موفق كمال - الأردن يزحف ببطء نحو عقوبات "صديقة للحرية" عبر قانون يطال 4 آلاف سجين

2013/05/28
التاريخ : 28/05/2013

لم أكن أعلم أن فقدان هويتي الشخصية في ايلول (سبتمبر) الماضي ووصولي الى مركز أمني للإبلاغ عنها سيقودني الى تحقيق استقصائي حول العقوبات البديلة التي ما زالت مشروعا تحت الدراسة لم يتبلور في مسودة قانون، فلدى وصولي المركز ودخولي قسم القضائي، وجدت شابا عشريني يافعا يقف في قفص الموقوفين وعلامات الذل والهوان بادية عليه.

لم تكن تهمة الشاب سوى سرقة “حبة علكة”.
دخل الشاب أحد المولات في منطقة طبربور شمال العاصمة وقام بأخذ حبة علكة من احد الرفوف ونسي ان يحاسب عليها واثناء خروجه تم ضبطه من قبل أمن المول الذين قاموا بتحويله للمركز الامني بداعي السرقة.
رئيس المركز الامني افاد حينها ان هذا الشاب ليس من ذوي الاسبقيات كما ان ثمن حبة العلكة لا يتجاوز العشرة قروش، وسيصار إلى تحويله في اليوم التالي الى القضاء بتهمة السرقة وسيجري توقيفه اسبوعا على ذمة التحقيق بكلفة ستتحملها خزينة الدولة تبلغ نحو 200 دينار.
بعد مضي شهر تقريبا شاركت في ورشة عمل عن العقوبات البديلة التي نظمتها مؤسسة الاصلاح الجنائي ، وبعد انتهاء الورشة تبلورت لي الفكرة لأجراء تحقيق استقصائي عن سبب عدم وجود عقوبات بديلة في الاردن .

الصعوبات
التقيت بالزميلة رنا صباغ المديرة التنفيذية لشبكة أريج والزميل سعد حتر رئيس قسم التحقيقات فيها، وقمنا بوضع فرضية التحقيق والتي تمحورت حول (عدم وجود قانون للعقوبات البديلة ، يكبد الدولة 64 مليون دينار سنويا، ويزيد عدد مرتكبي الجرائم الى 40% من عدد السجناء)
واجهت خلال العمل عدة صعوبات وتحديدا في البحث عن الحالات التي كانت تخشى ان تتحدث عن معاناتها من عدم وجود قانون للعقوبات البديلة، وتحديدا الجانحين، إذ طلب مني أحدهم مبلغا من المال لقاء ذلك، لكن حفاظا على شفافية التحقيق الاستقصائي رفضت طلبه، وبدات بالبحث عن غيره الى أن وفقني الله بحالات أخرى تمكنت من أقناعها بضرورة إجراء اللقاء.
ومن الصعوبات الأخرى التي واجهتها رفض عدد من المسؤولين بالقضاء التحدث عن العقوبات البديلة الا بموافقات من رئيس المجلس القضائي، كذلك رفض مدير ادارة مراكز الاصلاح والتاهيل التصوير داخل السجن لعدد من الحالات الا بموافقة مديرية الامن العام، وحتى هذه اللحظة لم يصلني اية ردود على طلب التصوير، رغم أن سن القانون من شأنه التخفيف عن كاهل مديرية الامن العام فيما يخص كلف الإيواء المرتفعة للسجناء والاكتظاظ داخل السجون .

أهمية التحقيق
تكمنت في هذا التحقيف من لفت الأنظار لأهمية مثل هذا التشريع، وبينت كيف سيؤدي سن القانون إلى تخفيض نفقات الإيواء في السجون والتي تصل الى 64 مليون دينار سنويا، ناهيك عن انخفاض نسبة التكرار في الجرائم الى 10% ، فضلا عن الانعكاسات الاجتماعية الايجابية في حال سن القانون وأهمها التخفيف من مشكلة التفكك الاسري وما ينجم عنها من جرائم نتيجة سجن المعيل.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *