مها البهنساوي - أشهر مصنع لحوم فى مصر ينتج "لانشون" يحتوى على مواد مسرطِنة

2011/10/9
التاريخ : 09/10/2011

بدأت فكرتنا عن كشف كواليس عمل اللحوم المصنعة عندما اصبنا بتسمم غذائى بعد تناولنا احدى الوجبات السريعة ، وقتها قررنا عمل فرضية خاصة بالكشف عن اجابة للسؤال الصعب “ماذا نأكل ؟”, وقررنا اختيار اللانشون لانه الاكثر انتشارا والاسهل تحضيرا، ويضاف الى ذلك انه يعد وجبة رئيسية بين سندوتشات الاطفال في المدارس فالغالبية يحبون طعمه ويعتبرونه ضمن الاكلات المفضلة.
تجولنا في الاسواق العامة لمعرفة انواع اللانشون الموجودة والاكثر استهلاكا وبحثنا وراء السبب التي تجعله الاشهر ، وتوصلنا الى ان مصنع (ص.ع) هو احد اهم واقدم مصانع اللانشون في مصر ، ويختلف عن باقي المصانع في سعره الذي يجعله في متناول كل فئات المجتمع وخاصة محدودي الدخل.
لم يكن من السهل الدخول الى المصنع ومعرفة ما يتم عمله في هذه الصناعة، فالامر تطلب منا مراقبة المكان اكثر من يومين للوصول الى طريقة تتيح لنا دخول المنشاة ورصد كل ما يحدث اثناء عملية التصنيع، تعرفنا على مقاول انفار يمتلك القدرة على توظيف العمال داخل المصنع وكان الدخول عن طريق البطاقة الشخصية مع احتفاظه بصورة منها،ووقتها لم يطلب احد بطاقات صحية كما هو متعارف عليه قانونيا عند العمل فى المواد الغذائية ، قمنا بالعمل داخل المصنع لمدة اربعة ايام متواصلة، رصدنا خلالها بالفيديو طريقة تصنيع اللانشون من جلود الدجاج والحواشي البقرية وايضا الكارثة الكبرى التي كشفنا عنها من انه يتم اعادة تدوير اللانشون الفاسد او منتهي الصلاحية.
ما تعرضنا له فى تلك الايام اشبه بالكابوس ، بداية من رائحة العفن التى تملئ المكان والتى كادت ان تتسبب فى اصابتنا بالقئ ، ولكننا تماسكنا حتى لا نفقد تلك الفرصة ، ولكن فى الوقت نفسه على المستوى الشخصى فقدنا شهيتنا عن اغلب الطعام وخاصة اللحوم لفترة ، لذلك تحولنا الى نباتيين طوال فترة عملنا بالمصنع وبعدها ايضا لعدة ايام .
اعتقدنا اننا بتلك الخطوة قد انتهينا من المهمة الاصعب فى التحقيق ، ولم نعرف ان البحث عن معمل تحاليل يفسر لنا ما رأته اعيننا الى تحليل دقيق يسلتزم ان نكون جهات رسمية معنية بصحة المستهلك ، هكذا كان رد معامل وزارة الصحة على طلبنا ، فى حين ان معمل اخر معتمد اشترط علينا ان نبلغ النيابة العامة قبل ان يبدأ فى اجراء التحاليل على اللانشون ، ووقتها عرفنا جيدا ان الموضوع سيتحول برمته الى مجرد قضية فى احد ادراج النيابة .
عدة اسابيع قضيناها نطرق كل ابواب معامل التحاليل المعتمدة ، الى ان وافق معملين بجامعة القاهرة احدهما اشترط علينا كتابة اقرار اننا لن نذكر اسمه فى التحقيق ، وبالفعل اجرينا التحاليل والتى فاقت تخيلاتنا فيما اثبتته ، ليس فقط لان العد البكتيري للميكروبات تعد كل الارقام القياسية وجاءت نتائج جميع العينات بعدم مطابقتها للمواصفات القياسية ، ولكن كشفت ايضا عن وجود فطر “الاسبراجيليس فلافس” المنتج للفطر المسرطن “الافلاتوكسين”، اى اننا ناكل لحوم ليست فقط ضارة وانما مسرطنة.
وبعد نشر الموضوع كان رد الفعل الجماهيري اكبر مما توقعناه ، توقفت نسبة كبيرة من الاسر عن شراء منتج اللانشون بشكل عام ليس فقط من هذا المصنع ولكن ضعف الرقابة عليه جعل كل الشركات شريكة فى جريمة مصنع “ص.ع” ، بالاضافة الى قيام وزارة الصحة بحملات تفتيشية اغلقت على اثرها عدد من المصانع الصغيرة وسحبت عينات من مصانع اخرى وجارى انتظار النتائج ،بالاضافة الى مطالبة جهاز حماية المستهلك وعدد من الاجهزة الرقابية الاخري المجلس العسكري بضرورة الموافقة على مشروع قانون الغذاء الموحد الذى يجمع كل الجهات المعنية بالرقابة على الاغذية تحت مظلة واحدة تسمى جهاز سلامة الغذاء بدلا من تعدد الرقابة وفشل اغلبها فى تحقيق الهدف منها ، واخيرا قيام بعض منافذ بيع منتجات “ص.ع” بتبديل منتجاته من اللحوم المصنعة الى انواع الجبن المختلفة ، وكأنه غير نشاطه بعد توقف بيع منتجاته.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *