استغرق العمل فيه نحو ثلاثة شهور سوى الحصول على بعض البيانات والمعلومات الرسمية الخاصة بمن يتعرضن للضرر من العاملات، ذلك بسبب عدم وجود سجلات لتصنيف معلومات قضايا العاملات بحسب أنواعها وما كانت تؤول اليه، وتم التغلب على هذه العقبة بلقاءات المسئولين والمحامين والباحثين الاجتماعيين الذين وفروا معلومات مفيدة وقريبة من الحقائق.

كانت عقود العمل مصدر أساسي لتوضيح اساس الخلل في الحماية القانونية اذ لم يكن هناك عقد عمل موحد فيما كانت العقود تحمل بنودا مختلفة بها خرق واضح للحقوق الانسانية للعاملات.

بالاضافة الى ذلك كانت المقابلات الشخصية مع العاملات المعنفات عنصرا مهما للتحقيق للتدليل على ماتعاني منه العاملات من سوء معاملة تتراوح مابين حجب الراتب وحتى الأذي النفسي والجسدي.

لقي التقرير صدى جيد بعد نشره تمثل في اهتمام وزارة العمل المعنية باستصدار التراخيص بالاعلان ان حقوق العاملات يعتبر أمرا مهما وأن الأيام المقبلة ستحمل تصحيحا للجانب القانوني الذي يعطل حصول هذه الفئة على العاملات، كما حصل التقرير على تعليقات القراء الكترونيا في موقع صحيفة “الوسط” المحلية التي نشر فيها.

كان العمل على تحقيق عاملات المنازل متعة حقيقية لطابعه الانساني ولأنه من التحقيقات الأولى التى تناولت جانب العاملة وهي الطرف الاضعف في العلاقة بين العاملة ورب العمل ، مما أكسبه أهمية في المساهمة تسليط الضوء على معاناة فئة مهمة من العمالة ، كما اقترح حلولا لتخفيف هذه المعاناة بناء على ماتوفر من حقائق ومن لقاءات مع القائمين على قضايا حقوق الانسان.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *