ميشيل عبدالله - مراكز غسل الكلى .. مصانع لنشر العدوى بين مرضى الفيوم ‏

2014/12/3
التاريخ : 03/12/2014

أبلغني أحد أصدقائي أن شبكة أريج، تقيم دورة تدريبية على هذا النوع من الصحافة، التي تهتم باستقصاء الحقائق وتوثيقها وعرضها على الجمهور، لتكون معلومات جديدة وموثقة، لتلاحق الفسااد المالي والإداري، وذلك خلال الربع الأول من العام الماضي 2013.
وأعجبت بالفكرة جدا، وتبادر إلى ذهني سريعا معاناة مرضى الفشل الكلوي في مراكز الكلى، ورحلة العذاب التي إعتادوا عليها في أيام جلسات غسل الكلى، وكل منهم يتوجه إلى وحدته الخاصة في مراكز الكلى، ويعلم أن الموت ليس ببعيد عنه.
وعلى الفور، أرسلت الفكرة إلى “أريج”، والحماس داخلي لتعلّم هذا النوع من الصحافة، والعمل على رصد المعيشة الصعبة التي يحياها مريض الكلى، في جلسات غسيل الكلى الثلاثة، خلال الأسبوع الواحد، وتحمست المؤسسة لها، وكانت الصعوبة الأولى في تنفيذ التحقيق تتمثل في موافقة مرضى الفشل الكلوي على مرافقتي لهم، خلال جلسات الغسيل الكلوي، على مدار أكثر من 9 أشهر من متابعة المرضى في الجلسات بعدد من مراكز الكلى، والصعوبة الثانية في الحصول على البيانات الرسمية عن عدد مرضى الفشل الكلوي في الفيوم، ونسبة الزيادة في الإصابة بالمرض، خاصة مكتب منظمة الصحة العالمية بالقاهرة، والذي أدعى أنه ليس لديه بيانات عن مرضى الفشل الكلوي ولا تقارير وطلب مني اللجوء إلى وزارة الصحة، للحصول على تلك البيانات.
دفعتني معلوماتي عن إرتفاع معدلات الإصابة بالفشل الكلوي بين مواطني الفيوم، إلى اتخاذ القرار، برصد معاناة هؤلاء المرضى داخل مراكز الكلى، ووافق أكثر من 5 حالات على مرافقتهم خلال الجلسات على مدار الأسبوع، لأتابع بنفسي المعاناة التي يعيشها هؤلاء ما بين حالة نفسية سيئة لعدم قدرتهم على الحياة بشكل طبيعي كغيرهم، وإهمال ونقص أدوية ومخالفة معايير مكافحة العدوى داخل تلك المراكز، وتعرض بعضهم للإصابة بأمراض فيروسية مثل الفيروس (سي) و(بي) والإيدز بسبب الإهمال.
وقد طلب بعض منهم، عدم ذكر اسماؤهم في التحقيق الاستقصائي، خشيا من تعرضهم لمضايقات من قبل إدارات المستشفيات العامة التي تتبعها تلك المراكز، أو الممرضات التي تتولى خدمتهم خلال جلسات الكلى، واتفقنا على ذلك، ومنذ البداية وحتى الانتهاء من أعمال الرصد والمتابعة لمخالفات تلك المراكز، كنت أوثق كل المعلومات بالمستندات والصور والفيديوهات، وغيرها، وكنت أشعر بألم نفسي شديد بسبب مرافقتي لهم خلال جلسات الغسيل الكلوي، ولسان حالهم يردد ” هتعملنا إيه..إحنا عارفين مصيرنا ..أيام بنقضيها وهنموت”.
وتأثرت جدا بحالة المريض نزيه صالح، هذا الرجل الذي كانت زوجته، ترافقه في كل جلسة، تخفف من آلامه، وتدعمه نفسيا، حتى مع تدهور حالته الصحية، وتألمت جدا عندما علمت بوفاته أثناء إجراء التحقيق، حيث كنت أتابع حالته دائما.
كما واجهت صعوبة أخرى للحصول على معلومات من نيابة بندر الفيوم، حول البلاغ المقدم من 29 مريض كلى بمركز التأمين الصحي، ضد إدارة المستشفى وفرع التأمين بالفيوم، ولكني تمكنت في النهاية من الحصول على معلومات كنت أريدها.
ساعدتني الصعوبات الكثيرة التي واجهتها في إتمام هذا التحقيق، على تعلّم الكثير، وأهم ما تعلمته، الإصرار في الوصول للحقيقة ورصدها، من أجل كشفها للمواطنين، الذين نعمل من أجلهم، ورفع معاناتهم إلى المسؤولين.
وكان الزميل عصمت صلاح الدين، منسق المشروع في مصر، داعما بشدة لي في تنفيذ التحقيق، حتى بدأت فيه وكانت الصعوبات تقلل من عزيمتي، ووجدت الدعم من المديرة التنفيذية لشبكة “أريج”، رنا الصباغ، والتي شجعتني على مواصلة العمل، وكذلك الزميل سعد حتر، في محاولة منا لمساعدة المرضى بتحسين الخدمة الصحية المقدمة لهم، وأصبح لدي دافع أكبر لملاحقة الفساد الإداري والمالي من أجل خدمة الوطن.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *