يحتل ملف النظافة و العناية بالبيئة الجزء الأكبر من اهتمام المواطن و المجتمع المدني و الحكومة في البلاد التونسية. إذ لا يزال هذا الملف يمثل التحدي الأكبر في تونس بعد الثورة.فحالة الإنفلات على مختلف الأصعدة و موجات الإحتجاج المتكررة التي تعيش على وقعها البلاد التونسية منذ حوالي 06 سنوات و ضعف الإدارة و أجهزة الرقابة عمقت من مشكل التصرف في النفايات بصفة عامة و هو ما أثر سلبا على نوعية الحياة و صحة و رفاهة المواطن التونسي سيما و أن هذا المشكل يتجاوز المشاكل الصحية ليمثل خطرا على المحيط و البيئة على المدى البعيد.
ومن هذا المنطلق ولدت فكرة إنجاز تحقيق إستقصائي تحت إشراف شبكة أريج، خاصة بعد مشاركتي في دورة تدريبية حول أسس و أبجديات الصحافة الإستقصائية. و قد تم اختيار موضوع النفايات الخطيرة و كيفية التصرف فيها وبدأت الفكرة تتبلور تدريجيا بتحديد فرضية أولية لتناول الموضوع تعلقت بأساليب معالجة النفايات الإستشفائية و مخاطر إلقائها عشوائيا. وبدأ العمل من خلال الاطلاع على المقالات والدراسات التي تناولت هذا الموضوع، تجميع المعلومات و الوثائق، وتفحص القوانين التي تنظم هذا القطاع و تحديد المصادر المفتوحة و المغلقة بالإضافة إلى التفكير في مرحلة اللقاءات مع المسؤولين ومحاورة الضحايا.
بالنسبة لمرحلة الإنجاز الفعلي للتحقيق فقد كانت فعلا رحلة ممتعة و شيقة رفقة المشرفة على التحقيق زميلتي وصديقتي بهيجة بلمبروك التي مآنفكت تبعث بشحناتها الإيجابية و مؤازرتي للنبش عن الحقيقة و للتدقيق في أدق التفاصيل و توثيقها صوتا و صورة .
ومن بين الصعوبات التي واجهتها هي الكم الهائل للمعلومات التي جمعتها حول هذا الموضوع و تفرعها على زوايا متعددة فكان هناك نوعا من الإضطراب و التخوف من عدم التوصول لكشف الحقيقة وإثباتها لكن و بفضل مساندة المشرفة بهيجة بالمبروك التي ساندتني في بلورة الفرضية بأكثر دقة ومساهمة الرائد في مجال الصحافة الإستقصائية مارك لي هانتر الذي كانت تدخلاته مفيدة و بناءة.
أشدد على أن يوم نشر التحقيق كان موعد ميلاد مسيرة جديدة في حياتي المهنية أخطوها بكل فخر، بمساعدة و مؤازرة أصدقائي و رفقاء الدرب الذي خضت معهم تجربة التحقيق الإستقصائي، للنبش في خفايا الأحداث قصد الوصول إلى الحقيقة وتغيير الواقع نحو الأفضل.