نظام الانتخاب في الاردن- عمر المحارمة

2016/02/1
التاريخ : 01/02/2016

إنطلقت فكرة عمل “تحقيق إحصائي” أو تقرير تحليلي حول نظام الإنتخاب وتوزيع المقاعد النيابية، منذ أن أعلنت الحكومة في الثلاثين من أب/أغسطس 2015مشروع القانون الجديد للإنتخاب.

كانت الفرضية التي يقوم عليها التقرير هي غياب عدالة توزيع المقاعد البرلمانية بين الدوائر في الإنتخابات السابقة وعدم وجود ضمانات واضحة لمعالجة هذا الخلل في مشروع القانون الجديد.

قمت في البداية بجمع البيانات المتعلقة بتقسيمة مجلس النواب وارقام نتائج آخر إنتخابات جرت في الاردن وهي انتخابات 2013، حيث تبين من القراءة الاولية لتلك الارقام والبيانات وجود خلل ما في عدالة توزيع المقاعد البرلمانية.

ولعمل قراءة معمقة وتحليلية لتلك الارقام تبينت الحاجة للإستعانة بمتخصصين إحصائيين ورياضيين، وأن عرضها يحتاج الى أسلوب يسهل على القراء فهمها من خلال رسومات الانفوجرافيك، قمت بطرح الموضوع على شبكة أريج لدعم التحقيق والذي اتفقنا لاحقا على انتاجه كتقرير تحليلي.

أهم الصعوبات التي واجهتها في إنتاج هذا التحقيق هي عدم وجود أسس واضحة في الانظمة الانتخابية المعتمدة في دول العالم لالية توزيع المقاعد البرلمانية بين الدوائر
وذلك باتفاق خبراء القانون الذين استعنت بهم بما فيهم وزير التنمية السياسية الحالي الدكتور خالد الكلالدة.

وبعد اتفاق الخبراء على أن عناصر ثلاث تحكم عملية توزيع المقاعد (السكان، المساحة، التنمية) ان لا بد من التوسع في استخدام قواعد البيانات المتوفرة حول هذه العناصر لقياس مدى ارتباطها بالتوزيع الحالي للمقاعد البرلمانية.

البيانات كانت متوفرة على المواقع الإلكترونية لدائرة الاحصاءات العامة ووزارة التخطيط ولكن بصيغ علمية ليست سهلة القراءة، خصوصا أن مؤشر التنمية لم يكن موضوعا بصيغة واضحة و كان لابد من إجراء تحليل لمجموعة من المتغيرات للوصول الى مؤشر واضح.

قمت بالاستعانة بخبيرة أحصائية في دائرة الاحصاءات العامة، خارج أوقات دوامها الرسمي وكان هناك صعوبة في شرح المعادلات المطلوبة للوصول الى نتائج تخدم التحقيق، حيث أضطررت لربط الخبيرة الاحصائية بخبير قانوني لتوضيح الفكرة القانونية المطلوب أستخراج معادلات رياضية لخدمتها.
المرحلة الثانية من العمل كانت تتعلق بترجمة الجداول الاحصائية التي تم انتاجها الى نص مكتوب و رسومات توضيحية (انفوجرافيك)، وهي مسألة كانت صعبة الى حد ما كون الارقام هي أكثر النصوص حاجة للدقة و صعوبة في الترجمة الى نص.
نشر التقرير في جريدة الدستور يوم 19 كانون ثاني/ يناير 2016، و حقق اصداء كبيرة ومهمة في الوسط السياسي و البرلماني والاعلامي حيث تلقيت بعد النشر أتصالات عديدة من رؤساء حكومات سابقين ووزراء حاليين وسابقين اضافة الى كم كبير من أتصالات البرلمانيين والاعلاميين، وأصدرت وزارة التنمية السياسية بيان توضح فيه موقفها من نتائج التقرير، وهو بيان وإن كان وجها من أوجه التفاعل مع التقرير الا انه حمل جملة من المغالطات وسوء الفهم للتقرير.

كان لدور شبكة اريج في قراءة مسودة التقرير اثر فاعل في “تجويد” نصه والمساعدة على الاستعانة بخبير احصائي و رسام الانفوجرافيك، وهما عنصران اساسيان في التقرير ما كان يمكن غتمام التقرير دونهما.

هذا التقرير أستطيع الجزم بأنه اصبح وثيقة مرجعية-لم يتوفر مثلها سابقا- لمن أراد قراءة شكل وتوزيع المقاعد البرلمانية وسيكون للنتائج التي توصل اليها أثر في وضع نظام الانتخاب الجديد الذي يتوقع ان تصدره الحكومة بعد أقرار قانون الانتخاب خلال الاشهر أو الاسابيع القليلة المقبلة.