نبعت فكرة التحقيق من رحم معاناة الكوادر التعليمية في المدارس السورية التطوعية المتناثرة في عموم الأراضي التركية, والإهمال المستمر لحقوقهم، وانعكاساته على مستقبل الطلبة السوريين, في تلك المدارس الاستثنائية، الفاقدة للضوابط والرقابة.
ورغم سمو المقصد، واجهتني بعض العقبات خلال التحقيق, كان أبرزها رفض وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة “عماد برق” مقابلتي لمرتين “لأسباب تخص الوزير”، الذي تفصلني عنه مسافة 200 كم. رغم تأكيدي وإصراري على أهمية اللقاء، وضرورة أخذ إجابات واضحة لتساؤلات عديدة. لأجد نفسي أمام خيار وحيد لا مفر منه، مقابلة مسؤول آخر لا يمتلك معلومات شاملة حول كافة المسائل الحساسة, ويفتقد لحجم صلاحيات الوزير, وبالتالي إجابات منقوصة.
أيضا لم يكن من السهل دخول المدارس، وإجراء استبانة لمدرسين لازال بعضهم يتخوف من تسرب بياناته الشخصية لجهات موالية “للنظام السوري”، ما قد يعرض أقاربهم في مناطق الأخير لمخاطر محتملة. أما بقية المدرسين الذين وجد اليأس طريقا معبدا لقلوبهم،لم يؤمنوا بوجود حل لمسألتهم في ظل الظروف الراهنة. بمعنى آخر ستتعب نفسك ولن يساعدنا أحد. وهذا ما أدخلني بنقاشات وعقبات عديدة حاولت جاهداً تجاوزها ولكن دون جدوى.
من جهة أخرى, أوقعتني الحيرة بأسئلة كثيرة للذات. من أين سأبدأ وسط هذه الفوضى؟!, ومن المسؤول؟، جهة بعينها أم جهات؟. هل ما يجري ممنهج, أم كارثة عظيمة تقزم أمامها الجميع؟. كل هذه الأسئلة وغيرها راودتني أثناء التحقيق الذي استغرق عشرة أشهر.