محمد عثمان - أنفاق غزة.. "شركات استثمارية" تكسب أرباحا مضاعفة

2010/10/25
التاريخ : 25/10/2010

اكتسبت الانفاق على الحدود الفلسطينية المصرية مشروعيتها من الظلم الذي وقع على القطاع وسكانه من خلال حصاره من قبل الاحتلال الاسرائيلي, وبغض النظر عن مشروعية هذه الوسيلة من قبل المجتمع الدولي او العربي او حتى الاسرائيليين ام لا, وبشكل بديهي نجد ان الهدف الرئيسي المناط بها هو التخفيف عن كاهل المواطنين متاعب ذلك الحصار ومشاكله وحل ازمة اقتصادية قبل ان تكون انسانية قد حلت بالقطاع, فاستطاعت بذلك وبعددها الكبير ان توفر كافة السلع التي منع ادخالها الاحتلال الاسرائيلي للقطاع كما ونوعا وعملت على تخفيف ازمة المواطنين واعتبرت معابر ارضية تجارية, وفي مقابل ذلك حدثت مشكلة اقتصادية اخرى حيث زادت اسعار المواد بشكل رهيب جدا بحيث وصلت اسعار بعض المواد في بداية انشاء الانفاق الى 1000في المائة واكثر على غرار الاسمنت وباقي مواد البناء, والان قد انخفضت نسبة الغلاء لتصل تقريبا الى 300 في المائة من سعرها الاصلي قبل الحصار… والنقطة الاهم في الموضوع ان بعض الاشخاص (اباطرة الانفاق) الذين لم يكونوا يملكون الكثير من المال اصبحوا الان من الطبقة الغنية في المجتمع بفضل عملهم بالانفاق ومن ثم امتلاكهم لها (الكسب غير المشروع) من خلال استغلال حاجة المواطنين وتهريب البضائع بمبالغ باهظة كما ذكرت سابقا.

فالهدف من خلال اجرائي لهذا التحقيق هو معرفة من المسئول عن مشكلة رفع اسعار بضائع الانفاق بهذا الشكل الفاحش بشكل دقيق والتاكد منه, واستيضاح مدى جدوى الانفاق في ظل الحصار من ناحية وفي ظل غلاء الاسعار المهربة من خلالها من ناحية اخرى, وبعبارة اخرى من المسئول على ان تحيد الانفاق عن هدفها الاساسي وهو التخفيف عن كاهل المواطنين الى مجرد استغلال حاجة المواطنين والربح المادي بشكل مقزز.

لذلك كانت الفرضية التي وضعتها واجريت التحقيق من خلال هي كالتالي: “في الوقت الذي تحل فيه انفاق التهريب في قطاع غزة مشكلة نقص المواد الاساسية بسبب الحصار الاسرائيلي، فانها تشكل عبئاً اقتصادياً على المواطنين بسبب ارتفاع الاسعار، بينما يزداد ثراء امراء الانفاق دون ان تتخذ السلطات المسؤولة اية اجراءات”.

وبفضل من الله استطعت تأكيد هذه الفرضية من خلال ما تحصلت عليه من وثائق وردود افعال المواطنين وتجاوبهم معي, وباشراف الاستاذ وليد بطراوي مشرفي في هذا التحقيق استطعت الوصول الى تحقيق استقصائي متكامل وبفضل توجيهه المتواصل وبشكل يومي خرج التحقيق الى النور.

المشاكل التي التي واجهتني:
على صعيد الميزانية, واجهتني عقبة توزيع المال لانه ليس لدي خبرة مسبقة بالميزانيات, فمثلا نقص في جانب الاتصالات استطعت اقتطاع مبلغا من المواصلات والمأكل وتغطية الاتصالات به.
على صعيد التحقيق, فهناك واجهتني العديد من المشاكل, وهي عدم تجاوب المسئولين معي في التحقيق فكنت اواجه تحدي وهو انه عليّ الاستمرار في التحقيق دون حدوث أي ارتباك فقمت بعمل لقاءات مثلا مع مسئولين دون ان اوضح مباشرة فحوى التحقيق او ان اتحدث اليهم بان التحقيق هو مجرد تغطية جانب من جوانب الحصار.
وهناك مشكلة ايضا واجهتني وهي قيام امبراطوريات من اصحاب رؤوس الاموال في الانفاق وكان يصعب عليي القيام باجراءات لقاءات معهم وحتى مع الصغار منهم, فكان يأخذ ذلك معي وقتا طويلا وبالتالي زاد الوقت المقرر للتحقيق.

الدروس المستفادة:
على الصعيد المهني والشخصي, فقد كانت هذه اول تجربة لي في مجال التحقيقات الاستقصائية, وكانت من أجمل وأفضل التجارب التي خضتها في مجال الصحافة والصحافة الاستقصائية واعتبر نفسي منذ اللحظة صحافي متقصي فلسطيني, وهذه التجربة هي بمثابة دورة لمدة شهرين ونصف- ثلاثة اشهر على يد مشرفي المباشر الأستاذ وليد بطراوي.

على صعيد التحقيق نفسه, فأنني وجدت بأن بإمكان الصحافي تسليط الضوء على جوانب سلبية في حياة المجتمعات دون أن تعيها المجتمعات نفسها, فكما يقال “وضعت يدي على الجرح” دون أن يعرفه صاحب الجرح, فوجد استحسان الكثيرين أنني قمت بتسليط الضوء على هذا الجانب.

ردود الفعل:
لم أجد حتى الآن ردود فعل رسمية ولا حتى من قبل مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان على هذا التحقيق, لكن حينما قمت بنشره في مواقع الكترونية كثيرة من ضمنها موقع شبكة اريج فقد وصلني العديد من التعليقات التي تثني على التحقيق وتطالب بإجراء تحقيق جنائي وقانوني, وكان من ضمن التعليقات سواء الفلسطينية او العربية التي قالت بأن ما جاء بالتحقيق لم يكن معلوم لديهم وبأن صورة الإنفاق لديهم تختلف كليا عما ورد بالتحقيق.


تليقاتكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *